جيش الظل والمسكوت عنه في التاريخ

جيش الظل والمسكوت عنه في التاريخ

جيش الظل والمسكوت عنه في التاريخ، كتابان حول الاختراقات الصهيونية لأوساط الإقطاع الفلسطيني وسماسرة الأراضي، والعقاب الذي لاحق هذه الأوساط من المقاومين الفلسطينيين. م
صدر الأول (جيش الظل) عن دار بيسان في بيروت بقلم (هيليل كوهين) وترجمة هالة العوري، وصدر الثاني عام 2022 عن دار الفارابي في بيروت بقلم المؤرخ والكاتب الفلسطيني، محمد سعيد دلبح، صاحب الكتاب الشهير أيضا (ستون عاما من الخداع) حول عرفات وفريقه الذي قاد الشعب الفلسطيني إلى كارثة أوسلو.
بحسب الكتابين، جيش الظل والمسكوت عنه، إذا كان معروفا لقاء الزعيم الصهيوني، وايزمان، مع الأمير فيصل 1919 (ملك العراق لاحقا)، فقد لا يكون معروفا جولة اللقاءات التي عقدها وايزمان عام 1920 مع عدد من الزعامات الإقطاعية والعشائرية الفلسطينية، وشملت حيدر طوقان رئيس بلدية نابلس وزعماء العشائر في بيسان، وبينهم زعماء من عائلة أبو غوش.
بعد اندلاع ثورة 1936 ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، قرر هذا التحالف مواجهة الثورة والشعب العربي الفلسطيني باختراق الوسط الفلسطيني نفسه عبر قوى وأحزاب وصحف عميلة، فقد تمكن جهاز المخابرات في القسم السياسي للوكالة اليهودية من زرع ما لا يقل عن 280 مقالاً مدسوساً في الصحف اللبنانية والسورية، نشرت إما باسم هيئات تحرير تلك الصحف وإما بأسماء عربية مستعارة وإما على شكل تقارير.
وكان مهندس هذه اللعبة، حاييم كاليفاريسكي، رئيس القسم العربي للجنة التنفيذية من وكالة الشرق في القاهرة، ومن الصحف التي تم دعمها لهذه الغاية: صحيفة الخبر في يافا، ولسان العرب لصاحبها إبراهيم النجار، كما تم دعم العديد من الصحف العربية، مثل صحيفة الأيام السورية لصاحبها نصوح بابيل، وصحيفة العهد الجديد اللبنانية لصاحبها خير الدين الأحدب (صار لاحقاً رئيساً للحكومة اللبنانية)، وصحف مصرية مثل (إسرائيل والشمس) والسياسة والمقطم ومجلة الكاتب المصري.
أما على الصعيد السياسي واختلاق أو دعم قوى سياسية، كان الضابط البريطاني كيشن قد اهتم بهذه المسألة مركزاً على قوى مثل: حزب الدفاع برئاسة النشاشيبي، وفصائل السلام.

فصائل السلام:
وضعت هذه الفصائل تحت إشراف الضابط البريطاني تشارلز تيجارت بمشاركة فصائل تابعة لفخري النشاشيبي.
حزب الدفاع:
مقابل الحزب العربي الفلسطيني بزعامة جمال الحسيني والقيادات الأخرى للثورة، كان حزب الدفاع ينخرط إلى جانب الاحتلال البريطاني، وقد ضمت قيادته راغب النشاشيبي، فخري النشاشيبي، الشيخ أسعد الشقيري، سليمان طوقان، عمر البيطار، يعقوب فراج.
يتناول هليل كوهين، تعاون النشاشيبي مع الصهيونيين، ويصفه بـ “التنسيق الأمني”، وكان فخري النشاشيبي قد تولى الحملة الإعلامية 1938 بتمويل الوكالة اليهودية، وتنفيذ العمليات ضد الثوار وأنصارهم. وقد التقى فخري وساسون ورئيس الحكومة اللبنانية آنذاك خير الدين الأحدب لترتيب خطة عمل ضد المفتي، تضمنت تشديد الرقابة على الحدود اللبنانية مع فلسطين لمنع تهريب الأسلحة وتزويد الحكومة الفرنسية بمعلومات عن الثوار.
ودعت جريدة الصراط المستقيم الناطقة بلسان حزب الدفاع في مقال نشره صاحبها الشيخ عبد الله القلقيلي في 18 أيار / مايو 1938 سلطة الاحتلال البريطاني إلى القضاء على الثورة.
حالات عميلة أخرى:
بالإضافة إلى ما يعرف بفيالق السلام (ميليشيات مسلحة) بزعامة فخري النشاشيبي، التي كانت تتلقى التمويل والأسلحة من الوكالة اليهودية، وبالإضافة أحزاب المزارعين (سلف روابط القرى)، أقامت الوكالة اليهودية وإدارة الاستعمار البريطاني في فلسطين، العديد من الهيئات السياسية والاجتماعية العميلة مثل:

  • اتحاد السامية.
  • اتحاد القدس للسلام.
  • الاتحادات الإسلامية الوطنية.
    كما جرى الاهتمام بالجانب الإعلامي الذي يروج للحركة الصهيونية بأقلام فلسطينية وعربية وأنشأت أو دعمت صحف: لسان العرب لـ إبراهيم النجار، وجريدة الخبر – يافا، ودعمت أو أصدرت دراسات وكتبا باسم شخصيات معروفة، مثل الحقائق المجهولة، باسم أكرم طوقان، والعرب واليهود في التاريخ باسم عارف العسالي، بالإضافة إلى مقالات مؤيدة للوكالة اليهودية صدرت بأسماء مثل الشيخ أسعد الشقيري (والد أحمد الشقيري، أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية).
  • فخري عبدالهادي، كما يلاحظ المؤرخ والباحث العربي الفلسطيني، محمد سعيد دلبح، فإن المشاركة في الثورة ليست صك براءة أبدية، ففي كل الثورات هناك من يتساقط ويصبح عميلاً للعدو ، وهذا ما ينطبق على فخري عبدالهادي، ولم يقل دور فخري عبدالهادي عن دور فخري النشاشيبي، لكونه قائداً سابقاً لأحد فصائل ثوار عام 1936، ولم تنجح محاولات الثورة في الحد من خطر تمدد نفوذه، وتجمع حوله كل خصوم الثورة، وبدأت سلسلة من ملاحقة الثوار واغتيالهم.
  • حالة سبق للمخابرات البريطانية أن أسستها قبل ثورة 1936 هي الجامعة الوطنية الإسلامية، ويشار هنا إلى عشرات المشايخ الذين تعاونوا مع الوكالة، مثل:
  • الشيخ عبد الرحمن التاجي الفاروقي – الشيخ حسين أفندي من الحولة – الشيخ علي نور الخطيب من مشايخ المسجد الأقصى – الشيخ عبد الرحمن الخطيب من القدس – الشيخ محمود الدجاني – الشيخ عبد القادر درويش – الشيخ أديب رمضان إمام مسجد الرملة – الشيخ أسعد الشقيري من عكا – الشيخ خليل طه – الشيخ سعد العوري قاضي القدس الشرعي – الشيخ رباح عواد من الجليل الغربي – الشيخ عبد القادر المظفر – الشيخ محمد النبهاني من بيسان.
  • بعض القبائل البدوية مثل قبيلة الهيب التي شاركت مع الهاغاناه الصهيونية بمهاجمة القوات السورية التي دخلت فلسطين كما تم تجنيد بعض بدو النقب في شرطة الجمال التابعة للاحتلال البريطاني.
  • حزب الزراع، والذي تعود جذوره إلى جمعية تعاونية في قرية إجزم – حيفا قبل أن تتحول إلى حزب عميل، ويقتل مؤسسه موسى هديب 1925.
    ملاحقة العملاء وتصفيتهم
    مقابل عدد من الشهداء الذين اغتالهم عملاء الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، وبينهم الشهيد قائد الثورة عبد الكريم الحاج محمد (1339)، ومقابل تسليم الإدارة في الأردن للمناضل عارف عبد الرازق نفذت الثورة سلسلة من عمليات تصفية العملاء طالت أخطر عميلين هما: فخري النشاشيبي الذي أعدمه فريق من الثوار بقرار من عبد القادر الحسيني أثناء زيارة له إلى بغداد 1941، وفخري عبد الهادي الذي أعدمه الثوار في عرّابة 1943.
    ويشير الكتاب إلى أنه بين الجماعات الفلسطينية التي نفذت عمليات تصفية العملاء، جماعة الكف الأسود التي انبثقت من مجموعات الشيخ عزالدين القسام 1937 وقادها سرور برهم ومحمد الحنيطي (الضابط السابق في الجيش الأردني).
    ومثل الكف الأسود، جماعة الكف الأخضر التي تأسست 1929 بقيادة أحمد طافش، وشنت هجمات على الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية وانتهت باعتقال قائدها في الأردن.
    ومن العملاء الآخرين الذين طالتهم الاغتيالات حسين الدجاني ورافع الفاهوم.
    وسماسرة بيع الراضي: شريف الشنطي وموسى هديب الدوايمة وصالح علي حمدان من لفتا (ص81)، كما أطلق الثوار النار على العملاء حافظ الحمد الله من عنبتا وفريد ارشيد من جنين. (ص208)

