يصادف، ذكرى «يوم الأرض »هذا العام والأمة في أقسى مواجهة مع دولة العدو العنصري والصهيوني، وغزة تحت نار الإبادة والمخاطر تتصاعد على الضفة وفلسطين ال 48
فيما العدو تتبلوراطماعه، ويظهر جليا مشروعه التوسعي من الجولان وجبل الشيخ الى جنوب لبنان والشام.
«يوم الأرض»، في ندوة أقيمت عام 1986 في مقر اتحاد الكتاب العرب في دمشق.
وفيما يلي مداخلة رئيس الحزب الراحل انعام رعد، عن يوم الأرض، على ان تستكمل في الاعداد المقبلة سبل مواجهة عقيدة الاستيطان وتحدياتها، وحرب الوجود لا حرب الحدود الآمنة المفتوحة..
كتب إنعام رعد «ان المغزى الحقيقي والهام ليوم الأرض انه أولاً انطلق من أراضي 1948 التي مفروض حسب التسميات الزائفة والمضللة أن تكون في صلب الكيان الصهيوني فهي ليست الأراضي المحتلة في 1967 التي تجري عليها مفاوضات ومشاريع التسوية، لأن الدوائر الرسمية العربية والأميركية المنخرطة في عملية التسوية تتحدث عن أراضي 1967، أما الباقي فهو» إسرائيل «، لكن يوم الأرض انطلق من شعبنا المكافح في أراضي 1948 ليؤكد وحدة الشعب والأرض وفساد مفهوم التسليم بالاغتصاب مع مرور الزمن كأمر واقع ومفعول. وتأسيساً على هذه الحقيقة لوحدة الشعب والأرض في رفض التسليم التدريجي والمتتابع بمشروعية الاغتصاب والاستيطان والاحتلال فأن يوم الأرض يعيد القضية الى أساسها المتخطي والمسقط كل زيف أو تجزئة، بمعنى أن حقيقة الصراع هو على الأرض بين عقيدة الوطن وعقيدة الاستيطان، وهو بهذا المعنى العميق والحقيقي للصراع، صراع وجود لا صراع حدود.
انه الصراع بين الوطنيين المؤمنين بعقيدة الوطن والمستوطنين الحاملين عقيدة الاستيطان لاستبدال الهوية والوجود الحقيقيين بهوية ووجود زائفين.
ان هذا الصراع يضع مسألة التحرير على المحك الأساسي، محك الشعب والأرض جوهر فكرة المقاومة والذي بدونه لا مقاومة في وجه الاستيطان، بل استسلام لأن الصراع هو صراع الشعب دفاعا عن الأرض في وجه الاستيطان الطامع بالأرض والمستهدف تهجير الشعب الأصيل وطرده من ارضه ليحل محله.
ما هي عقيدة الاستيطان وعقدته وبالتالي أين يكمن مقتلها الحقيقي:
ليس بالصدفة أن ينطلق « يوم الأرض»، يوم الدفاع عن الأرض بعد 1967، ولكن من أراضي 1948 فهذه جدلية تفصح عن حقائق عديدة. ذلك أن الكيان الصهيوني تصرف بالنسبة لأراضي 1967 تماماً كما تصرف بالنسبة لأراضي 1948 لأنه ينطلق من عقيدة استيطانية عنصرية تعتبر أن هذه الأرض هي للاستيطان اليهودي وأن الغرض هو توسيع الهجرة لتحقيق الاستيطان مقابل تشديد الخناق على شعبنا حتى ينزح من فلسطين.
كان بن غوريون ومؤسسي الصهيونية وكيان إسرائيل يقولون: « ان بلادنا تمتد من سيناء الى الأردن شاملة شرقي الأردن». وحدد هرتزل الدولة اليهودية بأنها تمتد من الفرات الى النيل حس الحلم التوراتي. وقال بن غوريون في 1947 ان القبول بقرار التقسيم هو تدبير مرحلي فعندما تقوى الدولة ستجتاح كل فلسطين، وهو لا يلزمنا بالتنازل عن شرقي الأردن وسنتبنى سياسة الهجوم باتجاه سوريا وشرق الأردن ولبنان، وهو الحلقة الأضعف والى مد حدود إسرائيل حتى الليطاني(من كلام دافيد بن غوريون).
ان مراجعة قرارات الأمم المتحدة منذ 1948 تظهر كيف أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي نشأت بقرار دولي وليس بانبثاق طبيعي خالفت مع ذلك كل قرارات الأمم المتحدة حتى قرار انشائها الذي اشترط عودة اللاجئين الفلسطينيين، ذلك أنها اساساً قامت على تشريد هؤلاء بمنطق الاستيطان العنصري، فوجودها غير الطبيعي مرتكز على هذا التناقض حتى مع قرار انشائها. ومنذ 1967 امتلأت ملفات الأمم المتحدة بالقرارات التي عصّتها إسرائيل والتي وردت فيها بكثرة وبتكرار عبارات مثل تغيير الطابع السكاني وهوية البلاد ووضعها القانوني ومخالفة القوانين الدولية في معاملة سكان الأراضي المحتلة وتعريض حياتهم وحريتهم ومعيشتهم للخطر الشديد وغير ذلك كثير، لكن هذا كان من طبيعة الكيان الصهيوني الاستيطاني والعقيدة الصهيونية العنصرية الاستيطانية. فبدون هذا لا صهيونية ولا إسرائيل.
لقد استغل الصهاينة ايما استغلال اسطورة اللاسامية الأوروبية لنشب مخالبهم في أرضنا، مع اننا براء من هذه الأسطورة وما وقع منها. وثبت تعاونهم حتى مع أعدائهم النازيين في الثلاثينات على اخراج هذه الأسطورة الى حيز الوجود. فتهجير اليهود الالمان كان مطلباً مزدوجاً للصهيونية والنازية حتى ان الصهيونية سكتت عن الاضطهادات النازية لينجح مخططها.
العدو الآن يطرح وهو عارف لتناقضاتنا ولتهافت البعض منا على الاستسلام مأزقه، ولكن من موقع التظاهر بالقوة: بعض الأرض التي يزدحم فيها أبناؤنا مقابل فتح الحدود على طريقة كامب دافيد، بل بأشراف مشروع مارشال أميركي، تسيطر فيه الرساميل الصهيونية والامبريالية على كل ثرواتنا وقدراتنا وانتاجنا. لكنه إذا صدّ وجوبه واستمر الصمود والمقاومة فهو الذي سيبحث عن التراجعات لا نحن ،الى أن نحرر كل الأرض بتوحد طاقة كل الشعب.
انعام رعد