من هاني بعل إلى حزب/الله، حين تطعن المقاومة من داخل أسوارها

في التاريخ صفحات لا تشيخ، تعيد نفسها بأسماء وأماكن مختلفة، لكن الجريمة تبقى هي نفسها، خذلان المحارب المقاوم من داخل بيته.

هاني بعل هملقار برقه، قائد عبر الألب وحاصر روما، في القرن الثالث قبل الميلاد، دوّى اسم هاني بعل، القائد القرطاجي العبقري، الذي أذهل العالم بإجتيازه جبال الألب مع جيشه وفيلته ودخل إيطاليا من الشمال وهو ما لم تتوقعه روما، مخلفاً وراءه انتصارات مروعة ضد الإمبراطورية الرومانية، خصوصاً في معركة كاناي، التي لا تزال تدرس في أرقى الأكاديميات العسكرية.

لكن وعلى الرغم من إقترابه من أبواب روما، لم يتلق الدعم المنتظر من مجلس الشيوخ القرطاجي، الذي ترأسه حينها حنان، التاجر وزعيم التيار السياسي المناهض لعائلة برقه وخصماً لهاني بعل داخل قرطاجة، حنان الأكبر رأى في الحرب خسارة لمصالح قرطاجة التجارية، فعارض إرسال الدعم لهاني بعل، بحجة الحفاظ على التوازن، التوازن الذي دمّر قرطاجة في النهاية.

اليوم في حاضرنا القريب، نرى مشهداً يحمل أصداء تلك الخيانة القديمة. 

حزب/الله الذي وقف كقوة مقاومة حقيقية ضد العدو الإسرائيلي وواجه الإرهاب وأعاد ترسيم موازين الردع في المنطقة، يجد نفسه أمام حملة قانونية، لتجريده من سلاحه، تحت عنوان حصرية الدولة للسلاح وتطبيق القرارات الدولية.

مجلس الوزراء، تماماً كما كان مجلس حنان في قرطاجة، لا يملك لا الجرأة العسكرية، ولا القراءة الجيوسياسية العميقة، يصوّت ويتحرك بناءً على إملاءات دولية، وتوازنات مالية، وضغوط ديبلوماسية، بينما يقف المقاوم في الميدان، مهدداً بالإلغاء من الداخل قبل أن يُهاجم من العدو.

هاني بعل لم يُهزم في الميدان، بل خذل من سياسيين مهتمين بالتجارة. 

حزب/الله لم يهزم في أي معركة مع العدو، لكنه اليوم يستهدف من تجار منصات التشريع والبيانات الوزارية.

قرطاجة لم تدمر على يد روما فقط، بل على يد جبن مجلس شيوخها. 

والمقاومة في لبنان، قد تطعن من الذين يرفعون شعارات السيادة، وهم يكتبون صكوك الإذعان.

الخلاصة، التاريخ لا يرحم، ولا يعيد فرصه، قرطاجة ماتت لأن تجارها خافوا على تجارتهم، لا على مدينتهم. 

فهل يكتب للبنان نفس المصير إن كرر خطأ قرطاجة، وترك مقاومته تواجه وحدها، بينما يغني البعض للحياد والتسوية وحصرية السلاح، في منطقة لا تعرف إلا منطق القوة !؟

بين هاني بعل وحزب/ الله ذات الخنجر المسموم وذات اليد التي تمسك به والنتيجة المتوقعة للأسف نفس الكارثة.