الامة بين الماضي والواقع والمستقبل

هل يمكن لامة تعرضت لقرون من غزوات الشرقي منها والغربي بعضها تنافسي اقتصادي والاخر ايديولوجي ديني، أن تسترد عافيتها كمجتمع واحد تعرض لأبشع انواع التضليل من قبل سائر الغزاة بحيث أصبح كل عرق أو مذهب يعتقد نفسه امة بحد ذاته ويحاول ان ينشئ علاقات إقليمية ودولية للظفر دون سواه بالسلطة داعيا الآخرين للامتثال لرؤيته دون رؤية حقيقية لماهية الامة ككل.

أدى سقوط السلطنة العثمانية لنشؤ دويلات جديدة وفقاً لمصالح الغرب وذلك بعد ان أغدقوا الوعود على أولياء الأمر ان حياتهم الجديدة ستكون وفق رغباتهم ورغبات شعوبهم، إلا أن ذلك لم يحصل، اذ قام اولاً بتأمين مصالحه سياسيا واقتصاديا على حساب شعوب المنطقة. اقتصادياً امن البريطانيون مصادر الطاقة الجديدة لأسطولهم الحديث الذي بدأ يعمل عليها وتشير الدلائل انهم استفردوا بمناطق النفط وتركوا للفرنسيين الباقي.

أما سياسياً فقد حلوا عقدة المسيحيين التاريخية لاضطهادهم لليهود وكان اخرها ما حصل لهؤلاء أو ما اشيع عن ذلك عما اقترفه الألمان في الحرب العالمية الثانية. ما دور الولايات المتحدة الاميركية فقد تأتى بعد العدوان الثلاثي على مصر ووراثتها لتركة الاستعمار اقتصاداً وسياسة ولتاريخه فإنها تقترف ما اقترفه المستعمر منذ القدم تبيد تحرق تدمر مستعينة بظواهر التاريخ المقدس فتستغل اليهود والمسلمين والسذج من اتباع عيسى الناصري ممن لم يفقهوا مسيرته التي حاول من خلالها تقويض كل ما جاء به را بايات العهد القديم.

كل هذه المشهدية للأسف لم تقرأ بعناية لا من قبل الحكام الذين ظهروا بعيد الحرب العالمية الاولى كما والثانية ولا من قبل ادعياء الايمان الديني على مروحة معتقداتهم ومذاهبهم. أما اسوأ ما قام به الغرب هو فتح ملف صراعات التاريخ القبلي منه والحضري الديني منه والمذهبي ووقع الجميع في المصيدة بما فيهم اولئك الذين اخذوا على عاتقهم مقاومة الإجراءات الغربية، حتى اولئك القابعين تحت نير الاحتلال حركتهم الغريزة بفتنة مذهبية أسس لها اعداءهم وغرر بهم من قبل ادعياء الايمان ممن تركوهم لملاقاة مصيرهم منذ ما بعد وعد بلفور.

القراءة الصحيحة للمشهد يجب ان يشترك بها الجميع هذا إذا كان المقاومون يريدون النصر واسترداد الحق، اما البقاء في الراهن من الرؤى المختلفة لماهية الصراع فلا نصر يرجى ولا من يحزنون. فالعدو سوف يبقى يراهن على ما حصل عليه من ملفات التاريخ لإذكاء نار الفتن وهذه الملفات لن يكون لها نهاية نظراً لتاريخ المنطقة الموغل بالقدم ومأساوية الاحداث التي وقعت بين ابناءها في هذه الحقبة أو تلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *