تُجمع التقارير والمعلومات المتوفرة والمسربة من هنا وهناك، على أن تطورات المسار الرئاسي اللبناني باتت مفتوحة على كل الإحتمالات، حيث تقاطعت المصادر حول إلتقاء الديبلوماسيتين الفرنسية والسعودية، وهما الأكثر نشاطاً في الملف اللبناني، على إعطاء فرصة أو مهلة لطرفي المواجهة الداخلية (أي المؤيد لخيار فرنجية والمعارض له) من أجل تنسيق المواقف وتجميع القوى تمهيداً للذهاب في أقرب فرصة إلى المجلس النيابي وإقتراع كل فريق للمرشح الذي يختاره.
ويبدو أننا بتنا أمام مهلة شهر حاسم في خيارات الملف الرئاسي، من الآن حتى منتصف شهر حزيران المقبل لكي تتضح الصورة لجهة حظوظ فرنجية وفرص تفاهم معارضيه على مرشح منافس له.
فما بعد منتصف الشهر المقبل لن يكون كما قبله، أكان على صعيد تحديد الخيارات ، أوعلى صعيد إتخاذ إجراءات عقابية خارجية تتناول الجهات الداخلية المعرقلة للإستحقاق الرئاسي.
وربما تكون هذه المعطيات والمؤشرات، هي التي دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إطلاق مواقفه البارزة من الإستحقاق الرئاسي، والتي شدد فيها على “وجوب إنجاز إنتخابات رئاسة الجمهورية كحد أقصى في 15 حزيران المقبل، إذ لا أحد يمكن أن يعرف إلى أين يتجه البلد من خلال الإمعان في حالة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية”.
وتُشيرالمعطيات إلى أن الرئيس بري يترقب المواقف والحراك الخارجي ويدرس إمكانية الدعوة إلى جلسة إنتخابية مطلع حزيران المقبل، بعدما تكون قد تبلورت اللقاءات والمشاورات المكثفة التي تجري بعيداً عن الإعلام ، سيما بين التيار الوطني الحر وحزب الله وجوجلة الأسماء.
وتحدثت المعلومات عن أن مبادرتي نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنائب غسان سكاف تصبان في هذا الإتجاه، لجهة حصرالأسماء والتوصل إلى إسم المرشح التوافقي الذي لن يعلن عنه إلا قبل 72 ساعة من إنتخابه كحد أقصى.
في المقابل، تنشط الإتصالات بين القوى المعارضة، حيث تم التوصل إلى لائحة مرشحين من 3 أسماء، هم زياد بارود وصلاح حنين وجهاد أزعور، وذلك بعدما أعادت حركة السفير السعودي وليد البخاري الأخيرة، كرة الملف الرئاسي إلى ملعب القوى المحلية من خلال الإعلان الواضح بأن المملكة لا تضع “فيتو” على أي مرشح، وفي ظل معلومات عن إحتما لعقد إجتماع في الدوحة للدول الخمس المعنيّة بالملف اللبناني هذا الأسبوع .
وفي حال صحت هذه القراءة والتقديرات ، فهذا يعني أن أحد السيناريوهات هو الذهاب إلى المجلس النيابي بمرشحين يخوضان معركة إنتخابية حقيقية، كما حصل عام 1970 لدى إنتخاب الرئيس سليمان فرنجية (جد المرشح فرنجية)، الذي فاز بفارق صوت واحد عن المرشح إلياس سركيس.
وفي حال تمكنت قوى المعارضة ومعها التيار الوطني الحر، من تثبيت التوافق على أحد الأسماء الثلاثة، فهذا يعني أنه سيكون قادراً على تحصيل ما بين 65 و72 صوتاً، أي أصوات كل من التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي والكتائب، والتجدد، وعدد من النواب السنّة، وبعض من نواب التغيير والنواب المستقلين.
وهذا يعني أن هذا الإسم سيكون قادراً على تحصيل الأصوات اللازمة للفوز في الدورة الإنتخابية الثانية، وسيتقدم على المرشح سليمان فرنجية، ما سيضع البلاد أمام 3 إحتمالات، إما إكمال جلسات الإنتخاب وفوزه، وإما إنسحاب فرنجية،أو تعطيل النصاب مجدداً والعودة إلى الحلقة المفرغة.
كل هذه السيناريوهات والقراءات لن تكون بعيدة عن التطورات الإقليمية التي بدأت مع إتفاق بكين بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، وتواصلت مع عودة سوريا إلى موقعها في الجامعة العربية ومشاركتها في القمة المرتقبة في التاسع عشر من الجاري في جدة.
فهل سنشهد عودة لصيغة السين-سين من أجل حلحلة بعض العقد اللبنانية؟ وما هي حقيقة المعلومات التي يتم تداولها عن دور سعودي في ورشة إعادة الإعمار في سوريا؟ وكذلك ما يُحكى عن وساطة يقوم بها رئيس الوزارء العراقي السابق مصطفى الكاظمي بين حزب الله والسعوديّة؟ وعن تعزيز دور الرياض في العراق، والتواصل بين مسؤولين سعوديين وروس حول لبنان، وبين السفيرين السعودي والروسي في بيروت؟؟.
في الخلاصة، بات ملف الرئاسة اللبنانية على نارحامية ويجب أن يُحسم خلال شهر من الآن.