كان مؤكداً ان الجيش الروسي بعد استكمال التحاق عناصر التعبئة الجزئية سيبدأ بتفعيل عملياته الهجومية على محاور دونيتسك وعلى امتداد خط جبهة طوله 250 كلم وهو خط دفاعي حصين أنجزته القوات الأوكرانية على مدى 8 سنوات وتسميه القيادة الأوكرانية خط القلاع الحصينة ، وهو بالفعل خط حصين يتضمن سلسلة من الخنادق وحقول الألغام والتدشيم وهذا ما تبين في مدينة سوليدار التي استخدمت فيها القوات الأوكرانية مناجم الملح كمواقع أساسية لتخزين الذخائر والمعدات .
ان الكلام عن عمليات سريعة لوحدات الجيش الروسي غير ممكن الآن بسبب تماسك خط الدفاع الأوكراني حتى اللحظة باستثناء إمكانية إحداث خروقات تكتيكية وهو ما تقوم به الوحدات الروسية حالياً مع تنفيذ مناورات تضليل وخداع على كامل خط الجبهة وهو ما شاهدناه من خلال الضغط على مدينة ارتيوموفسك ( باخموت ) ومن ثم التقدم نحو سوليدار .
ان امتلاك الوحدات الروسية لقدرات نارية هائلة وقوات مدرعة كافية سمح لها بتنفيذ عملية التقدم نحو سوليدار وهي بالتأكيد موقعٌ هام سيؤثر على أداء القوات الأوكرانية في ارتيوموفسك جنوب سوليدار وعلى مدينة سيفرسك شمالها .
الوحدات الروسية استكملت تقدمها شمال سوليدار بإنجاز السيطرة على بلدة سول وهي عقدة مواصلات للخط السريع M3 ولخطوط سكة الحديد وهي بتقديري خطة ذكية تهدف الى :
اولاً : إبقاء الضغط قائماً على القوات الأوكرانية المتموضعة في محيط سوليدار .
ثانياً : تثبيت القوات الأوكرانية على هذا المحور ومنعها من الإتجاه جنوباً لدعم القوات التي تدافع عن ارتيوموفسك ( باخموت ) .
ثالثاً : البدء بإنجاز تحضيرات لعبور نهر باخموتسكي حيث يشكل النهر عائقاً امام الوحدات الروسية للتقدم نحو الغرب وهو ما سيستدعي تجهيز جسور عبور وتأمين عربات برمائية بعدد كافٍ حيث سيكون العبور واسعاً وعلى عشر نقاط بالحد الأدنى وليس على نقطة واحدة وهذا ما ستؤمنه وحدات الهندسة والوحدات المحمولة جواً وهي نفس القوات التي نفذت عملية تطويق مدينة سوليدار من الإتجاهين الشمالي والغربي .
البعض من المحللين والمتابعين توقع ان تنفذ الوحدات الروسية وقفة تعبوية ومن ثم تستكمل عملياتها ، لكن الأمر لم يحصل حيث تستمر الوحدات الروسية بالضغط على محور سوليدار شمالاً وايضاً على محور سوليدار جنوباً ، فالعديد من الوحدات الروسية تعمل على تطهير بلدة كراسنا غارا جنوب سوليدار وتستعد للتقدم نحو ياغيدني وهي الضاحية الملاصقة لمدينة ارتيوموفسك من الإتجاه الشمالي .
بعد وصول الجيش الروسي الى ياغيدني ستصبح مدينة ارتيوموفسك مطوقة من الشرق والجنوب والشمال ولن يبقى الاّ الإتجاه الغربي مفتوحاً لإغراء القوات الأوكرانية بالإنسحاب وهو ما سيترافق مع ضغط ناري كبير وبدء التقدم نحو المدينة من الشرق والشمال والجنوب .
بالنظر الى حجم التحصينات الموجودة في ارتيوموفسك والتي تمّ تنظيم الدفاع فيها على أساس الدفاع الدائري سيكون تقدم الوحدات الروسية بطيئاً الا اذا دخلت القوات الأوكرانية في حالة الإنهيار الإدراكي وهي المرحلة التي تتصف بتراجع المعنويات وفقدان القدرة في القتال وهو ما سيؤدي الى انهيار عسكري وشيك .
اذا ما سقطت مدينة ارتيوموفسك ( باخموت ) بيد الجيش الروسي يمكن القول ان قلعتين من قلاع خط الدفاع الأوكراني قد تحولا الى ثغرة كبيرة في خط الدفاع ، فسقوط ارتيوموفسك يعني انتقال الوحدات الروسية الى الضفة الغربية لنهر باخموتسكي .
ومن المهم الإشارة هنا الى ان خط الدفاع الأوكراني واغلب خطوط الدفاع في دونيتسك أُنشأت على أساس خط نهر باخموتسكي في القطاع الغربي وعلى أساس خط نهر سيفرسكي في القطاع الشمالي .
وبالنظر الى حركة الوحدات الروسية يمكن اختصار اتجاهات الهجوم الروسي اللاحق على الشكل التالي :
1- احكام السيطرة بلدة سول شمال سوليدار والتي تحتوي عقدة طرقات هامة السيطرة عليها سيمكن الوحدات الروسية من استكمال التقدم نحو سيفرسك
2- استمرار عمليات التطهير في كراسنا غارا شمال ارتيوموفسك ( باخموت )
3- تثبيت نقاط ارتكاز على طول خط التموضع الجديد على الضفة اليمنى لنهر باخموت .
4- انجاز التحضيرات لتثبيت نقاط عبور الى الضفة الغربية لنهر باخموت ما سيمكن القوات لاحقا من تثبيت نقاط الارتكاز للتقدم نحو سلافيانسك وكراماتورسك ودروجكيفكا وهذا يتطلب تفعيل عمليات ارتيوموفسك والسيطرة عليها مع تفعيل عمليات مارينكا وافدييفكا جنوب ارتيوموفسك والسيطرة عليهما ايضا .
عمر معربوني | خبير عسكري خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
One thought on “إتجاهات الهجوم الروسي اللاحق”
Comments are closed.