هجرة الأدمغة والشباب – الحلقة الرابعة

نتناول في هذه الحلقة أبرز المشاريع التي وضعها لبنان للتعاطي مع ظاهرة هجرة الكفاءات منه وهي كالآتي:

–  مشروع «توكتن» لبنان، وقد انطلق هذا البرنامج عام 1994 بمبادرة من مجلس الانماء والاعمار بهدف تجنب التأثيرات الناتجة عن هجرة الأدمغة،  من خلال اعادة هذه المواهب إلى الوطن الأم، لتساعد في خبراتها الإدارات العامة والمؤسسات الأهلية لتلبي حاجاتها بالمساعدة المجانية من قبل خبراء مقيمين في الخارج.

–  مشروع لبنان مستشفى المشرق العربي الذي يقوم على إنشاء مستشفى في لبنان متخصص في «الجراحة الثقيلة»،  على أن تشكل الهيئة الطبية فيه من نخبة من الأطباء والجراحين اللبنانيين المقيمين في U.S.A وتشمل أنشطته منطقة المشرق العربي خصوصا المنطقة النفطية.

–  مشروع شبكة الحاضرات البحثية، ومن أبرز أهدافه جمع أصحاب الطاقات الجامعية والتكنولوجية والعلمية العربية المقيمة والمغتربة وحثها على البحث العلمي والابداع من خلال مشروع انمائي تقني واقتصادي، والعمل على الحد من موجة هجرة الأدمغة، وتأمين المناخ الملائم لعودة من هاجر، وايجاد فرص عمل مستحدثة،  وتشجيع الابتكارات التكنولوجية والعلمية وتنمية النشاطات في مجالات التقنيات المتقدمة على أنواعها.

–  دعم البحوث العلمية: يتولى «المجلس الوطني للبحوث العلمية» دعم البحوث العلمية الجامعية، فقد وافق هذا المجلس، في العام 2007، على دعم 36 مشروعا علميا من أصل 61، موزعة على مختلف الجامعات في لبنان، في اختصاص العلوم الطبية (عدد 9)، العلوم الأساسية والهندسية (عدد 13)، العلوم الزراعية (عدد 2)، العلوم البيئية (عدد 5)، علوم الإنسان والمجتمع (عدد7).

–  مشروع «نادي العولمة»: ترعاه مؤسسة براين باور (Brain Power), التي تأسست عام 1981 بهدف استعادة «الدماغ اللبناني» المهاجر إلى لبنان وتأهيل الكوادر اللبنانية لتصل إلى مصاف المستويات العالمية. وقد نجحت هذه المؤسسة في مدى عشرين عاما على استعادة على ما يزيد على 5000 دماغ لبناني،. كما يحتفظ بنك الأدمغة في هذه المؤسسة بما يزيد على 20 ألف طاقة بشرية ذات مواصفات عالمية تنتظر عودتها إلى العالم العربي لتساهم من خلال طاقاتها وخبراتها في نهضته.

–  المجموعة العالمية للاستثمار والتنمية. وهي مجموعة استثمارية مستقلة، مركزها بيروت، وغايتها حشد الأموال وتوجيه الاستثمارات باتجاه تنفيذ ودعم المشاريع التنموية، للمساهمة في نهوض المجتمعات العربية ودخول اقتصادها في عصر المعرفة. ومن بين أبرز أهدافها: «تفعيل التواصل مع العقول والمؤسسات العربية، والاستفادة من خبراتها في عمليات النهوض والتغيير في المنطقة».

ودعا د.الياس زين في كتابه «هجرة الأدمغة العربية» إلى القيام «بثورة ثقافية» عربية تستهدف معالجة معضلة استنزاف هجرة الأدمغة من جذورها العميقة. وأشار الدكتور عطوف ياسين في كتابه «نزيف الأدمغة»، إلى مجموعة من الاقتراحات، من بينها :

– إنشاء وزارة متخصصة للأدمغة العربية مهمتها الأولى العمل على المحافظة على الكفايات وتأمين العمل المناسب لها، واستعادة من هاجر.

–  تأسيس بنك للعقول العربية مهمته اجراء المسوح الشاملة للطاقات المبدعة واحتياجات الخطة التنموية وأولوياتها.

–  افتتاح مكاتب توظيف الأدمغة في اوروبا وامريكا لاغراء الكفايات بالعودة إلى أوطانها والمساهمة في اعمال انمائها واعمارها والدفاع عنها.

– إنشاء سوق عربية مشتركة للعقول والخبرات، تؤمن التكامل بين مراكز الموارد البترولية والمالية من جهة، والأدمغة واليد العاملة الماهرة من جهة اخرى.

– إنشاء مدينة عربية للبحث العلمي. ومهمتها استقطاب أعظم العقول في الخارج والداخل.

–  زيادة رواتب الاخصائيين ومساواتها على الأقل برواتب الخبراء الأجانب المستخدمين في المشاريع العربية.

–  تقييد الدراسة ونظام البعثات والمنح للخارج بمسؤوليات وطنية، يأتي في صلبها أن يتعهد المبعوث للتخصص في الخارج بالعودة إلى وطنه وخدمته لفترة معينة.

