تفجيرات كنيسة مار الياس الدويلعة… مشروع قديم بثياب جديدة

ما جرى في دمشق من تفجير لكنيسة السيدة ليس حادثاً إرهابياً عابراً، بل حلقة جديدة في مشروع قديم.. مشروع تفريغ المشرق من ملح الأرض، من أهله الأصليين، من السوريين المسيحيين الذين يشكّلون أحد أعمدة الهوية الحضارية والتاريخية للمنطقة.

المطلوب «إسرائيلياً» واضح منذ عقود: تهجير من تبقّى من المسيحيين «العرب»، خاصة في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان والعراق، تحت شعارات مختلفة، وبأدوات متغيّرة. مرة باسم «الثورة»، ومرة باسم «التحرير»، واليوم باسم «إدارة الأمر الواقع«.

الجولاني، هذا الصنيعة المدلّلة، ينفّذ الدور. يلبس ربطات العنق أمام الصحفيين الأجانب، ويزرع الموت في كنائس الشام.

والشرع يُدين، بكل وقار، جريمة يعلم أنها من إنتاج من يديرون المشهد خلف الستار.

أما بعض الدول الإقليمية، فتدعم وتغض الطرف، لأن تفكيك سوريا المتنوعة والمتجذّرة يصبّ في مصالح من يريد شرقاً أوسطاً بلا ذاكرة ولا تنوّع.

الإعلام الصامت، أو المتواطئ، يغطّي المشهد بصيغة «توازن» … فيضع الكنيسة والعبوة الناسفة في ميزان واحد، ويطلب من الضحية «الهدوء» وضبط النفس.

لكن الحقيقة التي تُرعبهم جميعاً أن أبناء هذه الأرض من الآراميين والسريان، ممن عمروا حضارات قبل الميلاد بآلاف السنين لن يرحلوا بسهولة. هؤلاء لم يخرجوا في وجه الرومان والغزاة والمستعمرين عبر التاريخ، ليُكسروا اليوم أمام أدوات عميلة ومرتزقة مأجورين.

التفجير رسالة… لكنها ليست نهاية الحكاية.

فهذه الأرض، أرض الشهداء والقديسين، لا تنحني لعابرين… ولا يرحل عنها أهلها، بل من يعتدي عليهم هو من يرحل، ولو بعد حين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *