إنها حرب المعادلات المجنونة تعود إلى الواجهة وبقبضة انثوية ناعمة من «الجميلة» اورتاغوس، هذه المرة.
لبنان والمنطقة على صفيح ساخن تشوى فيه أجساد البشر والحجر باستهداف استراتيجي لهيمنة أميركية إمبريالية، طامعة بالثروات وهادفة تحت مظلة النبوءات المزعومة أن تسيطر على قلب العالم، (منطقتنا)
يقول أحد الديبلوماسيين عن الإرتكابات الجارية في المنطقة وبلغة لا تخلو من الفكاهة المؤلمة، «إن حيلة إبراهيم بعدم ذبح إسماعيل لم تنطو على « الرفيق الأعلى» فلجأ لأحفاد إسحاق ويعقوب لإكمال المهمة، وها هم يقومون بها على أكمل وجه ودون تمييز في غزة السنية والجنوب الشيعي والساحل العلوي، وما تيسر من أهل التوحيد في جبل العرب، وقريباً في صنعاء وطهران وإسطنبول وصولاً ليثرب.
أصاب هذا الديبلوماسي، لكن فاته غافلاً أن حرب هذا العدو على المسيحية مستمرة من القدس إلى نينوى ثم إلى دمشق، حيث طريق بولس الرسول إلى انطاكية وإلى قانا وصور وصيدا، تهجيراً وقتلاً وإفراغاً لهذا المشرق من أساسه الروحي، حيث باتت المسيحية قلة تقاوم وتصمد، رافعة الصوت والمطران عطالله حنا، وارت المطران كبوجي، أحد الأعلام المميزين ومعه عدد من الآباء والكهنة، يواجهون بالكلمة والتوعية والرفض للاستسلام.
في هذه المنطقة التي تغلي بالدم المسفوك، بسيف الأصيل والوكيل، يجري صياغة العالم الجديد على أسس القهر والظلم والطغيان، فيما النظام العالمي الحالي باسره يتفرج، ويجري تقييد الأنظمة والقوانين الراعية للحريات والحقوق من الدول التي يفترض أن تكون راعية لها وناظمة للعالم، فاذا بها تسير في مركب التدمير مما يؤشر إلى غرقهم جميعا في مستنقع التوترات والحروب فيما بينهم، في تصارع القوى والنفوذ على مقدرات البشرية.
إن لبنان المهدد اليوم بين خيارين أما الاستسلام والتطبيع أو الموت تحت وطأة العقوبات والحصار الاقتصادي ثم الحرب المدمرة، لن يرضخ بالرغم من تواطئ قوى داخلية في الضغط على القوى المقاومة وإطارها الشعبي.
وان الانتهاكات الجارية من العدو الإسرائيلي وضرب المدنيين في منازلهم في ضاحية بيروت تعد بامتياز جرائم حرب، لكن الإدارة السياسية رغم استنكارها لم تواجه كما يجب بخيار الديبلوماسية المتشددة والتي تريدها الدولة سلاحها الوحيد في المواجهة ،متسلحة كما تقول بالدعم الدولي !!!ومع العلم ان القوى الشعبية والنيابية أعلنت مرارا وتكرارا انها تقف خلف الدولة في خيارها هذا بالدفاع عن لبنان لكن بشرط عدم الاستغناء عن أوراق القوة لديها فتجربة الجنوبيين مشهودة بمواجهة العدو منذ الثمانينات حيث إعادوه مهزوماً، وهم بالتأكيد لن يقفوا متفرجين، أمام عدو يعلن بصراحة، انه لن ينسحب من المناطق التي احتلها في الأمد المنظور!!
إن المقاومة، لم تكن يوماً مرتبطة بقوة العتاد، بل بقدرة النفوس على الانتصار، وقد قال يوماً قائد المقاومة وعميدها الشهيد محمد سليم «ان الأجساد البشرية ستهزم الميركافا.» وحصل، وإذ بتباهي العدو اليوم بقدراته الجوية، فأن للمقاومة أساليبها المتعددة ولن يهزم شعب في التاريخ آبى الاستسلام.
في الساحل السوري وجنوب دمشق، حيث القبضة الحديدية من أعداء الداخل والخارج إلى ازدياد، والشعب تحت رحمة جلاديه، لا ينفك العدو بطيرانه يستكمل القضاء على كل مقدرات النهوض العسكري للدولة السورية تاركاً ارض الدولة السورية مجردة من ابسط قدرات الدفاع عن النفس، لكن إرادة المقاومة وشعلتها لن تنطفئ وما حصل في كمين درعا لمواجهة تقدم العدو، شكل قبساً من نور في المواجهة المظلمة التي وضعنا فيها الاستعمار الامبريالي الصهيوني.
أما في فلسطين فالمقتلة والإبادة جارية في الضفة ومستمرة في غزة، وخيار الترحيل للفلسطينيين ظاهره انقاذهم وباطنه الريفييرا على سطح الأرض والثروات الغنية بداخله والغطاء الأميركي مستمر، وصولاً إلى استغلال حتى رغيف الخبز للتجويع، فيما العالم يتفرج، والصحوة غائبة.
ماذا تنتظر، شعوب المنطقة، عدا اليمن المساند دون تراجع، الصوت خافت في كل الساحات والاسى وحده يبدو سيد الموقف، وهذا لا يعقل فلا بد من النهوض رغم كل الضغط والظلم لمواجهة خنوع الأنظمة المستكينة وترفع الصوت، وحده رفع الصوت والثبات والمقاومة كفعل حاضر ومستقبلي يحفظ بلادنا لا غير.
الأكيد أن الشعب وقواه الحية، ليسوا في وارد الاستسلام ولن يقبلوا ان يروا بلادنا لقمة سائغة على موائد الاستعمار العالمي، بينما يزين لنا الإعلام «السوروسي» المهيمن على الشعوب والمنظمات الأممية، ان الحقوق يمكن نيلها «بالقوانين»، غافلاً ما نعلمه من تاريخ هذا العدو، انه لم ينفذ إلا قراراً دولياً واحداً، هو إقامة دولته عام 1948.
إن قانون بقاء الأمم لا يصنعه سوى ثبات الشعب على حقوقه مهما اشتدت الأزمات، وان «القوة، التي هي القول الفصل أبداً»، ولكل مقاومة أسلوبها .