هذا ما حمله معه عبد اللهيان إلى لبنان

هذا ما حمله معه عبد اللهيان إلى لبنان

زيارة وزير خارجية ايران، حسين أمير عبد اللهيان،الى لبنان في الميزان الاستراتيجي.  

زيارة وزير خارجية ايران ، حسين أمير عبد اللهيان، الى لبنان جاءت متزامنة مع حسم ايران للتظاهرات الداخلية الممولة خارجيا لارباك ايران وانتزاع تنازلات منها في ملف المفاوضات النووية مع ال5+1 واضعاف دورها في مقارعة المشروع الصهيوامريكي وحلفائه في المنطقة، وبروز ملفات ساخنة بدأت تطرق الابواب ابرزها اولا: تشكيل حكومة جديدة من المتديين المتطرفين الصهاينة في دولة الكيان الغاصب برئاسة نتنياهو وتهديدها بتفجير الصراع في فلسطين المحتلة، والتصدي لمحور المقاومة في الهلال الحصيب ، ثانيا:تطور الموقف التركي من المصالحة مع سوريا ،واستعجال اردوغان لتطبيع العلاقة مع الرئيس الاسد بوساطة روسية. ثالثا : الحصار الاقتصادي والسياسي الامريكي المفروض على لبنان، والازمة الاقتصادية التي تعصف به نتيجة هذا الحصار والعقوبات التي وضعته امام افلاس اقتصادي محتم بعد افلاسه السياسي بسبب فساد المنظومة الحاكمة وفشلها باعادة انتاج استحقاقاته الدستورية وتعطيل مؤسساته مما ينذر بانفجار اجتماعي وشيك. حيث اكد  الوزير الايراني بعد جولته على المسؤولين اللبنانيين عمق العلاقة الايرانية المترسخة مع لبنان ،والتزام دعم ايران الثابت للبنان شعبا وحكومة ومقاومة على مختلف المستويات لمساعدته في مواجهة الازمات التي تعصف به ، ،وشدد على أهمية توحيد جهود جميع الأطراف اللبنانية لاستكمال الاستحقاقات السياسية المعطلة ، والإسراع في عملية انتخاب رئيس للجمهورية على أساس الاتفاق السياسي بين جميع الأطراف اللبنانية ، بعيداً عن أي تدخلات وضغوط خارجية ، مشيرا الى ان ذلك يخدم مصلحة اللبنانيين والمنطقة.

فما هي ابعاد زيارة وزير الخارجية الايراني الى بيروت في هذا التوقيت؟

وعلى ماذا تركزت محادثات عبداللهيان مع المسؤولين اللبنايين؟

زيارة الوزير عبد اللهيان الى لبنان اتت في سياق جولة له تشمل لبنان سوريا تركيا وروسيا .التقى في لبنان العديد من المسؤولين ، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، لكن الابرز والاهم  كان لقاؤه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وامين عام منظمة الجهاد الاسلامي السيد زياد نخالة والفصائل الفلسطينية. وهذا يؤكد ألابعادا الاقليمية والاستراتيجية المتعددة للزيارة في التوقيت والمضمون الذي لا يمكن فصله عن التطورات التي تعصف بالمنطقة في لحظة سياسية مفصلية ، تسعى إيران من خلالها لاعادة تأكيد حضورها الفاعل في لبنان المنطقة، و تثبيت الوجود والدور الايراني ، وتجميع القوى الحليفة لها سواء في الداخل اللبناني أو مع الفصائل الفلسطينية. لقاءأت عبد اللهيان في لبنان هي جزء من تواصل إيراني مع المنطقة ككل، اتى على وقع تحركين أساسيين.

 أولاً، اللقاءات الروسية السورية التركية والتموقع التركي الجديد مع روسيا لانجاز المصالحة مع سوريا والمواكبة الاماراتية السعودية المصرية لهذه المصالحة، وغياب ايران عن المشاركة في اللقاءات رغم انها شريك اساسي في لقاءات استانة .

وثانياً، اللقاءات التي يتم التحضير لها حول لبنان في العاصمة الفرنسية باريس ومن دون مشاركة طهران أيضاً في ظل التوتر المستجد في العلاقات الفرنسية الإيرانية على خلفية مواقف باريس من التحركات الاحتجاجية في إيران. وعليه، فإن توقيت الزيارة واللقاءات لا يمكن فصله عن السعي لعقد اجتماع في باريس أواخر هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل بشان الازمة اللبنانية. مما يشير إلى زيادة الحركة الدولية حول الملف اللبناني، وهذا تأكد أيضاً من خلال التباحث في ملف لبنان خلال لقاء وزيري خارجية مصر والمملكة العربية السعودية في الرياض، حيث أكد الطرفان على ضرورة الاتفاق بين اللبنانيين على إنجاز تسوية سياسية وإجراء الإصلاحات اللازمة. لذلك فإن لقاءات الوزير عبد اللهيان في لبنان هي اشارة اساسية من قبل طهران للجميع بأنها حاضرة وموجودة في كل ملفات المنطقة ولا يمكن القيام بأي تسوية في لبنان ودول محور المقاومة من دونها.