روابط القرى، امتداد لفصائل السلام
تلازمت روابط القرى مع مرحلة الليكود ومشاريعه حول الإدارة المدنية المرتبطة بالاحتلال مباشرة بدون الوسيط الأردني. وكان أول مكلف بها هو الوزير الأردني السابق في حكومة التل 1972، مصطفى عيسى يونس دودين، الذي تولى رئاسة الاتحاد الوطني كإطار أردني لاستيعاب تداعيات أيلول 1970، وبدأت الروابط في الخليل، ثم رام الله برئاسة يوسف الخطيب (جرت تصفيته)، ثم نابلس برئاسة جودت صوالحة من عصيرة، ثم بيت لحم برئاسة بشارة قمصية، ثم قلقيلية برئاسة يونس حنتولي من سيلة الظهر، ثم قباطية برئاسة أحمد راغب، ثم مناطق طولكرم (أحمد سلامة، إسماعيل مرزوق العزوني، وعبد الرحمن سنينة).
ومن الذين عملوا مع الروابط أيضاً أحمد فلتة، وجودت أبو فخيذة (رأس كركر) ونبيل نبهان (دير قديس) وزيدان الهندي (عين عريك) وسامي العبسي.
كما أصدرت الروابط 1982 صحيفة باسم (المرآة) كان من كتابها: سامر الدرابيع، محمد ناصرية، محمد أمين، إياد عبد القادر، منير الشاويش، إياد وعزيز الرجوب، محمود دودين، وحسن التل.
أوسلو، امتداد لفصائل السلام
يرى المؤرخ والكاتب الفلسطيني، أن بين سلطة أوسلو ومحمود عباس، وبين فصائل السلام والنشاشيبي، أدوات الاحتلال البريطاني – الصهيوني لقمع ثورة 1936، وبين روابط القرى التي أنشأها الاحتلال الصهيوني، تشابه كبير
فثلاثتها، فصائل السلام، وروابط القرى، وسلطة أوسلو ظهرت في حقيقتها كمراسيم صادرة عن سلطات الاحتلال، وضمن مهام واضحة على رأسها التنسيق الأمني لملاحقة الثوار وليس بلا معنى كما ينقل عن عباس قوله (التنسيق الأمي مع الاحتلال، مقدس) وهو الذي أدى ويؤدي دائماً إلى ملاحقات انتهت باستشهاد العديد من المعارضين المقاومين، سواء تحت التعذيب مثل مجد البرغوثي 2008 أو نزار بنات، أو عبر رصاص الاحتلال مثل باسل الأعراج وفادي البطش في ماليزيا 2018.
ملف الأراضي وكيف بيعت
الملف الثاني الذي تناوله كتاب المؤرخ والباحث العربي الفلسطيني، محمد سعيد دلبح، هو ملف الاراضي وكيف بيعت ومن هم الباعة الكبار وحجم الأراضي التي وصلت عن طريقهم للعصابات الصهيونية، سواء بسبب السياسات العثمانية أو البريطانية والسماسرة والملاكين المرتبطين بها، وكذلك بسبب ما أدت إليه هذه السياسات من بلترة الفلاحين ونزع أراضيهم بالمصادرة والروسم والضرائب المختلفة
ومن ذلك تحويل الأراضي الأميرية إلى أراضي ملكية تحت تصرف هذه الحكومات، وقانون انتقال الأراضي لعام 1920 الذي أزال جميع القيود المفروضة على التملك اليهودي. إذ نعرف أن اليهود حصلوا على مثلاً على 180 ألف دونم من حكومة الانتداب على شكل امتيازات في الحولة وبيسان 650 ألف دونم كانت مسجلة باسم السلطان عبد الحميد الثاني كما نعرف انه رغم كل أشكال التواطؤ والسمسرة والبيوعات من العائلات البيروتية (أكبر مالك للأراضي في فلسطين) ومن العائلات الفلسطينية الإقطاعية، ما وصل إلى يد اليهود 1947 حوالي مليوني دونم من أصل 27 مليون دونم هي مساحة فلسطين الكلية من اليابسة والمياه.
أما أشهر العائلات البيروتية وبيوعات الأراضي التي باعتها للوكالة اليهودية واليهود، فهي:

  • عائلة سرسق، وكانت تملك 60 قرية مع أراضيها في سهل مرج بن عامر، حصلت عليها من الدولة العثمانية، وقد باعت 240 ألف دونم من هذا السهل.
  • عائلة تويني، وقد باعت 18 ألف دونم في قضاء عكا.
  • عائلة القباني، وقد باعت 16 ألف دونم غرب طولكرم.
  • عائلة سلام، وكان زعيمها سليم سلام المفوض العام للشركة العثمانية في سوريا.
  • عائلة التيان، وقد باعت اراضيها في وادي الحوارث، وكان محامي الصفقة عوني عبدالهادي.
  • عائلات أخرى مثل الشمعة واليوسف والأمير سعيد الجزائري.
    ومن الوسط الفلسطيني الإقطاعي:
  • شريف الشنطي، (قلقيلية) باع الأرض التي أقيمت عليها مستوطنة المجدل.
  • الشيخ أبو كشك، باع الأرض التي أقيمت عليها مستعمرة ها شارون.
  • عمر البيطار (يافا)، أرض مستعمرة بني براك.
  • صالح حمدان، أرض مستعمرة ناتانيا.
  • نصر الله خوري، أرض مستعمرة إيفني يهودا.
  • مصطفى بشناق، أرض مستعمرة كفر يونا.
  • إسماعيل الناطور، أرض مستعمرة فاديما.
  • التاجي الفاروقي، أرض مستعمرة وكيبوتزات جيفات.
  • عبد الفتاح درويش.
  • ومن سماسرة الأرض الآخرين: درويش الدجاني (القدس)، وصالح علي قاسم (طولكرم)، وحنون والجيوسي والشوا.