بين نهر اليرموك وجبل الشّيخ، تقع أرضٌ سوريّةٌ مُحتلّةٌ من قطعان اليهود. شهدت على أعتى أساليبهم دهاءً لتهويدها، ترهيباً وترغيباً، وما استسلمت.
فيما يلي، سلسة حلقات تسلّط الضوء على هضبة الجولان، على لسان أحد أبنائها المقاومين، للإضاءة على سنوات الإحتلال والصراع، وكذلك دخول المنطقة عصرًا جديدًا من المواجهة بعد العام 2011.
الجولان هضبة تقع في الكيان الشامي، بين نهر اليرموك من الجنوب والجبل الشيخ من الشمال، تتبع محافظة القنيطرة إداريّاً. احتلّ اليهود ثلثي مساحتها في الـ 1967، واعتُبرت أرضاً سورية محتلة من قبل الأمم المتحدة منذ ذلك الحين.
يسمّى الجولان قديماً بـ “الهضبة السورية”، وهو الاسم الذي كان شائعاً قبل الاحتلال. وكان عدد سكّان الجولان، قبل حزيران الـ 1967، حوالي 154 ألف نسمة، كما كان عدد قراه إضافة إلى146 مزرعة.
احتلّ اليهود 137 قرية، و112 مزرعة إضافة الى القنيطرة.
أمّا القرى التي بقيت بسكانها فهي ست قرى: مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا ، عين قنية، سحيتا والغجر.
نزح سكان سحيتا فيما بعد الى قرية مسعدة لتبقى خمس قرى.
دمّر الاحتلال 131قرية و112 مزرعة ومدينتين. وهجّر أكتر من 131 ألف نسمة ودمر قراهم حيث يبلغ عددهم اليوم قرابة 800 الف نسمه يعيشون في دمشق وضواحيها. هذا وبقي حوالي ثمانية ألف مواطن في القرى الخمسة الباقية حيث يبلغ عددهم حالياً قرابة عشرين ألف نسمة.
الخمس عشرة سنة الاولى من الاحتلال أي منذ عام 1967 حتى عام 1982 كانت حاسمة في زرع الطريق بثوابت لا يمكن تخطيها ما أفشل مشاريع الأسرلة وفرض المواطنة والجنسية الاسرائيلية والتجنيد العسكري الاجباري.
كما تم اعتبار قرار مجلس الأمن 479 قانون ضم الجولان لكيان الاحتلال لاغياً وباطلاً وكان العمود الفقري لتكريس فشل المحتل حتى يومنا هذا.
نضال الأهل في الجولان
اجتاز عدد من أبناء الجولان منذ الأيام الأولى للاحتلال خط وقف اطلاق النار متوجهين الى دمشق التي تبعد 64كم عن مجدل شمس والتقوا بالقيادات بهف التنسيق والتخطيط، وبعد أشهر قليلة تشكل تنظيم باسم “جبهة تحرير القنيطرة” باشراف مباشر من وزير الدفاع السوري وقتها الرئيس الراحل حافظ الاسد.
هذه المقاومة كان لها أثر في حرب تشرين
واستطاعت خلاياها رصد نشاطات جيش العدو وزودت القيادة السورية بمعلومات مهمة اثناء الحرب.
في 14/12/1981 أعلن الاحتلال بدء تطبيق قانون الإحتلال على الجولان، فأعلن سكان الجولان اضراباً عاماً وشاملاً لمدة ثلاثة أيام من الشهر نفسه رفضاً لقرار الضم.
نبّه أهل الجولان في حينه من خطورة الخطوات التي يريدها الاحتلال وأرسلوا برقيات احتجاج الى المؤسسات الدولية والى حكومة الاحتلال ذاته تؤكد الرفض والتحذير من المساس بالانتماء الوطني، ورافق ذلك استمرار النضال بإحياء ذكرى الجلاء من جديد في عام 1979، وأرسلوا بياناً حمل تحية للوطن وجاء فيه:
“من كل بيت عامر ..أو مهجور ..من كل صخرة وحجر وذرة تراب ..من كل حي وجماد ..من ديرتنا الحزينه والمكلومه المفجوعه على فراق الوطن الحبيب مع كل نسمة هواء ..ومع نجوم السماء ومع الطيور المتجهه نحوك يا سوريا الحبيبة
نبعث تحية الصمود والإباء بمناسبة عيد الجلاء”.
وفي خطوة تؤكد على المواجهة ورفض الاستسلام اعتادت نساء الجولان الصعود إلى التلة ليخاطبن بعضهن البعض، وعندما سألن عن جذور هذه الممارسة التي غدت تقليدًا، أتى الرد أن الأمر بدأ منذ أن بني الجدار الفاصل والزائل منذ عام 1967 ومازال الى يومنا هذا وأمسى وادي الصراخ رمزًا لتأكيد سورية الجولان.
تحية لاهلنا المقاومين. في جولاننا المحتل