العقل عموماُ وعند سعاده خصوصاً – الحلقة الثانية

الاتجاه الثالث: العقل والنص.

  • ـ عادل الضاهر في كتابه أسبقية «العقل»: يقر بمبدأ أسبقية العقل على النص. ويشير الكاتب إلى ان ضاهر ربما حصر النص بالنص الديني وبقيت كلمة العقل كلمة بغير تعريف، وأشار إلى مأزق تعريف العقل بذاته أو بصفاته وهذه مشكلة ال tautology، ويشير إلى أن ضاهر يتحدث عن عقل نظري مختص بالاعتقادات وعقل عملي وظيفته البت في الغايات. والعقلان تفسيريان. وهذه نظرية هارمان. gilbert Harman أما وظيفة العقل العامة سواء أكان نظرياً أم عملياً، فيصفها الضاهر بإعطاء أسباب المبادئ الأساسية للمنطق هي المبادئ النهائية للعقلانية. هذا بالنسبة للعقل النظري الذي مادته الاعتقادات اما العقل العملي الذي وظيفته تعيين الغايات فان مبادنه الأساسية هي الرغبات. ويضيف ضاهر الرغبات هي مادة العقل العملي.
  • ـ الجابري والعقل الثقافي التراثي الجابري: في كلامه عن العقل العربي يعتبر الجابري أن التدوين هو الذي صنع العقل العربي. يقول الجابري في «تكوين العقل العربي»: لا يمكن تبني التراث ككل لأنه ينتمي للماضي، ولأن العناصر المقومة للماضي لا توجد كلها في الحاضر، وليس من الضروري أن يكون حضورها في المستقبل هو نفس حضورها في الحاضر، وبالمثل لا يمكن رفض التراث ككل للسبب نفسه، فهو -شئنا أم كرهنا- مقوم أساسي من مقومات الحاضر، وتغيير الحاضر لا يعني البداية من الصفر
  • 1 ـ الاتجاه الرابع: فلاسفة ما بعد الحداثة: مقولة: لا وجود لعقل واحد. من أعلامه لوتار ديريدا رورتي فوكو.
  • ـ لوتار مفكر فرنسي ينتمي إلى ما يمكن تسميته ظاهرة تدمير ما عرف بمشروع عصر التنوير الذي قام على ركنين العقل والذات الفاعلة. فالعقل يجب تدميره والذات يجب ازاحتها من مركز الدائرة في التفكير عموما والفلسفة خصوصا. تعلق كتابات ليتوارد بشكل كبير بالدور الذي تلعبه السردية في الثقافة البشرية، وعلى وجه التحديد كيف تغير هذا الدور بسبب تركنا لعصر الحداثة ودخولنا لوضع ما بعد التصنيع أو ما بعد الحداثة.  ويُحاجج بأنّ الفلسفات الحديثة تعطي شرعية لمزاعمها الحقيقية (كما تزعم هي نفسها بذلك) ليس على أساس منطقي أو تجريبي، ولكن على أساس القصص المقبولة (أو السرديات الكبرى) الخاصة بالمعرفة والعالم، ويمكن مقارنة ذلك بمفهوم فتجنشتاين عن ألعاب اللغة. ويُحاجج كذلك بأنّه لم يعد لتلك السرديات الكبرى القدرة على منح الشرعية لمزاعم الحقيقة، وذلك في ظل وضعنا ما بعد الحداثي. فيشير إلى أنّ الناس في أعقاب سقوط السرديات الكبرى الحديثة، يطورون لعبة لغة جديدة، فلم يعد أحد قادرًا على الزعم باسم الحقيقة المطلقة، ولكن عوضًا عن ذلك يدعمون عالمًا من العلاقات المتغيرة باستمرار (بينهم وبين بعضهم وبينهم وبين العالم. المهم انه يقول لا وجود لقل هناك قول فقط. والمجتمع سلسلة من الالعاب اللغوية كل لعبة لها قوانينها. ومعاييرها في الصدق.  truth وكل واحدة مستقلة غير ممكن مقارنتها بالأخرى.
    ليوتار لم يقل إرادة القوي نيتشه ولا العقل الأداتي بل بمبدأ المشروعية legitimacy.  اللم يصنف المرحلة السابقة لظهوره بانها تمتمي لقلية مختلفة: متوحشة بدائية غير متطورة … لذلك كان مجمل تاريخ الإمبريالية الثقافية منذ فجر المدنية الغربية لامتها كانت انها لا محكومة بالحاجة إلى المشروعية.  لذلك كيف للعلم ان يوفر لنفسه مشروعية وهو بجوهره يرفض كل مشروعية؟ للخروج من هذا المأزق كان الاتجاه الذي ميز صر الحداثة موما نحو خلق الفلسفة. والفلسفة عبارة عن قصص ورائية metanarratives كما يحب ليوتار ان يقول.
    • ـ اما عن ديريدا Jacques Derrida فيقول د حيدر انه استطاع بكتبه الثلاثة، عام 67، تفكيك الميتافيزيكيا الغربية. أو ما عرف باسم المركزية المنطقية logocentrism التي خاصتها إقامة التقابلات الهرمية علم عقل اسطورة، منطق وخطاب، المعقول والمحسوس، الكلام والكتابة الطبية والثقافة، الحدس والدلالة. فمهمة التدمير هي الكشف عن التناقضات والمفارقات الباطنة التي تخفيها الانظمة الفلسفية لهدف حلها وليس لهدف قلب نظامها. ثم مجابهة مسألة الوجود الحاضر التي صدرت عنها. القراءة الهدّامة (التفكيكية) هي تلك التي تبحث عن التوتر tension الموجود بين الحركة أو الإشارة gesture والجملة statement في النص، وتبحث عن الطرق التي يمكن بها الاجتثاث الضمني للأفكار المصرح بها في النص (تفكيك النص فما يبدو ها مشيا قد يكون جوهرياً. وعندما يتحدث ديريدا عن نهايات الإنسان. يقصد البحث عن إمكانية نوع من الفلسفة بدون مركز، وبدون ذات متعالية transcendental، أو مؤلفة، وبدون غايات هادية تكون مصدراً لمعاني مشاريعنا وممارساتنا.
    • ـ اما رورتي Richard Roarty فخصوصية تعريفه للإنسان يحدد المعنى الجوهري لمذهبه في السخرية النقدية ironism، معنى ذلك أن كل المفردات اللغوية. vocabularies حتى تلك التي تؤلف الإنسان يمكن استبدالها. طريق إعادة الوصف. ولما لم يكن هناك ماهية حقيقية ثابتة، فان كل شيء يمكن فهمه من منظور أو آخر perspectivised يمكن القول، إن ما يقدمه رورتي لنا هو نظرة رومنطيقية للفنان باعتباره البقري الحر المستقل ذو الخصوصية. يقول رورتي ان المفكر ذو خصوصية أو حساسية خاصة هي حاجته إلى الذي لا يقال إلى السامي، sublime   وحاجته إلى الذهاب وراء الحدود إلى استخدام كلمات لا تكون جزءا من اللعبة اللغوية لأي انسان ولأي مؤسسة اجتماعية. يجب ان لا ينظر إلى الإنسان انه يخدم أي غرض اجتماعي ندما يلبس حاجته. ويقول رورتي واصفاً بكلامه الساخر النقدي الليبرالي ironist بأنه ذلك الذي يريد الكمال كمالاً خاصاً وتهمه القوة (السلطة). إن نظرته المنظورية (النسبية) perspectives عنت أن شيئاً يمكن جعله يبدو جيداً أو سيئاً، مهمّاً أو تافهاً، أو مفيداً أو غير نافع، بمجرد إعادة وصفه. وليس إلا أوصافنا للعالم ما يمكن اعتباره صدقاً أو كذباً. فالصدق صفة اللغة، صفة الجمل اللغوية. وكذلك عكسه، الكذب. واللغة ذاتها مخلوق الإنسان باعتباره العبقري المستقل الحر وذا الخصوصية.

وبين رورتي Rorty وفوكو Foucaultيبقى الاختلاف على ال «نحن». إن الفرق بين تصوّر رورتي Richard Rorty للمثال الاجتماعي – السياسي وتصوّر فوكو Michel Foucault، يمكن التعبير عنه بذكر الفرق بين نحنيّة كل منهما، أي الجهة الاجتماعية التي ينافح كل منهما، في كتاباته عنها. فإذا قال رورتي «نحن»، فهو يقصد البرجوازيين الليبراليين وقيمهم البرجوازية الليبرالية، وليس إلا. في مقابل ذلك، تعني كتابات فوكو جميع المهمشين في المجتمع الليبرالي بواسطة قيم ذلك المجتمع الطبقية ذاتها. حقاً، كان يهم فوكو أن يستخدم تحليله لعلاقة القوة – المعرفة كأداة للتعبير عن المقاومة. ومن هنا يمكن اعتبار فوكو، تمييزاً له عن رورتي المريد الإبقاء على الأوضاع الراهنة، بأنه أحد أبطال الخارجين عن المعايير القائم. ويُحاجج فوكو على خُطى نيتشه بأنّ المعرفة تأتي من خلال عمليات القوة وتتغير بشكل جوهري باختلاف الحقب التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *