صباح الخير، نحن مستعدّون.

في بلاد فقّاعات المفاهيم وفقّاعات الأبطال وفقّاعات المواقف وفقّاعات الانتماءات.. يصيرُ الحديثُ عن مواقف جذريّة ومصطلحات ذات مدلولات وبطولات حقيقية وانتماء صحيح، مخالف لمفهوم العيش السائد.
ولأنّ مخالفة ثقافة الـ “معليش” والعيش الزائفة، والموت أحياناً، طريقٌ للحياة، لا بُدّ من وضع بضعة نقاطٍ على الحروف.

صباح الخير، نحن مستعدّون.

ما الحرب؟ من هي أطرافها؟ هل يمكننا خوضها؟ ما تبعات قرار الحرب؟ من يتّخذه؟ من يتحمّل مسؤوليّته؟ من سيجبن أوّلاً؟ من سيخفت صوت قلمه؟ ورصاصه؟ من سيصمد؟ من سيُبالي بموتنا؟ من يبالي بحياتنا؟ من سيعدّ لنا الشهداء؟ من سيحصي خساراتنا؟ منس سيواكب انتصاراتنا؟
لا تنتهي الاسئلة التي تُطرح، والمحظور طرحها حين تُستحضر الحرب. لكنّ الثابت الوحيد والأكيد والأوّل والنّهائيّ: إنّنا مُستعدّون.

ومستعدّون هذه، لا تعني، كما يرى البعض الحرب، تعفيش وثروة ماليّة ضخمة وحساب في البنك يتعدّى المليارات. ولا كما يراها البعض الآخر تعطُّش للدّم ورغبة في دفن مزيدٍ من الرؤوس او مرحلة تصفيات داخليّة.
مستعدّون تعني أنّنا روّادُ حياةٍ، نُحِبُّها ونريد خيرها وحسنها وجمالها.

مستعدّون تعني ألّا حياة لهذه البلاد، وقد أكل من عمق أمعائها يهودٌ يلوكون أبناءها بشكلٍ يوميٍّ بدون رادعٍ أو حدٍّ أدنى لمفهوم الانسانيّة الفضفاض الرّنّان.
مُستعدّون تعني أنّ ثقافة العيش مع غضِّ بصرٍ عن موتِنا اليوميّ في جنوب الجنوب خيانة، تعني أنّ من يتناسى وجود كيانٍ مُحتلٍّ ولج جزءاً من أرضنا خائن، لا هو راغبٌ بالعيش ولا أهتر.
مستعدّون تعني أنّنا على أهبة الجهوزيّة للحرب لا دفاعاً عن الخطّ الوهمي 29 وحسب، بل استرداداً لأرضنا السوريّة الفلسطينية المُحتلّة، واستراداداً لجولاننا المُحتلّ من اليهود، وتحريراً لأجزائنا السليبة كافة.
مُستعدّون تعني أنّنا يجب أن نخطّط ثمّ نبادر للحرب، لا أن ننتظرها وحسب، لأنّها دفاع عن حقوقنا بأرضنا وثرواتنا.

ما الأوطان إن لم تمتلك قدرةً نفسيّة على تقرير مصيرها؟ وكيف نكونٌ أُمّةً مُستقلّةً إن لم نمتلك قدرةً ماديّةً وسلاحاً وقراراً بالتحرير؟ ومن يقرّر عنّا خوضنا معاركنا التحريرية، وكيف نكونٌ أحراراً إن قرّر أحدٌ عنّا ذلك؟

جمّد العدوّ حركاته العسكريّة اليوم، وانتقل الى نوعٍ مختلفٍ من المعارك، جوّعنا. حرمنا من قدراتنا المادّيّة، نحن أغنى بلاد العالم بالموارد والخيرات.
التجويع والحصار، والأنظمة الّتي فُصّلت على مقاس العدو، هي جنوده في معركته علينا، هي أدواته الّتي يقتلنا بها، ويشلّ بلادنا عبرها. الأنظمة الفاسدة والطائفية ليست سلاحنا نحن ولن تكون.

سلاحُنا هم المؤمنون بعقيدتنا، سلاحنا هم عراة الصدور في فلسطين، هم نسور الزوبعة في الشام، هي فرقة الفداء القومي، هم الاستشهاديون الذين ساروا مسيرة الأجساد المتفجرة، هم شهداء تمّوز 1949، هو رصاصنا، هو عقول القوميين المبدعة والنظيفة والمٌخطّطة، هو ثباتهم ومناقبيتهم، هو إيمانهم بمقاومة أعداء البشرية، اليهود. سلاحنا هو الحركات المقاومة في فلسطين، وفي لبنان، وفي الشام، هي البيئة المؤمنة بالصراع في كُلّ بقاعِ بلادنا.

من يريد أن يحيا أبناؤه حياةً كريمةً، عليه بزوال “اسرائيل”، فهذه سورية وليست سويسرا، والنّأي بالنّفس في معارك تقرير المصير، تسليمٌ بانتصار اليهود.
“العودة الى ساح الجهاد” ليس شعاراً، من استساغ التعبير فليرجع الى قائله.. سعاده اختار الاستشهاد على الفرار.