عام 1986، أصبح البابا يوحنا بولص الثاني البابا الأول بعد القديس بطرس الذي يزور معبد الصلاة اليهودي. وخلال تواجده في كنيس «تيمبيو ماجيوري» في روما قال يوحنا بولس الثاني، الدين اليهودي ليس ب«غريب» بالنسبة لنا، ولكنه بطريقة ما هو «جوهري» لديننا. بالتالي فإن لدينا مع اليهودية علاقة غير موجودة مع أي دين آخر. أنتم أخوتنا الأعزاء، بطريقة معينة، يمكن القول إنكم إخوتنا الكبار. في عشرات الرسائل والبيانات العامة، أنشأ يوحنا بولس الثاني مجموعة هائلة من التعاليم حول العلاقات اليهودية ـ المسيحية، نبذ من خلالها المعادة للسامية والمعاداة لليهودية.
وهو كان أول بابا يقوم بزيارة بابوية رسمية لكنيس عندما زار الكنيس اليهودي في روما يوم 13 أبريل 1986.
في عشرات الرسائل والبيانات العامة، أنشأ يوحنا بولس الثاني مجموعة هائلة من التعاليم حول العلاقات اليهودية ـ المسيحية، نبذ من خلالها المعادة للسامية والمعاداة لليهودية.
عام 1993 إ تمّ تبادل التمثيل الديبلوماسي بين الفاتيكان وإسرائيل.
وفي عام 1994 قام وفد يمثل الفاتيكان برئاسة الكاردينال ادوارد كسودي بزيارة إسرائيل في 24/5/1994، وأعلن صراحة ان» أعضاء الكنيسة الكاثوليكية ارتكبوا خطأً «بحق السامية وعلينا ان نطلب العفو عن ذلك لكوننا لم نتمكن من منع الكارثة (…) وعلى الشعبين اليهودي والمسيحي ان يعملا معا من أجل المستقبل (…) والعداء للسامية هو خطأ ضد الإله». وأعقب هذه الزيارة الاعلان في 16/6/1994 عن إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة التي اعتبرها الحاخام دافيد روزين «ذات أهمية تاريخية، من شأنها ان تؤثر على العلاقات بين المسيحيين واليهود في كل أنحاء العالم». كما قدم البابا يوحنا بولس الثاني جملة من الاعترافات في كلمته أمام مجمع العقيدة للتوراة الذي يعتبر أعلى هيئة في الفاتيكان مكلفة بتحليل الكتابات المقدسة، حيث قال:
في عام 1994 أقام البابا يوحنا بولس الثاني علاقات رسمية بين الكرسي الرسولي وإسرائيل بعد اتفاقيات أوسلو التي كان من المقرر أن تفضي إلى سلام في الشرق الأوسط،. ولهذه المناسبة أقام البابا حفلاً حضره حاخام روما الأكبر ورئيس جمهورية إيطاليا والناجين من المحرقة في جميع أنحاء العالم
في عام 1998 أصدر البابا منشورًا بابويًا بعنوان «نحن نتذكر: تأملات في المحرقة» أوجزت تفكيره حول المحرقة اليهودية.
في هذه الأثناء صدرت وثيقة ثالثة عن لجنة العلاقات الدينية مع اليهودية عُرضت في 16 مارس 1998، تعلقت بالمحرقة، وهي بعنوان: «لنتذكّر.. تأملات في المحرقة». يفصح فحوى نصها عن حكم جريء، حيث بيّنت أن نتائج ألفيْ سنة من علاقات اليهود بالمسيحيين هي للأسف سلبية. إذ يدعو النص إلى استعادة الذكرى لبلورة موقف للمسيحيين تجاه اللاسامية وحكومتي النازية والفاشية. تمحورت الوثيقة حول دعوة المسيحيين لتذكر تراجيديا المحرقة. وفي رسالة بارزة ضمن فقرات الوثيقة، عبّر الحبر الأعظم يوحنا بولس الثاني عن أمله «في تضميد جراح اللا تفاهم، بما يحفّز الذاكرة ويؤهّلها لأداء مهامها في كنف تشييد مستقبل مشترك، لا مكان فيه البتة لظلم المحرقة المجحف.»
في عام 1998وقِّعت اتفاقية الاعتراف والتبادل الدبلوماسي وكان من ضمن محاورها تحديد حقوق الكنيسة في الأراضي المقدسة، فظلت الأماكن المقدسة والقدس والرعايا المسيحيون ورقة ضغط رابحة استخدمها الصهاينة منذ قيام (دولتهم) وحتى الآن، وتزداد أهميتها في ظل تناقص المسيحيين في المنطقة، والذي يدركه الفاتيكان جيدا، وهي قلقة بشأنه، وكذلك قضية القدس، والتي تعد لغاية الآن من القضايا العالقة والخلافية بين الطرفين، ففي حين يطالب الفاتيكان بتدويل القدس، ويصر بشدة على ذلك، نجد الكيان الصهيوني يتقصد دوماً إبعاد الفاتيكان عن أية مفاوضات سياسية فيما يتعلق بها، ويصر على السيطرة الكاملة عليها. وبالرغم من حساسية وجدلية هذا الموضوع، رحب رئيس بلدية القدس الإسرائيلي نير بركات بالبابا السابق في القدس بقوله: «عاصمة إسرائيل»!
وفي محاولة الكيان الصهيوني تحديد برنامج زيارة البابا السابق لبعض الأماكن، ومنعه من أخرى، واستمرار رفضهم لمنح حقوق لمسيحيين هُجِّروا من ديارهم برغم صدور بعض القرارات القضائية الإسرائيلية، مؤشر من مؤشرات الابتزاز الصهيوني باستخدام هذه الأداة لمزيد من التنازلات والتأثير على المؤسسة الكاثوليكية.
في عام 2000، وبالنيابة عن الكنيسة الكاثوليكية، وضع «البابا البولندي يوحنا بولس الثاني» مخطوط «فعل الندامة» بين حجارة الحائط الغربي في القدس، طالبًا المغفرة لقرونٍ من معاداةِ المسيحية لليهودية. وساهم الراهب واللاهوتي الدومينيكاني «جان ميغيل غاريغ» في إعداد ذلك النص.
وفي كتابه «الاستبدال المستحيل»، اليهود والمسيحيون (من القرن الأول إلى القرن الثالث)، فإنه يدرس الانشقاق التدريجي بين الكنيسة البدائية واليهودية، ويُركّز بشكل خاص على «عقيدة الاستبدال.« «يسوع يهودي» و« لم يؤسّس دينا جديدا»، كما تذكر في كتابك. فكيف تم، إذاً، قبولُ تعاليمه من قِبَل إخوانِه في الدين؟ يقعُ يسوعُ الناصري بالكامل ضمنَ اليهودية، لكن كلامه تناقضَ مع اليهودية في عصره. في الواقع، أعاد يسوع إحياءَ النُبُوَّة، أي أنه يتكلم باسم الله ويشهد على ذلك من خلال صنع «الآيات». والحال، فإن آخر أنبياء اليهودية المعترف بهم ـ حجاي، زخاريا، ملاخي ـ عاشوا قبلَه بحوالي خمسمائة عام في القرنِ الأول، بدت نبوّة يسوع منقطعةً عن اليهودية الراسخة. وقد فاجأ هذا الأمرُ بعضَ اليهود في عصره وحُظِي بتأييدهم، ولكنه أثار أيضًا العداء بين آخرين. في البداية، شكّلَ يسوع وتلامذتُه تيارًا جديدًا داخل اليهودية التي كانت آنذاك متعددة وتضمنت عدة تيارات أخرى. وهذا التيار الذي أدى فيما بعد إلى ظهور المسيحية، سُمِّيَ في حينه التيّار «الناصري»، لأن مصطلح «مسيحي» لم يكن له وجود له بعد.
تلاها زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى القدس سنة 2000؛ التي قام بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى الديار المقدسة بمناسبة الاحتفالات بمرور ألفي عام على ميلاد السيد المسيح وتحسنت العلاقات كثيراً بين الطرفين بالزيارة التاريخية وأعرب البابا في زيارته تلك عن أسفه العميق لما لحق باليهود على أيدي المسيحيين لعدة قرون، لكنه لم يصل إلى حد توجيه اعتذار عن صمت الكنيسة الكاثوليكية عن جرائم النازية ضد اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، وهو ما كان يأمل الإسرائيليون أن يسمعوه من البابا. ورغم هذا التحسن فلا تزال بعض الخلافات قائمة في العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية وإسرائيل حول ملكية بعض المقدسات المسيحية، وبعض النصوص الطقسية التي تقرأ عادة في أسبوع الآلام تصف اليهود بأوصاف مشبوهة.
خلال زيارته إسرائيل عام 2000 زار البابا نصب ياد فأشيم، وهو النصب التذكاري للمحرقة اليهودية في إسرائيل، كما أنه زار حائط المبكى الذي يعتبر واحدًا من أقدس المواقع في الديانة اليهودية، ووضع هناك ـ حسب العادات اليهودية ـ رسالة دعا خلالها للصفح عن الإجراءات التي تمت ضد اليهود.
ففي التمهيد الذي كتبه الكردينال جوزيف راتسينغر لوثيقة «الشعب اليهودي وأسفاره المقدسة في الكتاب المقدس المسيحي»، الصادرة سنة 2001 عن اللجنة البابوية الكتابية، يوضّح بجليّ العبارة احترام المسيحيين لتفسير اليهود للعهد القديم. كما يعرب من خلال ما دوّنه «يمكن للمسيحيين تعلّم الكثير من التفسير اليهودي للعهد القديم على مدى ألفيْ سنة؛ كما يتمنى المسيحيون من جانبهم أن يستخلص اليهود نفعا من تطورات التفسير المسيحي». ففي مجال التفسير، حشدٌ من الدارسين اليهود والمسيحيين يتعاونون في الراهن، مؤمنين بجدوى التعاون المثمر، مع انتمائهما إلى تراثين دينيين مختلفين.