أنه رأس السنة الاكيتو… وليس يوم الكذب العالمي

يُعد العيد في كل الأديان عنصرا جوهرياً من عناصر العبادة إذ يشترك فيه الناس جميعاً في أيام معينة من السنة، كما وتمتد الأعياد بعيداً من تاريخ البشرية ربما إلى الحقبة التي سبقت ظهور الزراعة، إلا ان التحول الذي حدث في حياة الانسان خلال العصر الحجري الحديث، أدى الى نشوء الأعياد الموقوتة، إذ أصبح الإنسان يدرك فكرة المواسم والفصول الطبيعية التي تدور حولها الدورة الزراعية، لأنه بدأ يقيس الزمن بالتقويم الشمسي، كما اتخذ من الاعمال الزراعية وحدات لقياس الزمن.

كان لسكان وادي الرافدين أعياد كثيرة منها أعياد دينية، ومناسبات تقترن بالأفراح مثل: تتويج الملوك، الاحتفال بالنصر وغيرها، وكان جميع الناس يشاركون في تلك الأعياد ومن أبرزها كان عيد رأس السنة الجديدة او ما يعرف ب أكيتو.

حيث يُعد الأكيتو واحداً من أقدم الأعياد المسجلة في المشرق بحيث استمرت طقوسه آلاف من السنين، فقد كان يحتفل به منذ منتصف الاف الثالث ق م ولغاية القرن الثاني ق م.

عيد الاكيتو الذي يعتبر اهم الأعياد في بلاد الرافدين هو الأساس لكل أعياد رأس السنة في العالم وحتى يومنا هذا.

ففي كل سنة كان السكان يحتفلون بهذا العيد الذي يصادف الأول من نيسان وحسب التقويم البابلي كنتيجة للاعتدال الربيعي ويستمر الاحتفال لمدة 12 يوم يعني من 1 نيسان الى 12 منه.

اعتبرت تلك الأيام مقدسة، وكان يقام في هذا العيد احتفالات لقراءة الاساطير والملاحم والقصص الشعبية (الاينما إليش جلجامش اسراء ومعراج اتيانا قيامة تموز، عشق عشتار) الخ

وكان لهذه الاحتفالات بيت يعرف ببيت الاكيتو وعادة ما يكون خارج المدينة.

كيف انتشر الاكيتو عند الشعوب القديمة؟

تجدر الإشارة الى ان هذا العيد كان من الأسباب المهمة التي أدت الى سقوط بابل العظيمة على يد الفرس الاخمينيين يقيادة قوروش الاخميني، حيث قرر آخر ملوك بابل نبونائيد بعدم إقامة الاكيتو فقامت قيامة اهل بابل، هنا استغل قوروش الوضع المستجد في بابل ثم دخلها وعمل على تغير جوهر العيد وفرض قوروش إلههم اهورمزدا بدل إله مردوخ ثم تحول العيد تدريجيا الى عيد فارسي تحت اسم: نوروز (اليوم الجديد).

ثم انتقل هذا العيد الى الكنعانيين وكان بعل هو مناسبة هذا العيد، ثم عيد ايزيس واوزاريس عند المصريين باسم شم النسيم كذلك الامر بالنسبة الى الاغريق وعيد ديونسيوس.

ثم انتقل هذا العيد الى الفينيقيين تحت اسم الادونيات تحديداً عيد الهفريس فهو عيد قيامة وبعث ادونيس في بداية الربيع أيضا.

وهكذا نرى كيف انتقل هذا العيد أيضا الى الكرد بحيث تأثروا بهذا العيد عندما جعلوا من ملحمة كاوه الحداد نواة لعيدهم الجديد.

اما عند الايزيديين فيسمى هذا العيد جه زتا سه ري سالي وهو عيد رأس السنة والتي تبدأ أيضا بأول يوم اربعاء من نيسان

وعند المندائيين يسمى البنجة ويعرف أيضا ب «دهوه بروانابا» ومدة الاحتفال 5 أيام ومن اهم طقوس هذ ا العيد التعميد بالمياه.

اما عند الصابئة الحرانيين فيحتفلون بعيد رأس السنة في الأول من نيسان وهي مناسبة للإكثار من تناول الطعام ورمي الشياطين بالحجارة

إذا هكذا نرى ان كل تلك الأعياد كان مصدرها الاكيتو من وادي الرافدين والذي انتشر شرقا وغربا، كما كان الهام عيد رأس السنة حسب التقويم الحالي اليوم والذي تحول الى بداية السنة الميلادية عند المسيحيين أي كانون الثاني يناير.

انطلاقا من هذه المعطيات التاريخية المثبتة يمكن رؤية المزاعم والاهداف من وراء جعل الأول من نيسان يوم الكذب العالمي واستبداله بالاكيتو يوم رأس السنة الخاص بمشرقنا العظيم وبالرغم من التأويلات الكثيرة حول احتفال معظم سكان الأرض بيوم الكذب العالمي او (يوم الحمقى) وبصرف النظر عن التحول الذي جرى من اليولياني الى الغريغوري بنقل رأس السنة من الأول من نيسان الى الأول من كانون الثاني يبقى اختراع (كذبة نيسان) الهدف منه احتلاله مكان الاكيتو وطمس هذا الإرث الجبار المنتمي الى هذا المشرق العظيم، فاحذروا من تزوير التقويم.

نعم سوف نستمر بالاحتفال بهذا العيد دون كذب او مراوغة ونصدح بأعلى صوتنا أكيتو بريخو وكل سنة نحن ومشرقنا العظيم بألف خير.

المراجع:

 فاضل عبد الواحد، الأعياد والاحتفالات، حضارة العراق القديم، ج 1

جورج كوينتو، الحياة اليومية في بابل واشور

خزعل الماجدي مقالة بتاريخ 21/03/2021

طه باقر، تاريخ العراق القديم ج2

نجا حمادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *