نستفيق كل يوم على أخبار مرعبة من كل أنحاء العالم حول ما يمكن أن تفعله الحيوانات الثائرة والمتمردة وهجومها على البشر!
ما يحصل في بلدنا ليس غريبا عمّا يحصل مع الحيوانات في كل أنحاء العالم نقرأ أخبارا من مثل:
كلاب شاردة تُهاجم مواطنة أثناء ممارستها رياضة المشي على شاطئ مسبح صيدا الشعبي وتم نقلها إلى المستشفى.
أو مجموعة أبقار تحاصر مبنى سكني في ابي سمراء ومناشدة للقوى الامنية إنقاذ السكان من هذا الحصار! لا أستغرب ما يحصل فمنذ سنوات حصل هجوم كبير للأفيال على قرية في الهند فسوّت البيوت بالأرض وداست البشر الذين تجاسروا وتعدوا على مراعيها ومناطق عيشها!
الحيوانات تتمرد على ما يبدو و كأنها أيقنت أن البشر قد فشلوا فعلا في قيادة الأرض و حمايتها بعد أن أخذوها إلى نقطة اللاعودة من تدمير للبيئة وحرق الغابات وحفر الجبال وتحويلها إلى مواد بناء وتسميم الأنهار ومجاري المياه الصالحة للشرب ، فقررت هذه الحيوانات أن تعلنها ثورة على البشر الذين أفسدوا جنتهم وجعلوا العيش على هذا الكوكب أمرا مستحيلا، بعد أن كان سكان الارض من بشر و حيوان يرتعون في مروج خضر وينابيع نقية ،مياهها عذبة لا تنضب ، تروي الزرع والضرع وتسقي الناس حاجتهم لآلاف السنوات لا بل إلى نهاية الأزمنة !!…
نعم سوف تأتي الثورة من الحيوانات هذه المرة ونتكل عليها لإنقاذ الأرض فالبشر عجزوا عن إحقاق العدالة والقوانين الدولية الفارغة من قدرة التنفيذ وقرارات مجلس الأمن التي لا تتعدى كونها حبرا على ورق قرارات واجتماعات والاطفال يموتون سحقا تحت أطنان الأسمنت المقصوف بقنابل صنعها عباقرة العلماء لتهدم بفاعلية كبيرة!
في الماضي البعيد كتب ايسوب الأديب اليوناني قصصا تجري على ألسنة الحيوانات، ثم تلاه ابن المقفع ولا فونتين الذي انتقد الملوك والسياسة في عصره من خلال قصائده اللاذعة وأبطالها حيوانات الغاب إلى أن أتى جورج اورويل الكاتب الإنكليزي الذي انتقد النظام الشيوعي والأنظمة التوتاليتارية بعد الحرب العالمية الثانية في كتاب مزرعة الحيوانات ورئيسها الخنزير الشرير!
نحن في بلدنا أطلقنا لقب مزرعة على الدولة من يوم تأسيسها ونظرنا إلى أنفسنا كأبقار حلوب تدرّ الحليب لنسقي ونغذي الدولة الفاشلة التي تريقه بدورها على الأرض لأنها فعلا بقرة حلوب:
«بتحلب تسع أرطال وتفقعن بفرد لبطة وبروحو ضيعان على الأرض».
هذا هو دأبنا منذ البداية ولا نعرف كيف نثور إلا بطريقة واحدة نقطع الطرقات كي لا يصل مريض الكلي إلى المستشفى ليخضع لجلسة الغسيل (الدياليز ) فيموت مسموما ببوله ومريض السرطان لكي يخضع للعلاج الكيميائي والعامل المياوم يحرم من أجرة نهار عمل فتموت أسرته من الجوع ، و نكسر ونحطم أرزاق الناس لأن «جحا ما في إلا على خالته » فأكرموا و أنعموا يا أصحاب الشأن ويا حكماء وأصحاب بروتوكولات و مقامات و مآدب و مآكل و مناكح وعروش وكروش وقروش فمن أنعم عليكم بثرواتكم ليس الرب الخالق بل الناس التي لا تعرف كيف تثور وتنتظر أن تقوم الحيوانات بالواجب الذي من المفترض أن يقوم به البشر !!..
وبعد …كلاب شاردة أبقار هائجة و«موتوسيكلات» عكس السير أهلا بكم في بلاد العسل والبخور! رحم الله العبقري المبدع الكبير وديع الصافي:
لبنان يا قطعة سما…
أنطوان يزبك