على مدى عقود من الزمن وغزة تعيش في سجن يُعد من أكبر السجون في التاريخ.. غزة كانت سجينة ومحاصرة.. يخالط ملح دموع أطفالها.. ملح أمواج بحرها.. غزة لم يكن لها حرية التواصل مع العالم.. لا عبر البر أو البحر أو الجو..
قطاع غزة ظل على مدى عقود من الزمن سجناً منسياً.. على كوكب هذه الأرض.. قطاع غزة بمخيماته ومدنه وحاراته ظل غائباً.. على مدى عقود من الزمن وهو يصرخ وصرخاته تتكسر على زبد أمواج بحرها.. لم تصل تلك الصرخات.. إلى مسامع وضمائر الذين يدّعون ويتشدقون بالحديث عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان..
بعض الديوك المدجنة التي لا يطيب لها الصياح إلا على قمم المزابل.. أدانت إنتفاضة غزة في السابع من شهر تشرين الأول عام 2023.. تلك الديوك الإعلامية أنكرت على غزة أن تثور وتنتفض في وجه سجانها العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين ويحاصرها.. فكان طوفان الأقصى.. ليكون النافذة التي تعبر منها غزة إلى الحرية..
بعض رموز الإعلام المشبوه والمأجور.. أدانوا طوفان الأقصى وحجتهم أنه كان السبب والذريعة للعدو الصهيوني.. ليقصف ويدمر غزة ليقتل الحجر والبشر.. النساء والأطفال ويدمر المساجد والكنائس والمستشفيات..
لإصحاب الأقلام المشبوهة والمأجورة نقول.. متى كان الوحش يحتاج إلى ذريعة ليفترس ويقتل وليستبيح دماء ضحاياه.. ؟؟
أصحاب الأقلام المشبوهة يحاولون أن يقولوا لنا أن هذا الوحش المحتل لفلسطين ويحاصر غزة هو حمامة سلام لا يعتدي ولا يقتل ولا يفترس..
إلى هؤلاء الخفافيش نقول أن الخفافيش لا يطيب لها العيش إلا في العتمة.. أخرجوا إلى النور لتدركوا أن هذه الوحوش الصهيونية . التي جاءت من أكثر من سبعين دولة لتحتل فلسطين لم يكن لديها أي ذريعة أو حق أو حجة لتحتل أرض شعب مسالم وتحوله إلى لاجئين يعيشون في المنافي والشتات..
الفلسطينون لم يذهبوا إلى سبعين دولة ليقاتلوا اليهود الصهاينة.. بل اليهود الصهاينة هم الذين جاءوا كمحتلين وغزاة ليغتصبوا أرض فلسطين التي لم تكن أرضاً بلا شعب لتكون وطناً لشعبٍ بلا أرض..
الحكومة البريطانية إرتكبت أفظع جريمة في التاريخ عندما تآمرت على الشعب الفلسطيني ومكنت اليهود الصهاينة من إحتلال فلسطين كونها أصبحت الدولة المنتدبة عليها بعد إنتصارها في الحرب العالمية الأولى على الدولة العثمانية التركية التي كانت تدعي أنها تمثل الخلافة الأسلامية..وشاء قدر فلسطين ان تنتقل من تحت الدلفة التركية.. إلى تحت المزراب البريطاني..
أعوامٌ عجاف عاشها الشعب الفلسطيني.. عقود من القهر والقتل.. والحصار.. فكيف يكون غريباً أن تنتفض الضحية في وجه قاتلها وكيف يكون غريباً أن ينتفض السجين في وجه سجانه ؟؟
طوفان الأقصى لم يكن سبباً.. بل كان النتيجة الحتمية لشعب يتوق إلى الحياة والحرية..
طوفان الأقصى كان الحتمية التاريخية لتغير مجرى التاريخ.. لتوقظ الضمير العالمي الذي ظل متفرجاً على المحرقة الفلسطينية لأكثر من نصف قرنٍ من الزمن.. وسمح لوحوش صهيونية لا تعرف معنى الحق والعدل والإنسانية.. لترتكب المجازر والإبادة الجماعية..
اليهود الصهاينة الذين جاءوا من أكثر من سبعين دولة كانوا مواطنين في الدول التي جاءوا منها وكل شخص منهم جده العاشر لم تطأ قدمه أرض فلسطين..
أرض فلسطين لم تكن أرضاً هبطت من السماء.. بل قطعة من بيئة طبيعية والفلسطينيون لم يهبطوا من كوكب آخر.. لهم تاريخ ولهم هوية.. هذه الحقيقة التاريخة وبعدها الإنساني أدركها باعث النهضة السورية القومية الأجتماعية المفكر أنطون سعادة.. هذا المفكر العظيم أدرك مبكراً أن الحركة الصهيونية التي خدعت العالم وخدعت أتباعها من اليهود بأن فلسطين وكامل جفرافيا الوطن السوري هي الأرض التي وعدهم الله بها وسموها أرض الميعاد.. هذا الوعد الأسطوري الخرافي بدأوا يخططون لتحقيقه.. وكل عاقل في هذا العالم يدرك بأن هذا الوعد ليس لله علاقة به لا من قريب أوبعيد.. فهل من المنطق أن ينتزع الله جل جلاله أرضاً من شعب.. ليعطيها بدون وجه حق إلى شعب آخر..
المفكر أنطون سعاده أدرك مبكراً خطورة المشروع الصهيوني الإستعماري..الذي يهدف إلى إحتلال فلسطين ومنها ينطلق ليحتل لبنان والشام والأردن والعراق.. لإقامة الدولة اليهودية التي يجاهرون بها لتكون من الفرات إلى النيل.. لقد دفع هذا المفكر العظيم حياته لأنه دق ناقوس الخطر من هذا المشروع الصهيوني الإستعماري.. تآمروا عليه وقتلوه في الثامن من تموز 1949..
أرض الميعاد خرافة وأسطورة إخترعها اليهود الصهاينة.. وبكل أسف صدقها الغرب..
المراجع التاريخية.. تؤكد بالحجة والبرهان.. أن مدينة القدس هي عاصمة فلسطين بناها اليابوسيون الكنعانيون قبل ظهور الديانة اليهودية إلى حيز الوجود بأكثر من ألفين سنة.. فبأي حق يدعي اليهود الصهاينة أن القدس يهودية ؟؟..
في السابع من أكتوبر، إنطلق من أرض غزة طوفان الأقصى.. وأحدث صدمة أيقظت عقول وقلوب وضمائر جميع الأحرار في العالم.. وعمت مسيرات الدعم والمساندة لغزة وفلسطين ولبنان.. وشجباً لجرائم هذا الوحش الصهيوني المتعطّش لدماء الأطفال والنساء..
طوفان الأقصى كان سيف الحق الذي شهره الغزاويون في وجه عدوٍ مجرم.. ومجنون
وهب أهلنا في كل أنحاء فلسطين المحتلة.. وفي لبنان والعراق.. والشعب اليمني البطل..
لتتوحد دماء الأمة السورية في معركة المصير القومي وحرب الوجود..
في هذه الحرب الوجودية.. يطل علينا أنطون سعاده ليقول لنا.. ستنتصرون.. ستنتصرون ألم أقل لكم ( أنكم ملاقون أعظم إنتصار لأعظم صبرٍ في التاريخ )..
طوفان الأقصى سيظل صفحة خالدة في كتاب التاريخ الفلسطيني ..