حين نقلّب صفحات الإنترنت والميديا والجرائد الالكترونية بحثا عن مواضيع علمية وطبية متعلّقة بالإجهاد النفسي، غالبا ما نصادف المقالات التي تتناول طرائق ووسائل الاسترخاء بهدف معالجة القلق والخوف وال stress على كل المستويات، وذلك من أجل القضاء على مسببات الإرهاق النفسي والكآبة والأمراض العصبية التي تؤثر على صحة الجسد والعقل وتصيب الفرد بأمراض قاتلة ومسيئة بدرجة عالية.
ولكن ومن ناحية أخرى نتفاجأ حين نراقب سلوكيات زعماء العالم وكيف يتصرفون ببرودة أعصاب غير مسبوقة ولا يعبئون بعذاب الناس الذين يقهرون ويبادون يوميا في كل أنحاء العالم ويقضون في حروب ضارية كما تفتك بهم المجاعات والصعوبات الاقتصادية والمناخية، ونتعجّب من قدرة هؤلاء الحكّام على مواجهة هذه التحدّيات ببرودة ولا مبالاة وهم على الأرجح [بلا مخّ]!!
من تلك المآثر نتذكر نيرون الذي أحرق روما وهو يعزف على القيثارة ويتلو الأشعار التي نظمها!
كذلك نتذكر الملكة الفرنسية النمساوية ماري انطوانيت التافهة البلهاء والباهتة في عين التاريخ ففي حين كان الشعب يتضوّر جوعا، نصحتهم بأكل البسكويت في حال لم يجدوا خبزا!
طبعا قيل الكثير في هذه المسألة؛ وفي حقيقة الأمر يعتبر البعض أن هذه الجملة منسوبة الي الملكة ماري أنطوانيت زورا، وهي لم تقلها، ولكن في كل الأحوال كان هناك قادة يمتصون دماء شباب بلادهم مثل ما كان يفعل تشاوشيسكو ببرودة أعصاب أسطورية وتنقل إليه دماء الفتيان، للمحافظة على صحّته، يقول المتنبي:
«فربّ كئيب ليس تندى جفونه
وربّ كثير الدمع غير كئيب.»
تبقى كوامن الصدور مخفيّة على الناس مهما حاولنا أن نسبر أغوارها ما يهمنا في كل ذلك الموضوع هو فقدان الإحساس وانعدام الضمير عند بعض الرؤساء والحكام في العالم خاصة أولئك الذين يموتون متخمين من كثرة الأكل ولا يرفّ لهم جفن في حين يعاني مواطنيهم الأمرّين: يتضوّرون جوعا ويقضون بالحديد والنار في حروب لا تنتهي.
من بين هؤلاء الحكّام وأشهرهم «دونالد(بيك) ترامب» الذي، يتعامل مع كل ما يحصل في بلاده ويلاد العالم بهدوء وسلاسة ولا ذرّة قلق في سلوكه وهو في ذلك يشبه المتنبي في براعته الشعرية حيث تأتي إليه القوافي بسهولة وسلاسة وغيره يجهد جهدا عسيرا ليملك زمامها:
«أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصم! »
فهل هي سخرية القدر أم مسخرة المساخر ما سوف أرويه لكم تاليا؟ :
المكان هو المسرح في مركز كيندي الثقافي في واشنطن حيث يستعد الممثلون لعرض مسرحية «البؤساء» لفيكتور هوغو بنسختها الغنائية ، و (البؤساء في صحيح اللغة الفصحى تقال : البائسون ، ولكن كل خطأ شاع أصبح صوابا ) .
وفي ليلة الحادي عشر من شهر حزيران – يونيو دخل الرئيس ترامب الى قاعة المسرح رفقة زوجته الساحرة ميلانيا (فاتنة المقاهي التي في حبها ساح ملوك و أمراء العرب ) ومعهما دخل أيضا نائب ترامب جي. دي فانس، لحضور المسرحية ،وفي الليلة ذاتها كانت مدينة لوس انجلوس تشهد انتفاضة شعبية صاخبة والثوار في كل مكان يحرقون السيارات والمتاجر والمحال والشركات وإشارات السير وكل ما هو فوق الأرض وفرق الحرس الوطني والجيش تدخل المدينة بالدبابات لقمع هذه الانتفاضة الشعبية ضد قوانين الهجرة .
في الوقت الذي كان فيه الجيش يعتقل مثيري الشغب ، و من باب سخرية القدر الحقيقية كان دونالد ترامب يشاهد مسرحية غنائية تدور أحداثها الجغرافية في شوارع باريس حيث ارتفعت متاريس الثوار وتنقل لنا حقبة من تاريخ فرنسا سنه 1832 حين انتفض الثوار البارسيّون الأحرار ضدّ الملكيّة التي انتصرت على الثورة الفرنسية و ألغت الجمهورية الفتيّة وأعادت وضع اليد على فرنسا من خلال الحكم الملكي فأدت هذه المعارك بين الشعب الفرنسي والجيش إلى سقوط آلاف الشهداء من الجهتين : المتمردون من جهة والجيش والحرس الوطني من جهة أخرى ! في المسرحية التي تنقل الى المشاهد هذه الأحداث التاريخية يؤدي الممثلون أغنية : «هل تسمع الشعب» والتي هي بحدّ ذاتها دعوة الى الانتفاضة والثورة .
هل سمع ترامب شعبه وتاليا هل يسمع شعوب العالم بأسره ؟
قريبا سيصبح ترامب شاعراً وموسيقاراً يعزف على قيثارة ….و روما ستبقى المدينة الخالدة .