الصراع المقدس الذي ادخلت فيه منطقة مهبط الاديان، سوف يقود المنطقة الى كوارث جديدة كنا اعتقدنا انها ولت مع انحسار سلطة البابا في جموع مؤمني مرجعيته، كما وسقوط مرجعية الخلافة في إسطنبول بسبب رعونة السلاطين وشعوبيتهم الامر الذي حدا بأخوتهم بالدين من غير الأرومة التركية مساندة الصليبين الجدد لرفع الحيف عنهم.
الصليبية الجديدة تشبه القديمة لحد بعيد وهي بالنظر لما تقوم به تعتبر ربيبتها ويمكن القول ان اطلاق الصفة عليها هو محض هراء،اذ لم يظهروا روح المحبة حتى لحملة معتقدهم من اهل الشرق بل نكلوا بهم كما بسائر الأقوام الذين قاتلوهم وكانت حملاتهم مقنعة تحت ستار الدين وفي حقيقتها نهبوية كما حالها اليوم واذا كان البابا في ذلك الزمن وراء تلك الحملات للتخلص من صراعات الملوك والأمراء في سعيهم للسلطة والمجد والتخلص من سطوة الكنيسة فان الصهيونية اليوم التي تتحكم ببيوت المال والمصارف المركزية هي التي أقنعت الإنكليز بإصدار الوعد المشؤوم وعند تراجع سلطة هؤلاء اثر العدوان الثلاثي على مصر واصلت جهودها مع الإدارات الاميركية المتعاقبة والمحاولة اليتيمة لوضع حد لنفوذها أجهضت في المهد باغتيال كينيدي الذي تكالبت عليه هي وكارتيلات السلاح والنفط.
ان اختيارها للمقدس ليس بصدفة فهي تعلم تمام العلم ان هذه المنطقة لم تحكم يوماً إلا بواسطته تحديداً بعد ظهور الاديان السماوية. فالعامة لا يحركها العدوان نظراً لغياب فكرة الوطن والامة التي تشكل المتحد الأتم ناهيك عن النماذج التي قامت بعد انهيار السلطنة ولم تستطع إبراز هذه المفاهيم لتتشكل عصبية جديدة بصرف النظر عن المعتقد الديني والإثني لمكوناتها البشرية واذا ما أضفنا لذلك سلوك الحكام وزبانيتهم في شتى مؤسسات الحكم ومع وجود سابقة لدى الغالبية بالتألب على السلطان تركت الناس لمصيرها واصبحت تجد في الغازي خشبة خلاص،مصر،ليبيا،العراق وسورية أمثلة حية لغياب الوطنية والمفهوم القومي رغم ان النماذج الاربعة تنادي به وقامت باحتكار التربية والتعليم والثقافة وتوجيه الشعب ولم تكتف بذلك بل حاصرت كل القوى حتى من تحالفهم او يحملون ذات العقيدة الوضعية وتلجأ إلى أخصامها المتدينين للحد من عمل هؤلاء وهي في قرارة نفسها تعلم من يحرك هؤلاء .
غزوة اكتوبر الأخيرة فضحت العروة الوثقى ليس فقط الدينية، بل وتلك التي نادى بها اصحاب الفكر القومي الذي برز بعد انهيار سلطة ال عثمان تحديدا ذات المحمول العروبي. كل ذلك يقودنا إلى البحث عن محمول يضمن سلامة الارض والشعب بصرف النظر عن المعتقد والإثنية وبغير ذلك انما تقديم المنطقة للصهاينة على طبق من فضة بحروب دينية ومذهبية وإثنية الجميع فيها خاسر، خاسر، خاسر.