قد يكون نشر الوعي من التحرّش الجنسي هو الخطوة الأهم في مكافحة هذه الآفة التي تصيب العالم، وتحديدًا مجتمعات بلادنا.
ينصح الأخصائيّون عادةً بدء التحدث عن موضوع الوقاية من التّحرّش مع الطفل بمجرد أن يكون قادراً على الفهم، أي بعمر الثالثة تقريباً، ويُفضّل أن يكون ذلك قبل دخوله إلى المدرسة والحياة الاجتماعية. التوعية هنا لا تأتي بشكل مباشر، بل من خلال الحديث عن الحفاظ على السّلامة الجسديّة والخصوصية، ورسم الحدود مع الآخرين. وهذا يختلف طبعًا عن إخافة الطفل من الأذى الذي قد يتعرّض له نتيجة التحرّش والذي قد يسبّب عائقاً في تعامل مع الآخرين، بلغةٍ بسيطة ومفهومة ومصحوبة بالأمثلة.
هذا ويجب على الأهل استخدام الشرح المبسّط لأعضاء جسم الإنسان مع تحديد ما يمكن تسميته بالأجزاء الخاصة (Private Parts) حيث يقال للطفل بأنّها الأجزاء التي يجب ألا يراها أو يلمسها أي شخص آخر، ويمكن مقارنتها باليد أو الكتف أو الرأس والتي يمكن لمسها ورؤيتها من قبل الآخرين.
يضاف إلى ذلك تعليم الطفل أنّ جسده ملكه هو فقط ومن حقه أن يستأذنه الأقرباء والغرباء قبل لمسه، ومن حقه الرفض طبعًا.
هذا ويُنصح بعدم الزام الطفل على عناق الأقارب والأصدقاء ويجب تدريب الطفل على حقه في الاعتراض وقول “لا” في حال رفضه لموقف غير مريح له، مع التشديد على أهميّة إبلاغ الكبار عن أي شيء يحدث وطمأنة الطفل أنه في أمان مهما قال، والحرص على تعليمه رفض دخول أي شخص معه الحمام، وإذا تعرّض لذلك عليه الرفض بقوة والصراخ، ورفض أن يقبّل أحد أجزاء جسده أو الجلوس على ساق الغرباء أو الاختلاء به، وتعليمه الفرق بين اللمس الآمن من قبل أبويه واللمس المزعج الذي يمكن أن يتعرّض له، وأنّ عليه الصراخ للإبلاغ عن الشخص المتحرّش والابتعاد عنه.
أما مع المراهقين، فقد يجب وبوضوح وبشكل تفصيلي الشرح عن عمليات التحرش وكيف تتم وكيفية العمل على تجنّبها وكيفية التصرف في حال مواجهة عملية محاولة تحرّش ما، وذلك بالصراخ أو الهروب أو المقاومة والقوة وطلب المساعدة. فالمراهق أكثر قدرة من الأطفال على تمييز سلوك الآخرين تجاهه وفهمها والتصرّف تبعاً لما يستشعر به من وجود خطر أو عدمه. فالتوعية من التحرش عند المراهقين تكون أوضح وأشمل.
وبعيدًا عن الوقاية، وحين التيقّن من أنّ الطّفل قد تعرّض للتحرّش، على الأهل سواء الأم أو الأب أو كليهما الإصغاء إلى كل ما يقوله الطفل وبهذا يبدّدون حالة الخوف والتوتر التي تعتريه وهو يروي ما حدث، وقد يُخبر عن ذلك تدريجيّاً على مدار أيام فعليهم التحلّي بالصبر وعدم مقاطعته وتشجيعه على الكلام دون انفعال أو نحيب كي لا يلوم الطفل نفسه ويظن بأنه المذنب وفي حال أبدوا اهتياجاً وثورة فقد يغيّر الطفل قصّته أو يتراجع عنها.
هنا، يتوجّب على الأهل إبلاغ الطفل بتفهمهم لما تعرّض له وعدم سؤاله لماذا لم يُخبر بالأمر في وقت مُبكر وإظهار الحب والدعم له وبأن المعتدي سيعاقَب وبأنهم سيقومون بحمايته.
هذا ويجب على الأهل إخبار الشّرطة أو الجهة المختصّة، وإذا كان المُعتدي يعمل بمكان يوجد فيه أطفال ينبغي تحذير الإدارة لحماية الأطفال الآخرين.
كذلك يجب عرض الطفل لفحص طبّي للتّأكّد من سلامته الجسديّة ومن ثمّ عرضه على الاختصاصي النّفسي لمعالجة الأضرار النفسيّة للتحرّش.
الأخصّائية والمعالجة النفسيّة ريما كسر