في العادة يقوم الجسم السليم بمقاومة أي دخيل على الجسد وينجح في تكبيل عمله ودفعه خارجاً بنسبة عالية جداً، أما الجسم العليل فلا يمكنه القيام بذلك واحياناً كثيرة يلقى حتفه إذا لم يكتشف أهل الاختصاص نوعية الدخيل ونواقص الجسد. هذا الأمر يسري أيضاً على المجتمعات والدول والأمم وبينهم لبنان وأنطاكية وسائر المشرق.
تتعرض منطقة أنطاكية وسائر المشرق ومن ضمنهم بلاد الارز لأكبر عملية تسميم في هذا القرن وذلك من قبل قوى عظمى، بدءاً بتلك التي انتصرت بالحرب العالمية الأولى وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا لتلك التي قامت بضرب هيروشيما وناكا زاكي في الحرب العالمية الثانية وتربعت على العرش الدولي ولم تتوقف حروبها مداك، وما شهدناه بالأمس في البيت البيضاوي للمحادثة بين ترامب ونائبه وزيلينسكي لأكبر دليل على انخراط بلد العم سام في الفوضى التي يعيشها العالم.
حالة التسمم التي أصبنا بها وهي من فعل فاعل، كان علينا ان نقاومها منذ اللحظة الأولى، لكننا لجأنا إلى من هم غير اهل لذلك، لا معرفياً ولا الحد الادنى من الايمان الديني المتعارف عليه او الانتماء لأرض أو الاجتماع البشري. تغلغلت السموم في الجسد حتى وصل إلى لفظ النفس. فانبرى من انبرى لمقاومة ذلك، إلا ان كمية السموم التي بثت لم تكن تلك المقاومة قادرة على التخلص منها، لان المقاومة في هذه الحالة التسممية المستفحلة، تتطلب عناصر غير متوفرة لديها ولم تستطع ان توفرها من البيئة الطبيعية التي تحولت إلى كيانات قائمة بذاتها، محور اهتمامها كانت الحفاظ على السلطة التي انتزعتها عنوة في فترات متفاوتة كما ان المقاومة تلك شهدنا كيف التحقت قياداتها بالركب عندما توجت كسلطة ولجأت إلى أسلوب الاحتلال بقمع من يقاوم هذا الأخير.
نعلم ان مقاومة الجسد آلية ليست بحاجة لمن يحرضه، اذ انه يعمل من تلقاء ذاته. حالة التسمم الصهيونية فكفكت الجسد وجعلت منه اجساد ان بالكيانات المتعارضة او بالتقسيمات الدينية والمذهبية والاثنية، مجموع الاجساد التي برزت رغم تقاطع مصالحها في ضرورة الحفاظ على الجسد لم ترتق للشعور بمسؤولية ان فناء احداها انما مقدمة لفناء الآخرين ممن تتعارض معهم داخليا وهنا يحضر قول لأنطون سعاده «بليتنا أننا نريد الانتصار بهم ويريدون الانتصار علينا«.
في المحصلة لا يمكن لجسد ان يقاوم إلا إذا كان سليماً وليكون كذلك على من يريد المضي قدماً بالمقاومة أن يصحح المسار الداخلي لبيئته الطبيعية والتي لا يمكن اختزالها بدين ومذهب واتجاه عقائدي معين. المقاومة لا تستجدي الإقرار بأهميتها، بل تعمل صامتة خفية تحول حياة العدو إلى جحيم وتجعل مجتمعها مطمئناً لإعمالها لان بوصلتها لا تتغير إلا بدحر العدوان.