العرقية النازية في صورتها اليهودية

العرقية النازية في صورتها اليهودية

لم تعكس العرقية البيولوجية والداروينية الاجتماعية الألمانية نفسها كما عكستها الكتابات اليهودية عما يسمى بالأمة اليهودية.
نقرأ في كتاب هرتزل (الدولة اليهودية) وفي كتاب ليبوبنكسر التحرر الذاتي ما يؤكد ان اليهود ليسوا طائفة دينية او تجمع ثقافي فحسب بل أمة قائمة بذاتها ولم تستمر إلا بفضل خصائصها الاستثنائية.
وعند سوكلوف “يشكل اليهود وحدة عرقية وتاريخية وثقافية، هي الأساس المشترك لبعث حياة قومية كاملة في وطن آبائهم”.
واليهود عند مارتن بوبر، هم الشعب الوحيد في العالم الذي تكون خلال الأزمة الغابرة كأمة وكسبط ديني في آن واحد.
ويرى ريتشارد كروسمان في انبعاث أمة وفيلكوفسكي في عصور الفوضى ان لليهود دورة خاصة في التاريخ يتعاقب فيها الخروج والدولة والكوارث كما تتعاقب الخطيئة البشرية والقربان اليهودي باعتبارهم شعب الله…..
وجميعها تصورات ومفاهيم ألمانية وعرقية يجري تغذيتها وتعزيزها بالتوراة حتى لا يقال أن شعب الله المختار يبحث عن مسوغات أخرى خارج كتابه المقدس.
إن فكرة الامة الصهيونية الخالصة المطلقة كما العهد القديم التلمود والقبالاه هي التي زودت الصهيونية الروحية بمسوغاتها النظرية الأساسية حول الأمة اليهودية الخالصة والمطلقة أيضا.
فإلى جانب التلمود، وكتاب السبي البابلي، تصطف المساهمات الألمانية العرقية بجوهرها كما هو الحال عند نيتشه وغومبلوفكس وغوبيو وليبينتز، أو بإسقاطاتها المختارة والملفقة.
عند غوبينو وعند غومبلوفكس “العرق والدولة” لا تاريخ خارج تاريخ العرق الأبيض وعند تشمبرلين الذي يحاول تجاوز غوبينو بما يخدم البرجوازية على نحو آخر من كنط، يأخذ الإنسان لاول مرة وعي أسطرته ذاته. فنظرية الأسطورة تسمح بتبرير التجربة الداخلية الحميمة، برفع اللاعقلانية والحدس إلى مرتبة فلسفة فليس ثمة شيء أكثر اقناعا بشكل مباشر من ان يحوز المرء مفهوم العرق في وعيه ووجدانه الخاص فالحدس ليس مدعواً لتقرير حقيقة الأشياء الموضوعية بل هو يكفي بذاته لتحديد الصفة العرقية…
وعند ليبنتز فإن المونادات وهي جواهر روحية لا تتغير بالأثيرات الخارجية فليس لها نوافذ يمكن أن يدخلها عبرها شيء إلى هناك او يخرج شيء من هناك؟؟ ولا تمارس المونادات أي تأثير على العالم الداخلي أحداها للأخرى، ولا ترتبط بصلة سببية فيما بينها، فتوافق أفعالها بنظم بالتنسيق المسبق، الذي يتوقف على المونادا العليا الإله المطلق. ولذا فإن ليبنتز، الذي بنفي التجربة (الخبرة) الحسية، قد عارض المذهب الحسي للفيلسوف جون لوك، الذي يشبه نفسية الإنسان بلوحة بيضاء، تأتي التجربة فتخط الكتابة عليها فكان ليبنتز يرى أن النفس تنطوي، في الأصل، على معان وحقائق، على ميول واستعدادات واعتبارات. تلك هي “بذور السرمد” “الشرارات”، “النيران الحية، ومضات النور، الكامنة في داخلنا، والتي تتكشف عند الالتقاء بالحواس”…
وفي غسق الأصنام ينطلق نتيشه من الديونيزية البيولوجية ليدحض العقل والأيديولوجيا ويعود بالصراع إلى قانون الغاب، الذي ينتصر فيه حسب نتيشه القوي الذي يتوارث خصائصه في نسله أبدا، ويعيد انتاج المعادلة الصحيحة كمعادلة بين الأقوياء والضعفاء وليس بين الأخيار والأشرار، وعند هيغل لا تخرج فكرة الشعب التاريخي وغير التاريخي عن هذه المعادلة كثرا، حيث يبدو دخول او خروج شعب من التاريخ مرتبطا بقدرة الصفات على التواصل أو التنحي….
