آلون يتعلّم وهو يجلس في حضن أبيه:
– هذه الغابة لي، وما وراءَها لبنانُ الجميل… لي. كيف هو يا أبي…؟
+ جميلٌ جميل…! وكلّ “البهائم” التي هناك لنا…
– والطيورُ هناك…؟
+ مجنونةٌ، تغني أغنيات الحصاد على الرّغم من أنّا أحرقنا الحقول…
– والسّهول…؟
+ بيادرُ تميدُ تحت أقدامِ الرّياح…
– والفراشاتُ التي فيها…؟
+ لا شيءَ يثنيها عن القفزِ من زهرةٍ إلى أخرى…
– وما الذي يلمعُ بين التلال…؟
+ لا، لا… هذا خطير…، أنيابُ ذئاب التّلال…
– وبين الوديان الخضراء، ما ذلك الشّرر الذي لا ينطفئ؟
+ عيون فهود الأودية…، سهامٌ تعلّمْ أن تتّقيها…
– وفي مجاري السّواقي…؟
+ أرواحٌ لا تريد أن تموت…
– وفوق الذُّرى؟
+ نسور تأمل أن تقتلع قلوبَنا…
– وفي تجاويف الكهوف؟
+ أسودٌ لا تهاب…، تشحذُ بالفاجعاتِ أنيابَها…
– وتحت التّراب؟
+ عظامُ أجيالٍ وأجيال قتلناها مرارًا وتكرارًا، تنبتُ كالسّكاكين في حلوقنا…
– بين الفينة والأخرى، أسمع تلك “التكتكات”… فما هي؟!
+ أبٌ مخيف، لم يزل يُجلس ابنَه في حضنه، يعلّمه كيف يغيّر التّاريخ والجغرافيا… وأنّ لبنانَ أكبرُ من أحلامِنا…، يقلبُ الصّفحات، ويملأ مخزنَ رشّاشِه حبّةً حبّةً…، “تك… تك… تك…”.
هنيبعل كرم