–  عقد مؤتمرات سنوية في الوطن للأدمغة المهاجرة، واغرائهم بالبقاء في ربوعه للعمل في مشاريعه الانمائية.

–  ضمان الحرية الأكاديمية والشخصية في اطار المؤسسات الديمقراطية.

–  توفير المناخ العلمي المناسب للمتخصصين:

«والذي نعنيه بالمناخ العلمي هو تأسيس الجمعيات العلمية، ومراكز البحوث العلمية، والانفتاح العلمي على الخارج والاتصال بأحدث التطورات العلمية والتكنولوجية في العالم، وتخصيص المبالغ اللازمة للحد من التخلف العلمي والسخاء بها دون تردد. وإشراك العلماء والمتخصصين بالمؤتمرات الدولية والمحلية بناء على طاقاتهم ومقدرتهم دون محاباة وتمييز وتفرقة. وضمان عينات للبحث دون صعاب وعقبات. وتزويد المكتبات بأحدث المراجع والمصادر وتسهيل استخدامها في البحث كعامل مساعد دون عوائق. وضمان أدوات البحث من اختبارات واستفتاءات ومختبرات، ووسائل للطباعة والنشر والترجمة. والسماح للأستاذ بالتفرغ تفرغا كاملا، أو نصف تفرغ للإنتاج العلمي دون إملاء وقته بتفاهات روتينية وإدارية تمتص منه الوقت والجهد وتحول عمله إلى مجرد عبث غير منتج واستنزاف. ويرتبط بضمان المناخ العلمي إقامة الندوات وتشجيع المحاورات والمناظرات.

   والمناخ العلمي بعد هذا كله ضمان الأمان للباحث العلمي، والأمن والأمان لا يكونان ما لم يشعر العالم والمتخصص بالطمأنينة في عمله فهو لا يستطيع أن ينتج حين يحس أن عمله مهزوز غير ثابت، وأن بقاءه في العمل والإخلاص فيه، مرهون بتغير السلطة أو الحزب أو الإدارة من حوله، أو بوشاية ضده أو دسائس ومؤامرات تحيط به مما تزخر به الأعمال والظروف في البلاد العربية، في الجامعات والإدارات والمؤسسات والوزارات.

   – الحد من الروتين البيروقراطي الجامد وتبسيط المعاملات الإدارية، وإشاعة منطق الفعالية في الإنتاج.

   وعلى سبيل المثال في أن الحصيلة الإنتاجية لا تزيد على ساعة واحدة لكل ثماني ساعات وعامل الهدر يصل إلى 7 ساعات في الدوائر الرسمية اللبنانية. في حين تتساوى معظم الدول التكنولوجية بوصول الحصيلة الإنتاجية إلى 8 ساعات وأكثر واحيانا إلى الضعف كما في اليابان.

   أما عن الروتين البيروقراطي فحدث ولا حرج، ويكفي أن نلفت إلى أن طلب «المعونة القضائية» يحتاج إلى 258 توقيعا و53 يوما (راجع، جريدة «السفير»،  تاريخ 20 حزيران 2000،  ص 9 ).

   إقامة مكاتب توظيف وعمل داخل كل بلد عربي، لوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب.

–  تكريم العلماء وحماية خبراء الفضاء والذرة العرب.

–  تعديل التشريعات وقوانين الهجرة، مع وجود نظام خاص للحوافز. للحد من الهجرة والتشجيع على العودة.

–  العمل على إنشاء جامعة نموذجية للدراسات العليا داخل العالم العربي، وأخرى للجاليات العربية في أميركا.

–  فتح رأسمال الشركات تمهيدا لتعزيز الاستثمار فيها، وتطويرها بما يوفر فرص العمل والاستثمار للكفايات.

–  التطوير والتنمية الاقتصادية على المدى البعيد.

–  إتاحة الفرصة أمام ثورة تعليمية منهجية تربوية.. كالتي شهدتها الصين الشعبية والولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا بعد هزيمتها على يد نابليون، وانتصارها في 1870، حيث وقف بسمارك وقال: «أن الذي انتصر في معارك حرب السبعين، إنما هو المعلم».

– إنشاء صندوق للعقول العربية.

يقوم رصيده على معدل 5% فقط من أرصدة الأوبيك يكفي لاستقطاب مئات الآلاف من الأدمغة العربية المهاجرة لبناء نهضة تكنولوجية عربية.

وفي هذا السياق نذكر أن الدول النفطية العربية تغذي «صندوق النقد الدولي» بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، ويالسخرية القدر، هنا، أن الدول العربية الفقيرة، تقترض بالفائدة من هذا الصندوق، في حين أن «إسرائيل» لها الأولوية في مساعدات هذا الصندوق؟! ومن جهة أخرى فان أموال النفط العربي تذهب إلى الولايات المتحدة لاستخدامها في تمويل شركات السلاح التي ترتد منتوجاتها علينا موتا ودمارا؟!

–  إيجاد سياسة اقتصادية قومية تطمئن المهاجرين إلى مصيرهم ومصير أموالهم المستثمرة في الوطن الأم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *