منذ انهيار السلطنة ولبنان يقرر مصيره الآخرين سايكس وبيكو بعد الحرب العالمية الاولى، الصراع الإنكليزي الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية، تفاهم مصري أميركي بعد حمأة ال 58, عبد الناصر بعد نزوح منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان قادمة من عمان او ما عرف باتفاق القاهرة، صولات وجولات عربية ودولية إثر اندلاع الحرب الاهلية عام 75 إلى ان ولد الطائف ممهوراً بخاتم سعودي سوري المعروف في الأوساط اللبنانية باتفاق السين سين.
لم يستطع هذا البلد الصغير منذ إعلان غورو عام 1920 ان ينعم باستقرار ولو نسبي لفترة تفوق العقد او العقدين، يعتبر البعض ان الفوضى والتذبذبات التي تحصل بين الحين والآخر وتؤدي احياناً إلى مواجهات مسلحة هي نتيجة نظام سياسي قائم على الطائفية وقادة سياسيون ذوي ارتباطات خارجية. قد يكون اعتقاد البعض فيه بعض الصحة، لكن المسألة انما أعمق من ذلك بكثير، ومرتبطة في الأصل بما تعده مطابخ القوى الكبرى والتي احياناً تتجاوز ما يعتقد انه ارادة الدول العظمى، وللتأكد من مصدرية القرارات التي تقف خلفها قوى من غير الدول والتي تجعل من الأخيرة ألعوبة يتحكم بمصيرها الاخرين، على المرء ان ينظر إلى القيادات الدولية التي تبوأت مناصب القيادة فيما كان يدعى دول عظمى او كبرى في الغرب. ليتبين ان آخر العظماء منهم كان في الولايات المتحدة جورج بوش الاب، في بريطانيا مارغريت تاتشر وفي فرنسا فرنسوا ميتران، بعد هؤلاء قد لا تجد إلا مهرجين احدى أبرز نسخاتها زيلينسكي.
الهجمة القديمة على مصادر الطاقة إثر الحرب الاولى تجددت إثر قرارات الملك فيصل بعد حرب ال 73، واستبدل التفتيت بإشعال النيران بداية بتقسيم قبرص وحرب لبنان انتهاءً (بالربيع العربي) وحرب اليمن، من صاغ كل ذلك انما شركات الطاقة الكبرى وبيوت المال والعدة كانت متنوعة ومنها قضية فلسطين. يمكن اعتبار طوفان الأقصى مفاجأة المخططات المرسومة مع عدة علامات استفهام، ويمكن تشبيهه لغزوة نيويورك القاعدية التي ما زالت لغزاً للكثيرين وان كانت نتائجها كارثية على كامل شعوب المنطقة الممتدة من تورا بورا لجسر الشغور. وحماوة ما يجري في غزة اضافة للفترة الزمنية الممتدة لتاريخه تفيد بانها مفاجئة للبعض فالخسائر لدى الجانبين كارثية وان كانت بالنسبة للفلسطينيين جزء من فاتورة ازالة الاحتلال، وعلى ما يبدو انها منازلة مفصلية للولايات المتحدة قد تحدد نتائجها مصير عملتها التي ارتبطت تاريخياً بتسعير مصادر الطاقة كما كان حال النفط وهي تسعى بذات الاتجاه بالنسبة للطاقة النظيفة (الغاز) ونجاحها في غزة قد يعني لبنان وسائر بحيرات الغاز في المتوسط.
بالعودة للعنوان، لم يكن للبنان ان يكون له مكان على اي طاولة تفاوض مباشر او غير مباشر، كما كان حاله منذ إعلانه حيث كان الآخرون على الدوام يقررون ما يجب ان يكون عليه، اكان ذلك بالنسبة لنظامه او لدوره الاقتصادي. الذي حجز له المقعد وان كان مستتراً لتاريخه انما قرار المقاومة عندما
حركت جبهة الجنوب لمساندة غزة وتخفيف الضغط عن شقيقتها هناك. يبقى السؤال ما الذي تعده الأوساط السياسية في لبنان خصوصاً المقاومة للحظة التي ستتم فيها ترتيبات المنطقة لقرن مقبل؟؟ .