وينطلق كتاب الامة اليهودية الخالصة من هيغل لتأكيد الدور التاريخي للأمة اليهودية المزعومة!
فلما كان كل شعب يقوم بدوره أو تأدية رسالة الحق ولما كانت هذه الرسائل تنتقل من شعب إلى أخر، فإن اسرائيل آخر هذه الشعوب، وفق متابعة اليازجي للمزاعم اليهودية في كتابات آحاد هعام خصوصا…..
ومثل ذلك التوظيف اليهودي للفكرة المتعالية عند كانط، التي تستخدم لدعم القول بإدراك قومي خاص وأصيل استخدمت أيضا الصيغ والمقولات القبلية الكانطية التي لا تختلف إلا قليلاً عن الحقائق الأزلية المحددة مسبقا عند ليبنتز أو “الأفكار الغريزية” لدى ديكارت.
النظريات البيولوجية النفسية:
رغم أن الداروينية الألمانية ومدارسها المختلفة جعلت من اليهود ذريعتها المباشرة، بالدرجة الأولى، حيث كانت المسألة اليهودية الذريعة النموذجية لتصدير أزمة البرجوازية العالمية وحرب الصراع الطبقي الداخلي وشق القوى العمالية….
إلا انها كانت المصدر الرئيسي للعرقية اليهودية نفسها وقد كتب الفيلسوف اليهودي المعروف برونر عن هذا التناغم، يقول:
“إن اليهود قد تشربوا النظريات العنصرية التي يعتنقها مضطهدهم، فإنهم الصهيونيين قد اتخذوا هاستون ستيورات تشمبرلين معلما لهم واعادوا صياغة أفكاره التافهة المشوشة في كتاب صهيوني بحث موضوع العنصرية، وتساءل برونر: كيف يتحدث الألمان اليهود عن شعب يهودي ويتخيلون بذلك أسوأ الأفكار وأسخفها…
ولم يتوان الفريد روزنبرغ، احداهم المنظرين النازيين، أثناء الدفاع عن نفسه في محكمة نورمبرغ عن القول انه جمع كثيرا من أرائه هو شخصيا من الأدبيات الصهيونية واعاد انتاجها في الفكر النازي، كما ثبت أن هناك حالات قامت مجموعات إسرائيلية، بموجبها بالرجوع إلى السجلات النازية للتأكد من هوية العنصرية الدينية الأثنية لأحد الإسرائيليين.
النظرية السيكولوجية:
ثمة استدراك أول هنا وهو ان النظرية السيكولوجية العرقية ليست منفصلة عن الدارونيية والنظرية البيولوجية بل تتابعها بالاستناد إلى أبرز معطياتها وتراكم فوقها، كامل البناء العرقي في مجال الأمة-المجتمع- الدولة.
أما الاستدراك الثاني، فإن هذه النظرية بكل تلاوينها لا تخرج عن الفرويدية.
وتشكل اليهودية النمساوية المصدر الأساسي لهذا التتابع الدارويني- الفرويدي وخلاصته العجيبة عن فكرة الاستقلال الثقافي القومي التي توحد البرجوازية والبروليتاريا كما صاغها رواد هذه المدرسة.
وهي الفكرة التي تستند إلى التوارث، إلى “اكتشاف” البروتوبلازما الجنينية، التي لها، “قدرة خفية على أن تولد من ذاتها أفرادا يتميزون بخصوصية معينة”.
ويرى في هذا مادية قومية، ينصبها فوق الروحانية القومية، وان كان المقصود هو فقط استبدال قوة خفية بأخرى مثلها. فهي تذهب إلى أنه عبر الوراثة “تحدد مصائر الأسلاف المتغيرة طابع كل أخلاقهم، فيرتبط هؤلاء بوحدة الطبع، بالأمة”…
وحتى قدرة هذه الامة (الشعب) او تلك على النضال تفسرها “المادية القومية” لا بالظروف المعاصرة لحياة الامة “الشعب”، بل بظروف وجود الأسلاف. “فالصفات الموروثة لدى الأمة ما هي إلا بقية ماضيها، تاريخها المتجمد”…
ويشير باور إلى أسلوبين في التوارث، بواسطتها تحدد مصائر الأسلاف طبع الأخلاق، فينوه بوحدة الأمة، الطبيعية والثقافية، ليقول ان الامة ليست إلا وحدة المصير، الذي يتكون نتيجة نقل: 1- الموروثات الطبيعية، -2- القيم الثقافية.
هذه “الروح القومية” الخفية هي ما يطرحه باوير على انه الطبع القومي الذي لا يتكرر….
من مظاهر العرقية اليهودية:
الديموقراطية الجرمانية: حرية الأنا، مصادرة الآخر
لا يفهم استمرار تدريس سفر يشوع بن نون في المدارس الإسرائيلية خارج استمرار فكرة التناقض أو العداء للآخر الخارجي كحد رئيسي للفلسفة الصهيونية ومرجعها التوراتي الذي يعتبر اليهود الابن الأكبر للإله يهوه، الذي انتقم من الابن الأكبر لفرعون ردا على انتقام فرعون من إسرائيل الابن الأكبر ليهوه.
هكذا تقدم الداروينية الاجتماعية فلسفة الحياة نفسها صهيونيا، في علاقة الأنا الصهيونية والآخر الخارج العربي….
وعندما يكتب لوكاش عن الديمقراطية الجرمانية ليست الديموقراطية هنا شيئا آخر، غير الديمقراطية الجرمانية التي تعني حماية العرق الطاهر، ليس إزاء الآخرين فقط بل داخل المعادلة الخاصة أيضا.
فالدولة كتدبير اول ليست مؤسسة قائمة على الحق بل مؤسسة قائمة على تصور أيديولوجي للعالم المرتكز على الثيقا الألمانية.
ليس الفرد بل الشعب في تعاقبه العرقي الأبدي هو نقطة انطلاق وهدف كل فعل انها الحر الوحيد الذي يحتوي مصالح وتطلعات الألمان ليس كمواطنين احرار بل كأرقام وكعبيد من موطني العرق الأبيض.
فإننا نقرأ هنا كما لو أنه يكتب عن الديمقراطية الإسرائيلية… الديمقراطية الداخلية لدولة قائمة على دور خارجي فاشي عدواني، من شروطه الداخلية إعادة انتاج الدولة الحيوية المتكاتفة داخليا ضد الخارج- الآخر.
وإذا كانت الديموقراطية الداخلية مستوفية لشروطها البيضاء، فإنها تأخذ في العلاقة مع الآخر شكلا مختلفا مسوغا بوصف الآخر عرقا ناقصا
ومن ذلك ان الوصايا العشرة عند اليهود تعتبر وصايا من أجل اليهود أنفسهم…. فعندما يقال لا تقتل ولا تسرق… فالمقصود لا تقتل ولا تسرق يهوديا.
أما الآخرين فلا يعتبرون بشرا، لأن الطوفان، حسب التفسير التلمودي لم يترك إلا ذرية يهود – بل إن نصوص العهد القديم تعطي نظامهم المنشود حق قتل الأبرياء، العزل من حولهم، تماما كما حدث في لبنان وفلسطين.
ويعتبر كتاب حاتانيا الذي تأخذ به إحدى الطوائف الحسيدية العنصرية، وكتاب “مرشد الحياري” ل موسى ميمون يعتبران الأغيار والمسيحيين خصوصا أقرب إلى الحيوانات وأدنى مرتبة بيولوجية من اليهود….
وقد افتى الحاخام اسحق غنزبرغ بأنه لا يعتبر دم اليهود ودم العرب المسلمين والمسيحيين دما متساوي وبالتالي يمكن للجنود قتل حتى أفضل الأغيار.
وبما أن اليهود تتساوى أنفسهم مع العزة الإلهية فالدنيا وما فيها ملك لهم.