يمكن تصنيف اللعب الاستخباراتي الأمريكي – البريطاني – التركي –الصهيوني، وادواتهم بقضية اللاجئين السوريين الى مرحلتين:
- الأولى، مرحلة التجنيد العسكري وزجهم في الأعمال الإرهابية في بلادهم.
- الثانية، مرحلة التجنيس خارج بلادهم، ولا يعني ذلك الفصل الحاد بين المرحلتين، فثمة تداخل وتقاطع أيضا بينهما.
المرحلة الأولى: لم تعد العلاقة بين اللاجئين والتجنيد مسألة قابلة للشك أو النقاش وتتعلق بهذا البعد الانساني و ذاك وحسب، بل أظهرت الوقائع والمعطيات أن بعد التجنيد هو البعد الأساسي فيها وأن استدراج السوريين إلى معسكرات اللجوء في دول الجوار وخاصة تركيا والأردن ولبنان، كان استدراجا مبرمجا لعدة أهداف، بينها التجنيس والاستثمار في الجانب الإنساني المزعوم، كما درجت مفوضية حقوق الإنسان) التي تضم بلدانا نافذة معروفة بانتهاكاتها لهذه الحقوق، أما أخطر هذه الأهداف، فهو توفير بيئة لتجنيد وتدريب المرتزقة ودفعهم إلى الداخل السوري لاستنزاف الجيش السوري وغير ذلك من أهداف أمريكية – صهيونية ورجعية معروفة.
وكان لافتا للانتباه على هذا الصعيد، أن الدوائر المذكورة تترك الحبل على الغارب لكل القوى والجهات بما فيها الجماعات المصنفة على لائحة الإرهاب وفق القرارات الدولية نفسها، بل أن غالبية المجندين في هذه المعسكرات كانوا من المحسوبين على جبهة النصرة وأمثالها، وذلك مقابل أعداد أقل من مرتزقة العشائر والمتدربين الذين أرسلوا إلى ما يعرف بـ (الجيش الحر).
أيضا، ثمة معطيات مؤكدة على استمرار الاستخبارات الأمريكية والبريطانية بتجنيد اللاجئين في معسكر الركبان ومخيم الزعتري، لتزويد القواعد الأمريكية ومنها التنف بالإرهابيين المقاتلين، وخاصة لغايات بناء عوازل طائفية مسلحة بين سوريا والعراق.
وكذلك لغايات الفيلق الصحراوي بانتظار المرحلة الثانية من المناخات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية في الأردن.
المرحلة الثانية: من حيث التجنيس قد يكون من المبالغ فيه القول أن العلاقة بين اللاجئين السوريين والتجنيس هنا وهناك، هي أحد أسباب الحرب الخارجية والداخلية المفروضة على سوريا منذ عام 2011، لكن ذلك لا يغير شيئا من إحدى تداعيات هذه الحرب، هي إدخال اللاجئين السوريين في لعبة التجنيس واستحقاقاتها في أكثر من بلد عربي وأوروبي، كذلك.
يشار هنا إلى التجنيس في المانيا وغيرها لغايات الاستفادة من الخبرات السورية في القطاع الطبي وغيره مقابل التجنيد لغايات إرهابية في مناطق أخرى.
في غالبية بلدان الجوار، لم تعد المسألة غامضة أو مثار الشكوك، بل إن هناك من يطرحها كما هي وبدون لف ودوران ويعلن جهارا نهارا أنها هدية غير متوقعة لتعديل الميزان أو المعادلة الديموغرافية، سواء من زاوية مذهبية أو من زاوية جهوية، واليكم نماذج منها:
- إعلان الرئيس التركي، أردوغان، أكثر من مرة أنه بصدد التوصية بتجنيس مليون سوري وتوطينهم تحت إشراف المخابرات التركية في المناطق الحدودية وذلك في إشارة لبناء حزام بشري بفصل أكراد سوريا عن أكراد تركيا كما لا يخفى أردوغان وبالرغم من المزاج العام المعادي للاجئين السوريين في تركيا، نزعاته الطائفية بالإشارة إلى هذا العدد من (أهل السنة) في بلد من الفسيفساء المذهبية يضم عشرين مليون علوي وعشرات الملايين من أهل التكايا والزوايا الصوفية.
- – ما يقال عن رغبة بعض الأوساط الطائفية المتعصبة في لبنان في ضم نصف مليون سوري من (أهل السنة) وتجنيسهم لكسر التوازن المذهبي الذي يميل قليلا إلى الشيعة في الوسط الإسلامي نفسه، ناهيك بالحضور المسيحي الذي تحول بعد الضم الفرنسي لأجزاء من سوريا إلى حوالي الثلث تقريبا
- بالاستفادة من تاريخ الصحراء السورية والعراقية المجاورة للأردن، هناك ما يقال أيضا عن تصورات دولية (أمريكية) وإقليمية (إسرائيلية) لخلق معادلات ديموغرافية جديدة في الأردن بديلة أو موازية للمعادلة الأردنية، الفلسطينية، وبحيث يصبح اللاجئون السوريون بعد توطينهم معادلا ديموغرافيا جديدا، من جهة، وقوة أمنية موازية من جهة أخرى.
- وثمة تسريبات تحدث عن رغبة البحرين باستقبال وتوطين مئة ألف سوري حيث يشكل الشيعة الأغلبية الكبيرة من سكان ذلك البلد وسبق للبحرين أن وطنت عشرات الالاف من بدو سوريا على شكل مجندين وعاملين في الأمن العام بإمكانهم الاقتراع أيضا بشكل أو بآخر في الانتخابات المقبلة.
هذا على الصعيد العربي والتركي، أما على الصعيد الأوروبي، فثمة دول مهتمة جدا باللاجئين السوريين، مثل المانيا، التي ترى فيهم عمالة حيوية وبيئية لتجديد المانيا الهرمة، وراحت تشكل لجانا متخصصة لحل ما تعتبره مشكلة التكيف الثقافي المطلوب.
ويشار هنا إلى أن أوساطا واسعة من اللاجئين السوريين، وبصرف النظر عما يطرح من مخاوف في منافسة هذا القطاع أو ذاك، فقد برهنوا خلال السنوات السابقة وحيثما حلوا على قدرتهم على تطوير العديد من الحقول وليس المطاعم ومحلات الحلويات فقط.
وقد أظهرت حالات سابقة، أن موجات المهاجرين السوريين القديمة (تشمل كافة البلاد السورية في حينها) ساهمت في تطور العديد من بلدان أمريكا اللاتينية، الوسطى والجنوبية، وقدمت العديد من الأعمال الروائية اللاتينية، الشخصية السورية بصورة إيجابية مغايرة لصورة اليانكي الأمريكي واليهودي المرابي.