النقاط الأربعة لحرب العدو« الوجودية»

تكثر التحليلات، عن تحديد سقوف الحرب، وخطوطها ومساراتها، بدون تحديد جذورها ونقاط انطلاقها، لكي يبنى على الشيء مقتضاه.

في الطب، عندما يقرر الطبيب المعالج نوعية العلاج المناسب، يبدأ بتشخيص المرض بداية عبر عوارضه (أي ما يشكو ويراه ويلمسه المريض حالياً) ، ثمّ السيرة الخلفية الذاتية ( أي العوامل الوراثية و البيئة و نوعية العمل)، ثمّ العوامل الأخرى المحيطة والمحتملة للمريض.( أي نوعية الأدوية المستخدمة أو طريقة الحياة و النظام الغذائي و الخ ).

يعنّي هنالك عدة عوامل، تسمح بمجموعها، تشخيص الحالة بدقة، للطبيب الماهر،

ومعرفة نوع العلاج المناسب.

إذاً طبقنا هذه المعادلة في السياسة من خلال قراءة الحاضر واستشراف المستقبل، فإننا نرى أن العدو له نقاط أربعة أساسية، يعتبرها جوهرية، ينطلق منها في حربه علينا، وعلى ضوئها يجب رسم خططنا المضادة:

 ـ أولاً: الخطر الديموغرافي الداخلي الداهم على الكيان، إذ اصبح عددٍ الفلسطينيين في الداخل حوالي السبعة ملايين مقارنة بتسعة ملايين من المستعمرين، و الحبل على الجرار، مما يشكل خطراً كبيراً على ديمومة الكيان في المدى المتوسط والبعيد.

ـ ثانياً: تعاظم قدرات حركات المقاومة الشعبية في المنطقة، على كل المستويات، العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية، داخل مجتمعاتها المحلية والإقليمية والدولية، مما يشكّل خطراً داهماً على مستقبل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، (مثل اتفاقيات السلام السابقة من أوسلو إلى وادي عربة والمستقبلية مثل الإبراهيمية وغيرها).

ثالثاً: عدم سقوط الأنظمة الداعمة للمقاومة الشعبية والرافضة لعملية الاستسلام الشامل التي يريدها الغرب وربيبته المحلية، رغم الحرب الكونيّة التي أطلقت عليها منذ 2011 إن كان في الشام أو العراق، عبر منظمات متطرفة مثل داعش وأخواتها التي كانت ولا تزال تنادي بدولة يحكمها الرعاع من بين النهرين إلى شواطئ البحر المتوسط.

 ـ رابعا: ما فتئ العدو يكرره في كل خطاباته و مواقفه في السنوات العشر الأخيرة ، انه لن يسمح لإيران بالوصول للعتبة النووية، حتى لو كانت سلمية، و لو اضطرّ لخوض حرب جديدة لوحده (بدون الأمريكان) ، لما يشكل ذلك من خطورة عليه (كما يكرر)، من جراء انعكاساتها الإيجابية مثل النهوض الاقتصادي لإيران، و التحرر من العقوبات الدولية ، مما يسمح بمتابعة النهج الإيراني المتبع ، الداعم لمواقف التحرر الوطني في الإقليم…

من خلال هذه النقاط الأربعة، نستطيع القول أن ما نراه اليوم على الأرض، ما هو إلا بداية لمرحلة تنفيذ للنقطتين الأوليتين، و في حال نجاحهما سيكون هناك مرحلة ثانية.

نحن في مرحلة زمنية صعبة للغاية، يتم فيها رسم ملامح مستقبل العالم ورسم خريطة جديدة له.

وبقدوم ترامب وقيادته، أصبح اللعب على المكشوف، وسقط الحياء والأخلاق و الآداب العامة، من حريات و جمعيات و مؤسسات دولية، و أصبح الهدف واضح و ما علينا سوى قراءة تصريحاتهم لفهم طبيعة أهدافهم…

في النهاية، إن لم تكونوا أحراراً من أمة حرة، فحريات الأمم عار عليكم،

الميدان هو الذي سيرسم مستقبل الوطن والأجيال، اتكالنا عليه… وعلى صموده وانجازاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *