من يقرأ هذه الكتب الأربعة للدكتور منير العكش:
- “دولة فلسطينية للهنود الحمر”
- “أميركا والإبادات الثقافية”
- “أميركا والإبادات الجنسية”
- “أميركا والإبادات الجماعية، حق التضحية بالآخر”
يجد جواباً واضحاً أمام هذا السؤال الذي يطرحه الجميع:
ماذا وراء هذا الدعم الأميركي المتآمر وغير المحدود لحرب الإبادة ضد شعبنا في فلسطين؟
منير العكش ناقد وكاتب في” الإنسانيات”، يعيش في واشنطن حيث يصدر مجلة ” جسور” بالتعاون مع منشورات جامعة سيراكيوس في نيويورك.
منذ وصوله إلى أميركا وهو يدرس ويكتب عن تاريخ وثقافة الهنود الحمر، حيث تبيّن له بعد القيام بنشاط توثيقي من أهم المكتبات الجامعية وأرشيف الوزارات، أنّ الغزو الأوروبي الأنجلوسكسونية للقارة الأميركية قد أدّى إلى إبادة ما يقارب من 112 مليون من الهنود الحمر الذين لم يبق منهم سوى ثلاثمئة وخمسين ألفاً.
هذا وقد وثّق في كتبه المذكورة أعلاه كل عمليات القتل والذبح والاصطياد وسلخ الرؤوس والجلود وعمليات الاغتيال والتسميم ونشر الأوبئة والأمراض في واحدة من أبشع عمليات الإبادة التي عرفها التاريخ المدوّن.
وبذلك تصبح فكرة أميركا ” استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة ” هي محور فكرة إسرائيل التاريخية، وَإِنَّ عملية الإبادة التي تقتضيها متل هذه الفكرة مُقتبسة بالضرورة بشخصيات أبطالها (الإسرائيليين، الشعب المختار، العرق المتفوّق)، وضحاياها (الكنعانيين، المتوحشين، البرابرة) ومسرحها أرض كنعان وإسرائيل، ومبرراتها (الحقّ السماوي أو الحضاري) وأهدافها (الاستيلاء على أرض الغير واقتلاعه جسديّاً وثقافيّاً).
هذا الاعتقاد يضرب جذوراً عميقة في الذاكرة الأميركية، اعتقاد يتجلّى أمامنا في المناسبات الوطنية والدينية وفي كل خطابات التدشين التي يلقيها الرؤساء الأميركيون، ومفادها أنّ ” إرادة الله، القدر، حتميّة التاريخ، إلخ… اختار الأُمَّة الأميركية الأنجلوسكسونية المتفوقة وأعطاها دور المخلِّص الذي يعني (حق تقرير الحياة أو الموت والسعادة والشقاء لسكان المجاهل).
في سياق الحملة التي ادعت فيها أميركا بأنها “لمكافحة الإرهاب “، اعترف الرئيس كلينتون أمام الكنيست الصهيوني في 27 ت1 عام 1995، بأنّه كان في بعثة دينية عندما اصطحبه كاهنه إلى الأراضي المقدسة في فلسطين قبل 13 عاماً، حيث عايش فيها تاريخ اليهود كما يرونه في “الكتاب المقدَّس”، وقال السيد كلينتون مخاطباً رؤساء الملائكة : شارون ورابين ونتنياهو، بأنّ كاهنه الذي رعى تربيته الروحيّة هو الذي أوصاه قائلاً: “إذا تخلّيت عن إسرائيل فإنّ الله سيغضب عليك “، وهو الذي كشف له الحجاب عن “إرادة الله التي تقضي بأن تكون إسرائيل – كما هي في العهد القديم- لشعب إسرائيل إلى الأبد “. بناءً عليه، قطع كلينتون لكاهنه عهداً وميثاقاً وقال: ” إنّ إرادة الله يجب أن تكون إرادتنا “.
أمام هذه الوقائع والمعطيات التي وثّقها الدكتور منير العكش في كتبه ومقالاته وأبحاثه، يتّضح جليّاً ذلك التاريخ الأميركي المكتوب بأبجدية الإبادة… وتلك الذاكرة الأميركية المخضّبة بدماء عشرات الملايين من الهنود الحمر، كما يتضّح جليّاً ما يُعَشِّش في ذاكرة المشروع الصهيوني الذي يمارس هواياته في غزّة والضفّة من قتل وتدمير واقتلاع وتهجير وإبادة جماعية وهو مطمئن كليًّا على الدعم الأميركي المطلق وغير المحدود نظراً ” للقواسم الأخلاقية والثقافية والإيديولوجية ” المُشتركة بين أميركا وإسرائيل و التي شكّلت عصب المشروعين ولا تزال قائمة حتى تاريخ كتابة هذه السطور.