ما يقدمه شعب لبنان من تضحيات يذكرنا بقرطاجة زمن ال برقة الذين ذهبوا من صور إلى تونس مع اليسار وبنوا مدينة عظيمة إلا ان أهل السياسة والتجار ذهبوا مذهباً آخر معتقدين ان الأمور ستكون أفضل بلا قوة ال برقة وان روما سوف تغفر ما تقدم من خطاياهم ان هم استسلموا وقدموا الطاعة فيحافظون على مكانتهم وثرواتهم.
ان الشعب اللبناني بقده وقديده عليه مراجعة الذات، لجهة أهل السياسة والتجار الذين تخلوا عنه خلال فترة الحرب الاهلية ولأولئك الذين أنتجهم الطائف واوصله لحافة الفقر ناهيك ما يقال انهم اهل ايمان يضعون أيديهم على وقف الناس ويجمعون الاموال منهم لكي يحصلوا على بركة هم ذاتهم يعجزون عن نيلها بسبب تسخيرهم العامة لخدمتهم وخدمة سلاطين الطوائف.
يحكى الكثير اليوم عن ان المقاومة هي السبب فيما اصاب الناس من اذى في الأرواح والممتلكات، اوركسترا تعزف ليل نهار تضم اهل سياسة واعلام وأصحاب البطون الممتلئة تحمل المقاومة تبعات ما جرى منذ طوفان الأقصى. والناس بطبعها قصيرة الذاكرة لا يعلق في ذهنها، الا أخر حدث، فلا تكلف نفسها بالسؤال عن كل ما حدث لها من مآسي منذ إعلان دولة لبنان الكبير وكيف تصرفت الطوائف واهل السياسة في كل حقبة من حقبات لبنان الحديث وما قامت به المؤسسات على خلافها لزرع الامن والطمأنينة داخل المجتمع.
أن تحميل «ال برقة » دائماً سبب المآسي دون غيرهم انما تكرار للتجربة القرطاجية وليتذكر الجميع انه بعد التخلي عن القوة قامت روما بنثر الملح على طول المساحة القرطاجية.
الجميع مدعو اليوم لأخذ العبر، المجتمع المضلل كما المقاومة وبيئتها على خلاف انتماءها العقدي والمذهبي. لبنان بحاجة للجميع مقاومين و(محبي حياة) كما يحبون أن يصنّفوا انفسهم، أولاً، لبناء دولة قوية عادلة ترعاها القوانين ومؤسسات ذات فعالية ومصداقية تخدم المجتمع ككل تشرّع تنفذ وتراقب دون تحفظ على من تقع عليه المسؤولية في حالة الاعتوار،ثانيا،بحاجة لقوة ميدانية تحمي البلاد امام عدو غادر متغطرس لا ينفي أطماعه ليس في لبنان وحسب بل في المنطقة ككل والنوم في العسل لا يفيد احد وحيث اننا بلد سياحي خدماتي قد يعتقد البعض انه بمنأى عن الصراعات ومن يتغنى بسويسرا فلتلك البلاد جيش يعتبر من افضل الجيوش حتى ان عناصره من يحمي بابا روما بذاته. كما لا يجب ان نسهى عن عملية حفظ الداخل فمدينتنا هي عبارة عن أسهم لحاملها فعلى من يدير السياسة المالية ان يحتاط للشاري من الأجانب افرادا وشركات فعدونا تاجر فاجر يعلم من اين تؤكل الكتف.
اخيراً كثيرا ما نسمع نغمة فساد وازدواجية المعايير في اجهزة وقوانين المنظومات الدولية ومطالبة أهل السياسة بإصلاحها، أو ليس ومن باب أولي إصلاح الذات أولاً، الفرصة جديدة أمامنا ونأمل استغنامها من قبل الجميع لبناء وطن يليق بتضحيات كل ابناءه.