الوعي واكسير المقاومة

العبادات والطقوس وتبجيل الآلهة ليست بجديدة على مجتمعنا، لقد كانت ملازمة له منذ سحيق الايام. وما نشهده اليوم من ردة دينية ومذهبية ليست من فعل المجتمع نفسه هذا الأمر انما من صنيعة الاستعمار من ألفه إلى يائه.

بداية القصة الحديثة كانت بإنشاء حلف بغداد في محاولة لتطويق نشر الاتحاد السوفياتي للشيوعية لم يكتف اصحاب المشروع النهبوي بأحياء المد الديني بل قاموا أيضاً بتنصيب حكام من الأقليات في البلدان التي يمكن ان تعرقل مشاريعهم تحت مسميات ايديولوجية مناهضة لهم في الظاهر ،وذلك خوفاً من توحد الناس حول مشروع وطني او قومي يفضح السلوك المتبع منذ نهاية الحرب العالمية الاولى.وقدر لمصر والعراق وسورية ان تتحمل وجعين ،المستعمر الحديث وعسكريتارية حزبية داخلية غير مهيأة لا حرباً مع الاعداء ولا سلماً أهلياً يدار بالسياسة والحنكة والحكمة.

دخول إيران وتركيا على المشهد كانا مفتعلين ولذات الاسباب النهبوية، فحربي الخليج بعد موقف الملك فيصل بحرب ال 73، وضعا حداً لاي استخدام للنفط في المواجهة فضلا عن تجفيف خزائن أمراء النفط وتدمير العراق، اما الدخول التركي فقد جاء لمواكبة متغير الطاقة من النفط إلى الغاز. ولعبت القارة العجوز دور الوسيط بذلك، اذ قامت بإقناع الأتراك بعد وصول العدالة والتنمية للحكم، ان تنسى مسألة انضمامها للاتحاد الأوروبي وتقوم بتأمين الغاز الشرق أوسطي ليصل للأسواق الأوروبية فتأمن من الاحتكار الروسي كما وتوقف هجرة الإسلاميين الذين زرعت في عقولهم الحقد والكراهية لحكام لا يقيمون وزناً للشريعة على حد تعبيرهم. وإذا كانت مصر قد أفلتت من الكماشة الإخوانية فإن دمشق وبغداد قد وقعتا في المصيدة.

المشهد الحالي في سورية والعراق وحتى لبنان ينبئ بأحداث جسام تنتظر الكيانات الثلاث. عملية تطويق المناهضين للمشروع الاحلالي في فلسطين والمشروع النهبوي الامبريالي، يبدو انها الشغل الشاغل اليوم لأصحاب المشروعين. لتاريخه يتبين للناظر ان العملية تسير بنجاح لذا لم يبق امام المناهضين إلا تغيير السلوك الذي اتبع منذ عقود ثلاثا.

ان التعويل على المد الديني والمذهبي لاستنهاض المجتمع تمهيدا لانخراطه في المعركة. ووضع اصحاب المشروع النهبوي قدراتهم التجييشية في هذا المجال ثبت انها أمضى بكثير فقد استطاعوا شيطنة مقاومي غزة وجعلهم متهمين بتنفيذ الأجندة الصفوية في نظر اهل السنة والجماعة في سائر الأقطار العربية. ايران بدورها لن تقوم بقتال خارج أراضيها وهي متيقنة ان قتالها مرفوض من قبل الغالبية العظمى من العرب، لأنه بنظر هؤلاء  ،اي انتصار سيكون له طابع مذهبي امر سيرفضه العرب جملة وتفصيل.

القضم الحالي للشام من قبل تركيا واسرائيل، ومحاولة إقناع جل الأطراف بالشام ان تدخلهما ما هو إلا لحماية هذه الفئة او تلك امر قديم قامت به الدول الكبرى إثر سقوط السلطنة وقد دفعت المنطقة أثمانا باهظة لذلك، وكانت فلسطين الفاتحة.

وقف التمدد الحالي امر منوط برافضي المشروع الامبريالي، فهل يجد هؤلاء الاكسير المقاوم بعيداً عن الموجة الدينية والمذهبية، ام ان الجميع قطعوا شعرة معاوية ولم يعد هناك من تلاقي؟

الوعي والتعقل عليه ان ينشر لا ان يبقى مقتصراً على فئة وجدته وتطلب من الآخرين الالتحاق بالركب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *