صادف أمس، 6 آب-أغسطس الذكرى ال 78 لإلقاء الولايات المتحدة الأميركية القنبلتين النوويتين على ناغازاكي وهيروشيما والتي تركت وراءها كارثة لا مثيل لها من الدمار والضحايا البشرية وما نتج عن ذلك من كارثة بيئية لا تزال آثارها ماثلة حتى اللحظة.
وفي حين ان الكثير من المؤرخين يدّعون ان القاء القنبلتين ادّى الى انهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان، فإن الحقيقة التي لا تقبل الجدل انطلاقاً من معرفة تفاصيل تلك الحقبة تؤكد بوضوح ان الرسالة كانت ترهيب الإتحاد السوفياتي والصين وهو الأمر الذي لم يغادر العقل الأميركي الشيطاني حتى اللحظة.
ولولا ان الإتحاد السوفياتي ومن بعده الصين امتلكا السلاح النووي لكنا امام مشهد آخر مختلف ولما كان هناك اتحاد سوفياتي ومن بعده روسيا ولا دولة اسمها الصين.
اما الهدف من هذه المقدمة حول استخدام الولايات المتحدة الأميركية للسلاح النووي فهو ببساطة لإبراز الوجه الحقيقي لهذه الدولة التي قامت اساساً على دماء الهنود الحمر وهم الشعب الأصلي لتلك البلاد.
في 14 تشرين الثاني-نوفمبر سنة 2015 وفي محاضرة له قدّم الأستاذ الجامعي والسياسي والبرلماني الإيطالي جولييتو كييزا مجموعة من التفاصيل التي تؤكد تحوّل أوكرانيا الى ساحة قتال رئيسية بمواجهة روسيا واختصر ما قاله بعناوين أساسية:
-اوكرانيا ستقودها النازية بدعم اميركي
- اوكرانيا المسلوبة الارادة سيجعلها الامريكان مخلبهم لمهاجمة روسيا.
- سيجعلون دونباس ومذابح النازيين في لوغانيسك ودونتيسك شرارةً لحرب عالمية ثالثة.
- الموضوع ابداً ليس اوكرانيا، الموضوع هو تدمير اوروبا كلّها في حرب روسية اوروبية.
- اي عدوان على روسيا هو عدوان عليكم في بيوتكم ايها الاوروبيون.
- لن ينقذكم احد، ليس لديكم غير روسيا لانقاذ اوروبا مما يخطط له الامريكان.
- لاسباب موضوعية، روسيا هي الوحيدة التي تستطيع انقاذ البشرية
- السؤال لماذا ؟ لماذا تريد امريكا حرب مدمّرة؟
- الجواب: اميركا تنحدر ولن يكون لها مستقبل، ولن يكون القرن الواحد والعشرين اميركيا”، ما لم تشن حربا” مدمّرة، يدمّر منافسيها انفسهم بانفسهم.
اذن لا يمكن الحديث عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بمعزل عن تناول مخططات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، واستخدامها كجبهة متقدمة للهجوم على روسيا. وبذلك يصبح الكلام عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على أنها معركة روسيا مع الأطلسي وليس مع أوكرانيا فحسب.
وبمقاربة سريعة لأهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة فإن جوهر الصراع تمثّل ببعدين: - البعد الأول يرتبط بنتائج انهيار وتفكك الإتحاد السوفياتي والذي كان للغرب يدٌ أساسية في الوصول اليه كنتيجة.
- البعد الثاني يرتبط بتوجهات أوكرانيا نفسها لجهة محاولة انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي (الناتو)، وكذلك محاولة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وإعلان أوكرانيا نيّتها امتلاك سلاح نووي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك وضع إقليم الدونباس وإعلان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك استقلالهما، واستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم.
السلطات الأوكرانية ومنذ الخطوة الأولى في بناء دولتها، بدأت بإنكار كل ما يوحدها مع روسيا، وحاولت تشويه الوعي والذاكرة التاريخية لملايين الأشخاص الذين يعيشون في أوكرانيا، من جميع الأجيال”. وبالتالي “ليس من المستغرب أن المجتمع الأوكراني سرعان ما شهد صعود القومية المتطرفة، والتي اتخذت شكلاً عدائياً ضد روسيا مع نزعة نحو النازية الجديدة، بدعم من القوى الأجنبية”.
وتؤكد روسيا أن الدعم المالي الذي قدمته السفارة الأميركية، لمعسكر الاحتجاجات في ميدان الاستقلال في كييف، “بلغ مليون دولار يومياً. بالإضافة إلى عشرات الملايين من الدولارات التي تم تحويلها إلى الحسابات المصرفية لقادة المعارضة”.
في ال 21 من شباط-فبراير سنة 2014 أبلغ الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش عبر الهاتف الرئيس بوتين، بنيته مغادرة كييف لحضور مؤتمر خاركوف، لثقته بالوثيقة الموقعة مع المعارضة، بضمانة وزراء خارجية الدول الأوروبية.
وبمجرد مغادرة يانوكوفيتش كييف، خلافاً لنصيحة بوتين، تم الاستيلاء على إدارته ومبنى الحكومة بقوة السلاح.
منذ هذا التاريخ أصبحت الأمور امام اتجاه آخر وتحديداً في شهر آذار-مارس من العام 2014، حيث بدأت التظاهرات المناهضة لنتائج ثورة “الميدان الأوروبي” في المناطق الشرقية من أوكرانيا، في دنيبروبيتروفسك ودونيتسك ولوغانسك وخاركوف وغيرها.
طالب المشاركون بالاعتراف باللغة الروسية لغة رسمية ثانية في المناطق ذات الأغلبية الروسية، وإصلاح دستوري مع لامركزية الأقاليم تصل إلى حدّ الفيدرالية.
في الـ 6 من آذار-مارس للعام 2014، تمّ إعلان استقلال شبه جزيرة القرم بعد استفتاء حول وضعها.
وفي الـ18 من آذار-مارس للعام 2014، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية، في عملية وصفتها بـ”تصحيح خطأ تاريخي”.
وعلى مدى 8 سنوات حاولت روسيا عبر اتفاقية مينسك ان تحفظ امنها القومي دون جدوى الى ان وصلت الأمور مرحلة اللاعودة بسبب ما تكشّف من نيات عبر ممارسات واضحة لقيادة أوكرانيا النازية والغرب الجماعي فكان لا بد من القيام بعملية استباقية للحد من المخاطر الناتجة عن التحولات المعادية لروسيا وهو ما انتج العملية العسكرية الروسية التي ستستمر حتى تحقيق كامل أهدافها مهما اطال الغرب الجماعي امدها من خلال دعمه اللامحدود لأوكرانيا.
الخبير العسكري وخريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية عمر معربوني