أما وقد جرى ما جرى وانتهت حقبه من أطول الحقب في تاريخ بلادنا منذ عهد الدولة الأموية وانهارت معها احلام وامال وتطلعات أن لم تكن باتجاه الوحدة والتحرير فقد كانت على الأقل باتجاه الصمود في مواجهة المشاريع المعادية وهو ما دام على مدى عقد ونصف من الحرب الكونية في سورية وعلى سورية وفي مواجهة هجوم عالمي كانت أدواته كل ما توافر من مواد قتالية واعلامية ومالية ومشاريع أعدت في مختبرات الفكر وغرف المخابرات والمؤامرات لتدمير بلادنا وتنفيذ كل المشاريع المؤذية لأمتنا. ولكن المهم اليوم الإدراك أن المرحلة السابقة قد انقضت وإننا ندخل مرغمين وبغير رغبة منا في واقع سياسي جديد ليس أمامنا الا التعامل معه، في عالم الواقع البعيد عن التمنيات طالما نحن باقون في هذا الوطن ومحافظين على إيماننا به طالما نملك الأمل بعيداً كان أم قريباً.
انها السياسة وانحطاطها والتي هي أمر متحرك يتعامل مع الواقع ولا يتصف بالثبات ولكنها في خدمة العقيدة التي تتسم بثبات أكثر والتي علينا فهمها على أنها القواعد السليمة لانطلاق الفكر والعمل الذي على السياسة ان تحققه وذلك بغض النظر عن الغضب الذي يعتمل في دواخلنا والحزن والالم الذي يعاني منه كاتب المقال ومن يشاركهم الرأي والإيمان وعن الآخرين الشامتين وأولئك الانتهازيين الذين كانوا حتى الأمس القريب جداً من أنصار النظام بشكل حاسم لا يقبل الجدل ويزعمون انهم يفدّون النظام ورئيسه بالروح والدم، و اذا بهم ينقضون عليه فور رحيله و يشيعونه بأقذع الشتائم و يوجهون له الاتهام بكل اتجاه.
بعيداً عن قصص الماضي القريب فان الوطن اليوم ومن أقصياه إلى أقصاه يتعرض لظروف بالغة الحساسية والخطورة تستدعي التعامل معه من خارج صندوق الثأر والكراهية والشعارات او الدفاع غير المفيد عن مرحلة انقضت فالوطن المقسم منذ قرن ونيف من الزمن معرض لتقسيم جديد وإقامة الدويلات الأثنية والطائفية والمذهبية المتحالفة مع دولة الاحتلال.
الوطن اليوم يتعرض للقضم من التركي اللئيم والحالم والعامل على تحقيق احلامه بجدية وعناد، ومن الاسرائيلي الذي أصبح على مقربة من دمشق ويتوغل دون اي مقاومة في كل الاتجاهات والذي نخشى ان نرى سفارته واعلامه بالقرب من دمشق كما نرى صحافييه وفضائياته يتجولون بحرية في مدننا وقرانا
أيضا، يتعرض مجتمعنا إلى أخطار جمة من القادم الجديد صاحب التاريخ الذي لا يجهله أحد هذا وان بدا يظهر ملامح أداء قد تبدو مقبولة إلى حد ما في تعاطيه، ولكن لا نعرف ومن حقنا الشك ان كان هذا حقيقي ام نتيجة التدريب الذي تلقاه مؤخرا وسيبقي لطيفا فقط لمرحلة محدودة فالشك والاساس وهو ما يستدعي الحذر
نعرف تماما كيف سيتعاطى هذا القادم الجديد مع التركي والقطري وهو امر معلن، ولكن الشك هو في كيفية تعاطيه مع العدو المركزي الذي يبدي رغبة في التعايش معه كما يبدي رغبة بفصل الجمهورية السورية عن باقي بيئتها القومية لحساب اسلاميتها او لحسابات لا نعرفها وانما نقدرها ولا داعي لذكرها.
المطلوب اليوم فهم هذا الواقع الجديد واجتراح اليات التعامل معه وذلك في السياق القومي والعودة أولاً للسؤال المركزي: ما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟ وطرح السؤال الثاني المهم: ما العمل؟
أسئلة برسم الإجابة الجمعية.