الأول من أذار… تلازم الفكر والنهج

بيننا وبين الأول من  آذار حبل سرة لا ينقطع، منه البداية في وجداننا القومي، لأنه كان الأساس الذي انطلق منه زعيمنا سعاده، فجعل من ذكرى ميلاده، موعد قسمه الذي وقف فيه نفسه على أمته وحزبه، الذي هدف منه تلازما للفكر والنهج ومنطلقاً للخطة النظامية المعاكسة التي تواجه الخطة التي رسمها عدونا في مؤتمر هرتزل للاستيلاء على امتنا، استناداً إلى اساطير لاهوتية وسردية خرافية.

قسم سعاده في الأول من اذار، حجر الأساس للتعاقد مع امته، وليقف بنفسه في موقع الاستعداد لتنكب مسؤولية إرساء المؤسسات والنظم التي يقوم عليها الحزب السوري القومي الاجتماعي ومبادئه لتحقيق غايته في تثبيت موقع ذاتنا، ثم تثبيت حضور امتنا في وجداننا، امة حية، قوية فعلاً لا قولاً، سورية للسوريين معززة بثقة أبنائها وباقي الأمم

الأول من  آذار لنا كقوميين اجتماعيين بداية هذا التعاقد مع سعاده المعلم ومع المؤسسة الحزبية والتي اعتبرها زعيمنا، انها أعظم افعاله بعد التأسيس.

انصافاً، لحقبة ادباء النهضة التي عرفتها امتنا من د. خليل سعادة إلى جبران خليل جبران … وآخرين، جلهّم تحدث عن وحدة بلادنا وعن واقعها، واخرين مثل فرح أنطون وسواه تحدثوا عن مخاطر الصهيونية وتحالفها مع الدول العظمى آنذاك، ومشاركتها لهم في التخطيط لاستلاب امتنا بدءاً من فلسطين وصولا إلى النيل والفرات، لكن وحده أنطون سعادة اعتبر ان حزبه هو الخطة النظامية المناط به مواجهة الخطة الشيطانية النظامية اليهودية.

 ان قراءة واقع امتنا اليوم، يضعنا في مواجهة مماثلة تماماً لظروف اربعينات القرن الماضي، وإعلان انشاء دولة الكيان الإسرائيلي عام 48، من منظومة الدول العظمى والتي كانت تأسيسية للكيان التوسعي بالحروب المستمرة على امتنا وصولاً إلى ما هو عليه الآن، والى دعوات نسمعها من داعميه «بضرورة جعل إسرائيل أكبر«!!

لقد نبه سعادة باكراً  لهذا الخطر من العشرينيات وبقي هذا هاجسه وصولا  لسياسة  اعلاء الصوت حول عظمة المخاطر المرتقبة على امتنا في  خطاب العودة من مغتربه عام 47، وكانت آفاق المواجهة بين الجيوش العربية واهل فلسطين وجيش الانتداب البريطاني ومجموعات العدو الإرهابية، من الهاغانا والشتيرن وقوافل الهجرة اليهودية إلى بلادنا، قد بدأت تعلن بنفسها عن عدم تكافؤ القوة نتيجة تهاون الأنظمة العربية وأيضا جامعتهم العربية والجيوش العربية المرتهنة في قرارها للغرب الداعم  ،بكل قواه آنذاك لإنشاء وطن يهودي في فلسطين، على ارض امتنا ،بقصد التخلص من الوجود اليهودي المكروه يومذاك في أوروبا وايضاً بهدف  جعل هذا الكيان دفرسواراً للاستعمار الامبريالي لبلادنا، ولتثبيت هيمنته على ارضنا، للسيطرة على مواردنا وثرواتنا.

يقول في ذلك الخطاب، ان جهادنا سيستمر ويجب ان تذكروا دائماً ان فلسطين السورية، وان هذا الجناح الجنوبي مهدد تهديداً خطيراً، وان إرادة القوميين الاجتماعيين هي انقاذ فلسطين من المطامع اليهودية ومشتركاتها.

ويضيف «لعلكم ستسمعون من يقول ان في انقاذ فلسطين حيفاً على لبنان واللبنانيين ان انقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم، كما هو أمر شامي وأمر فلسطيني، وأن الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سورية كلها، هو خطر على جميع الكيانات».

أورد، كلام سعادة للتأكيد على عظمة قدرته على الاستشراف لواقعنا الآتي ولمخاطر ما يحاك لبلادنا من مؤامرات ومشاريع. (كأنه يتحدث الأن ) ان واقعنا اليوم يشبه ظروف تأسيس الدول في القرن السابق، بعد « تقاسم » الدول العظمى للهيمنة برداء جديد أسموه الانتداب، وها هو المشروع يتجدد لتفتيت المنطقة والاستيلاء عليها بأكملها وتثبيت الكيان اليهودي الإسرائيلي، القوة الأقدر لقيادة المنطقة بعدما سلمت الإمبريالية الغربية  والأطلسي ، للإسرائيلي أن يكون ذراعها وأداة هيمنتها. لذلك نراها مدعومة بترسانته العسكرية وخزائنه المالية. وما جرى منذ عام ونصف في غزة ويستمر بقصد استكمال مشروع «التران سفير» إلى مصر والأردن، ثم من الضفة الغربية، ومن كل أراضي الـ 48، إلى لبنان والشام.

 لا نغفل هنا التقدم العسكري الإسرائيلي داخل حدود الكيان الشامي من خلال حدودها الجنوبية في الجولان وصولاً إلى درعا ونحو ثلاثين بلدة سورية باتت تحت الهيمنة للعدو وجيشه كما باتت مياهنا الجوفية في جبل الشيخ المشرف على كيانات امتنا، التي يجاهر العدو بانه لن ينسحب منها.

ان الدماء التي أهرقت دفاعاً عن جنوب لبنان والبطولة التي ردعت العدو اشهراً،  تظهر حجم التضحيات التي تقدمها امتنا من اجل منعه من  التقدم  بينما تحاول السلطة اللبنانية الاستناد إلى تفسيرات الأميركي للقرار الأممي، مما يهدد بضياع جزء من جنوب لبنان والانصياع لمشيئة العدو، بالاحتفاظ بالتلال المشرفة على القرى اللبنانية، بقصد تقييد حركة المقاومة الشعبية التي لن تقبل باستمرار هذا الاحتلال، والخشية أن يتم التفريط بحق لبنان المكتسب بالمقاومة ودعم أهل المقاومة  من خلال   القيود التي  تأسر قرارات الدولة اللبنانية في إعادة  الإعمار لما هدمه العدو، في فترة الهدنة، أكثر من فترة الحرب!!!

هتف سعاده للقوميين الاجتماعيين عام 47، «كلمتي اليكم هي العودة إلى ساحة الجهاد ….» داعيا، إلى المسارعة في تعزيز وعي شعبنا لهذه المخاطر، والى مواجهة ما يجري في جبهة سياسية وعسكرية من أبناء الأمة كافة لتكون السد المنيع.. فإلى الجهاد اليوم دون وجل لأن «ازمنة مليئة بالصعاب تمر على الأمم الحية فلا يكون منها خلاص الا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة ». 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *