التحرير.. عيد اميل لحود

“هو جيش وطني، تتعاملون معه كذلك”، بهذه الكلمات أعطى قائد الجيش العماد إميل لحود أوامره لضباط الجيش في لبنان عام 1991 لكيفيّة تعاطيهم مع عناصر المقاومة، وذلك حين كان الجيش ينفّذ قرار مجلس الوزراء الانتشار في عدد من المناطق الجنوبية. هذا الموقف الذي يحتاج اتخاذه لقدرات مواجهة كبيرة مع سلطة سياسية نصف مرتهنة للواقع الأميركي في حينه، اتخذه لحود من منطلق وطني، هو الذي لم يكن قد التقى بأي مسؤول من المقاومة طوال مسيرته، وبالطبع لم يكن قد التقى بعد بالسيّد نصرالله. هذا هو إميل لحود.
قد لا يذكر الكثير من الإعلام تاريخ الرئيس إميل لحود كما هو، فلوسائل الإعلام مصالحها وتمويلها، وهو نفسه آمن بفصل السلطات، وتحديدًا السلطة الرابعة التي حاربه بعضها ولم يبادلها هو المثل. ولكن في واقع الأمر وحين يتغنى كثر اليوم بالجيش واصفين إياه بالمؤسسة الوحيدة التي صمدت في وجه الانهيار الاقتصادي والأخلاقي وبأنها صمام الامان الوحيد في لبنان، وهذا صحيح، فإنهم يتناسون ويتقصّدون عدم ذكر الرئيس إميل لحود، هو الذي وحّد الجيش بعدما كان جيشين، وهو الذي أوجد له عقيدة قتاليّة تحدّد العدو من الصديق، وتعتبر أنّ تحرير الأرض لا حراسة الحدود هي المهمة الوطنيّة. هذا هو إميل لحود.
قبل التحرير بأيّام وقف الرئيس لحود على شواطئ الجنوب، مواكبًا التحرير لحظةً بلحظة، تمامًا كأي مواطن كان ينتظر بلهفةٍ ما سيحصل. بعد التحرير بساعات توجّه للمناطق المحرّرة، مطمئنًا بعض الأهالي أن ليس هناك من سيتعرّض لهم. آثر إعطاء الصبغة الوطنية للتحرير، مبعدًا إياه عن محاولات التطييف لا سيما وأن آلةً إعلامية ضخمة كانت جاهزة لتقول أنّ انسحاب العدو كان من ضمن مشروع رئيس حكومة الاحتلال يهود باراك، وليس بفعل بطولات المقاومين. إميل لحود أكّد من كل بلدة زارها أنّ الدماء صنعت التحرير. هذا هو إميل لحود.
ولأنّه ليس شخصيّة سياسيّة، بل مرجعيّة وطنيّة، لم يسعَ لتنصيب نفسه صانعًا للانتصار، بل تابع من الساعات الأولى عمليّة المطالبة بباقي الاراضي المحتلة، مسجّلًا أمام تيري رود لارسن، مبعوث كوفي أنان أمين عام الأمم المتحدة في حينه، أنّ لبنان يتحفّظ على عدم الانسحاب من مزارع شبعا. ولمن نسي، فليتذكر، إميل لحود رفض اعتبار الخط الأزرق حدودًا دولية. هذا هو إميل لحود.
في حرب تموز قاد المقاومة السياسية الحقيقية. مسح مشروع “اسرائيل” من على طاولة مجلس الوزراء، منع أعوانها من إعطاء العدو ما لم ينَلْه في عيتا الشعب ومارون الراس وبنت جبيل. التاريخ لن يذكر السقطات، ولن يعطي لأحد ما لا يستحق. إميل لحود واجه حكومة الساقط فؤاد السنيورة وجهًا لوجه، لمنع وضع لبنان تحت الفصل السابع. التاريخ لن يذكر سقطة تسمية الحكومة بحكومة المقاومة السياسية، والسهوات تحصل. التاريخ سيذكر أنّ هناك رئيسًا للجمهورية قاد المقاومة السياسية حين لزم الأمر، رغم حملة المقاطعة التي حاول البعض فرضها عليه ولم يتأثر هو بها. هذا هو إميل لحود.
ولأنّ ليس بمواجهة العدو وحده تحيا البلاد، علينا تأريخ المحطات بتفاصيلها. إميل لحود، ومعه شريكه بنصاعة الكف، سليم الحص، قادا معًا بمواجهة كل الباقين، حملة تجميد تصاعد الدين العام، واجها الفساد بإمكانيات متواضعة، دون مجلس نيابي ودون إعلام ودون هيئات رقابية. إميل لحود رفض حقائب الإغراء الحريري، وترفّع عن ضربات من بعض أدوات الخط الوطني، واجه ورفع شعار “دولة المؤسسات” ولم يهادن أمام قناعاته. هذا هو إميل لحود.
عيد المقاومة والتحرير هو من الأعياد القليلة التي صنعها أبناء شعبنا بأيديهم، لم تسقط عليهم من السماء ولم يفزلكها لهم أبناء الأرض، وإميل لحود واحد من صنّاع هذا العيد، وشريك أساسي في عزّة البلاد ومجدها، ولأنه كان الرئيس، مجد هذا اليوم أُعطي له.
عيد المقاومة والتحرير هو اميل لحود.

عميد الاعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي ماهر الدنا