لم تكن هنالك حاجة إلى اشتراك مصر والعرب في الدفاع عن فلسطين لو ان الامة السورية كانت ناهضة بحقيقتها التي تنادي بها الحركة القومية الاجتماعية ولو لم تكن صريعة الوهم العربي – وهم «الوحدة العربية والخمسين مليون عربي» – الذي يحاول العربيون أن يستعيضوا به عن نتيجة جهلهم واقع الامة السورية وواقع العالم العربي.
في فلسطين أفلست العروبة وافلست الفئة العروبية من فئات ال NEO رجعيين!
كان إفلاس العروبة في فلسطين افلاساً كاملاً، باهراً، نادر المثيل. إنها أرادت أن تواجه قضية سياسية انترنسيونية من الطراز الأول بقضايا وهمية ومبادئ ميتة، بعقلية الجهاد الديني، الذي انتهى أجله ومضى زمانه، أرادت عروبة النفسية المريضة في سورية أن تعالج قضية قومية ممتازة ومسألة سياسية من أدق مسائل هذا الزمن. وفي حرب عصرية في عصر القوميات، أرادت أن تحارب بجيش على مثال جيش «اليرموك» وأن تحول أنظار السوريين إلى الصحراء العربية وأساليب العربة!
في فلسطين ودعت الامة السورية العروبة الوهمية، العاجزة، الاتكالية وداعاً فاجعاً لتلبي دعوة الحركة القومية الاجتماعية إلى قوميتها الحقيقية ولترى بعين حقيقتها هي، واقع العالم العربي فتنهض بقضيتها السورية فتجد في قواها التي اهملتها زمناً طويلاً معيناً للنشاط لا ينضب ودافعاً إلى التقدم لا يصده شيء. بهذا الاتجاه تصير الامة السورية قوة فاعلة في العروبة الواقعية التي أعلنتها – عروبة التعاون بين أمم العالم العربي.
جريدة كل شيء، العدد 95 في 21 كانون الثاني 1949