ورغم أن إيران لا تتدخل في الوضع الداخلي اللبناني وتترك إلى حزب الله اتخاذ القرار في ما يراه مناسباً إزاء أي تسوية للملف الداخلي اللبناني. الا ان الزيارة تأكيد إيراني جديد على هذا الأمر، وعلى ضرورة تنسيق المواقف مع السيد حول كل شؤون محور المقاومة . فكل الملفات الإقليمية وتطوراتها كانت حاضرة في مباحثات عبد اللهيان مع سماحة السيد نصرالله وامين عام الجهاد الاسلامي والفصائل الفلسطينية، خاصة الملف الفلسطيني الذي كان بندا اساسيا في اللقاء،نظرا لموقعية حركات المقاومة وكل محور المقاومة في مواجهة المستجدات والأحداث ‏الإقليمية والدولية ، ولان للبنان موقع أساسي اليوم على الساحة الفلسطينية، لاستضافته مجموعة من قيادات الصف الأول في الفصائل الفلسطينية، ولدور “حزب الله” المؤثر فيها. ولهذا فإن وضع القضية الفلسطينية في بيان اللقاء بين نصر الله وعبد اللهيان،    يضع الملف الفلسطيني في مقدمة اهتمامات الزيارة، سيما أن تشكيل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخلق تحديات، أكان لجهة رفع منسوب التوتر والمواجهة  مع الفصائل الفلسطينية، أم لناحية التصعيد المرتقب من كيان العدو على محور المقاومة على جبهة المواجهة السورية، اوفي الملف النووي الايراني.

 ومن بين الموضوعات الأخرى التي ناقشها الطرفان ، التطورات في اليمن وسوريا وآخر التطورات في مجال مكافحة الإرهاب في بعض المناطق المتواجد فيها في سوريا. كما تمت مناقشة مختلف القضايا الإقليمية المتعلقة بالشأن السوري.

زيارة وزير الخارجية الإيراني اتت مفاجئة من حيث المضمون والتوقيت ،لانه لم يعلن مسبقا عنها،  رغم أن الخبر الرسمي بشأنها اكد بأنها اتت تلبية لدعوة من وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب. وإن تنسيقاً حصل مسبقاً بين لبنان والجمهورية الإسلامية في ايران حول الزيارة.اهمية الزيارة انها اتت لاعادة تأكيد وقوف ايران الى جانب لبنان لمساعدته بتجاوز الازمة الاقتصادية والطاقوية والحياتية الخانقة التي يرزح تحتها نتيجة تشديد الحصار الاقتصادي الامريكي على لبنان وتنكر الولايات المتحدة الامريكية لوعودها بالسماح للبنان باستجرار الطاقة من الاردن بعد انجاز ملف ترسيم الحدود مع الكيان الزائل ، ومناكفات المسؤولين اللبنانيين بشان فتح الاعتمادات لتفريغ البواخر الراسية قبالة الشواطيء اللبنانية مما يهدد اللبنانيين بالعتمة.حيث اعاد الوزير الايراني تأكيده امام المسؤولين اللبنانيين استعداد طهران الدائم لتقديم المساعدات المطلوبة للبنان، وإعادة طرح مبادرة إيران باستعدادها لتنفيذ مشاريع تنموية حيوية ومهمة، والتي سبق للوزير عبداللهيان أن عرضها خلال زيارة سابقة، وقدمها أيضاً لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلا لقاءهما في مؤتمر ميونيخ للأمن منذ أشهر . خصوصاً بما يتعلق بالجاهزية والاستعداد، لبناء معملي كهرباء بقوة 1000 ميغاوات لكل منهما في الجنوب والشمال،اضافة الى استعداد إيران لتقديم المساعدة للبنان في كافة المجالات ، وأبرزها حالياً توريد الغاز الإيراني، وتوفير مادة القمح (في ظل انعكاسات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا) . ورغم زيارة وزير الطاقة وليد فياض الى ايران والاتفاق على تنفيذ المساعدة الايرانية السنة الماضية، الا ان الحكومة اللبنانية ( السيادية) لم تتقبل هذه المساعدة نتيجة خنوعها للاملاءات الامريكية، وحتى لم تطلب اعفاء لبنان من العقوبات اسوة بما حصل مع العراق الذي تزوده ايران بالطاقة الكهربائية والغاز . متجاهلة معانات اللبنانيين وماساتهم التي اوصلتهم اليها منظومة حاكمة خاضعة للغرب ،تقدم الاملاءات الخارجية ومصالحها الخاصة على مصلحة اللبنانيين . 

زيارة عبد اللهيان الى لبنان تعتبر بمضمونها زيارة إستراتيجية بامتياز لانها تأتي من وزير خارجية دولة أصبحت بادوارها الاقليمية والدولية  دولة اقليمية عظمى ،وهي قطب محوري للمنطقة ،وتزامنت الزيارة بمرحلة فاصلة يمر بها العالم وامتنا ،لتؤكد أنه لا أحد يستطيع ان يستثني إيران من اي ترتيبات او تسويات قد ترسم للمنطقة في الكستقبل خاصة بعد تحالفها الاستراتيحي مع روسيا والصين في محور اوراسيا . لان تأثيرات هذه الدولة تأتي عبر دعمها وتحالفها مع محور المقاومة الممتد من لبنان الى سوريا والعراق وفلسطين واليمن والانجازات  الكبيرة التي حققتها مع حلفها المقاوم مما اعطى وزنا دوليا لها.

عضو المجلس الاعلى رياض عيد