تطور المقاومة والافاق المحتملة

شكل التحرير في 25 ايار عام 2000 مفصلا اساسيا في مسار المقاومة ،  على اساس النموذج الذي قدمته لبقية المقاومات في المنطقة باعطاء الامل والامكانيات المتاحة للانتصار على العدو في حال توفر النية والارادة والتخطيط الصحيح والدقيق ، واستخدام الارض بالبقع المفتاحية المتوفرة ، وتحويل ما يمكن تحويله من التضاريس لجعلها مناطق ذات اهمية في العمليات . وهي مسائل لا يرقى اليها الشك ان من الناحية التقنية او من ناحية صوابية هذه الخيارات . ولعلنا نحصد الان  بفخر هذه النماذج  المتكررة في فلسطين المحتلة  والمتسلحة بارقى انواع البطولات واعزها واصلبها في المواجهات الدائرة بشكل يومي .

اذن لم يكن التحرير عام 2000 فقط بتصدير النموذج ونسخ التجربة في جنوب لبنان ، انما بهذه الغيرية المصحوبة بالسخاء المنقطع النظير بايصال ما يمكن ايصاله لشعبنا في فلسطين من خبرات تكتية  ومعدات وكل مستلزمات الصراع للثبات والانتصار وصولا الى وحدة الموقف ووحدة الساحات .

واستطرادا  ، اعطى التحرير للمقاومة نفسا جديدا  فلم يقتصر عملها على نتائج اجتياح 1982 انما تعداه الى المناطق المحتلة عام 1978 واسقاط ما سمي حينها بدويلة سعد حداد وانطوان لحد لاحقا والتي شكلت في مرحلة محددة الحجاب الحاجز من الوصول الى الجليل ، وبالتالي الوصول الى تماس مباشر مع الكتلة المرصوصة للعدو مما إستدعى تغييرا في التنظيم والاساليب التكتية .

قبل عام 2000 ومن لحظة وصول العدو الى بيروت ، مرت المقاومة بكافة تنظيماتها ومسمياتها واشكالها  بمرحلتين . الاولى من حزيران 1982 وحتى عام 1984 حيث كان العدو ينتشر بالاضافة الى الجنوب في بيروت ومحيطها وفي منطقة الجبل وصولا الى تقاطع المديرج من جهة الشوف  والمتن الاعلى والى المتن الشمالي ومنطقة الغرب وصولا الى الدامور والضاحية الجنوبية بما فيها الحدث  والى منطقتي البقاع الغربي وراشيا . في هذه المرحلة عملت المقاومة الوطنية بكامل زخمها ، وخاصة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتواجد بكثافة في هذه المناطق وسجل 421 عملية موثقة ، [ راجع مجلة فكر عدد تموز 1984] بالاضافة الى العمليات النوعية الاستشهادية ،تم القضاء على رجل العدو الاول بشير الجميل ، وعملية الوينبي الذي نفذها الشهيد خالد علوان . ويجب ان لا ننسى عمليات الحزب الشيوعي اللبناني  وحزب البعث والقوى العروبية والناصرية طبعا بالاضافة الى عمليات حركة امل والمقاومة الاسلامية .

اما في المرحلة الثانية وبدات مع انسحاب العدو من منطقة الجبل وبعض المناطق من البقاع الغربي وراشيا حيث ضاقت مساحة الارض نسبيا حيث اقتصرت على الجنوب بما فيها حاصبيا وبقع قليلة في جنوبي البقاع الغربي وراشيا . نشطت المقاومة الاسلامية وتحديدا حزب الله مع مجموعات قليلة من الاحزاب الاخرى  وصولا الى التحرير.

في هذه المرحلة الاخيرة اقتصرت العمليات الهجومية على نقاط محددة بغرض تدميرها ومن ثم الانسحاب منها الى نقاط تألب في المواقع الدفاعية، والهدف زعزعة حالة الاستقرار وجعله  اي العدو بحالة قلق دائم من الهجمات المتكررة على مراكزه الدفاعية مما ادى الى انسحابه الكامل من الارض المحتلة بعد انهيار القوى البديلة المسماة ” جيش لحد ” .

بعد عام 2000 ، اتجهت المقاومة الى خيار الوحدات النظامية الى جانب وحدات الغرية العاملة مركزيا وهو ما يعتبر في المفهوم العسكري الحديث وحدات الحرب اللامتماثلة او الحرب الهجينة . بحيث تتصف هذه الوحدات بالليونة على مستوى الحركة العملانية والقدرة على التكيف مع اي واقع مستجد، مع الصلابة والثبات اثناء القتال . وهذا ما اعطاها القدرة على مقارعة العدو عام 2006 ومنعه من تحقيق اهدافه .

تطورت المقاومة واكتسبت ميزات جديدة بعد مشاركتها في مواجهة القوى التكفيرية مع الجيش الشامي ، خاصة القتال في المناطق المأهولة او المبنية ، وحرب الشوارع ، واختبرت القتال على مستوى الوحدات الكبرى، وراكمت بل عززت تسليحها كما ونوعا . من الطائرات المسيرة الى الصواريخ الدقيقة الارضية والبحرية وربما صواريخ الدفاع الجوي .

الا ان التطور الاهم برأينا ، لم يكن بالتسليح والتنظيم فقط على اهميته ، انما بالرؤية الاستراتيجية للصراع . لقد حطمت المقاومة حدود سايكس/بيكو ، وتخطت الحواجز المذهبية بدعم المقاومة في فلسطين ، وكانت قبلها قفزت فوق المعوقات الطائفية في لبنان .وبذلك نحت باتجاه المقاومة القومية .

ان الافق المرتجى هو وحدة الساحات فعليا من اجل التحرير الكامل والناجز لارضنا القومية .

رئيس المؤتمر القومي الأمين وليد زيتوني