ليس من باب السطحية القول إن قانون بوسمان قد غير معادلات كرة القدم العالمية . لقد كان تحولت حقيقا سواء من بوابة الانتقالات أو من تطور المنتخبات الضعيفة.
تنظم القوانين تنظّم كل أنواع النشاطات في كافة المجالات : مالية , اقتصادية , فنية , اعلامية و رياضية، و هذه القوانين لها ايجابياتها و لها سلبياتها في تطوير بنيان الدول، فتؤدي اما إلى تطورها أو إلى تهدّمها .
الموضوع المطروح اليوم هو خول قانون بوسمان في كرة القدم الذي غيّر معادلة كرة القدم العالمية من رأسها الى أسفلها , مما أدّى الى توسيع رقعة بوابة الانتقالات و تطوّر المنتخبات الضعيفة , فلماذ سمي هذا القانون بقانون بوسمان , و ما هي ايجابياته و ما هي سلبياته ؟
جان مارك بوسمان:
قانون بوسمان ينسب الى اللاعب البلجيكي غير المشهور جان مارك بوسمان الذي ولد في مدينة لييج البلجيكية , اد في 30-تشرين الأول -1964 .بدأ مسيرته في نادي ستاندرد لييج مسجّلا” معه ثلاثة أهداف فقط , بعد ذلك انتقل الى ناد آخر في مدينته لييج هو آر في سي لييج ,أما في مسيرته الدولية لعب مع منتخب بلاده بلجيكا فلعب 20 مباراة . عندما انتهى عقد بوسمان مع آر في سي لييج سي بدأت تحديدا” فصول القصة مع نادي آرفي سي لييج البلجيكي, في ذلك الوقت قرر بوسمان ترك الفريق البلجيكي و الانتقال الى فريق آخر , و كان يوجد عرض جدّي من نادي ديكريك الفرنسي المغمور , و لكن مطالب ناديي لييج المادية عطلت مكابح انتقال جان مارك بوسمان , لأن قانون الانتقالات في أوروبا أنذاك يمنح للنادي التحكم بانتقال أي لاعب الى ناد آخر .
توجه بوسمان الى محكمة العدل الأوروبية و ادعى أنه كمواطن أوروبي يجب أن يتمتع بحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي و كون عمله لاعب كرة القدم ان ينتقل بحرية من ناد الى ناد في أوروبا .
و في 15 كانون الأول من سنة 1995 أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرار” تاريخيا” ،فانصفت بوسمان وأصدرت قانونا سمي بقانون بوسمان و ينص أنه يحق للاعب الأوروبي من أي دولة أوروبية يلعب في أي ناد أوروبي يعتبر محل و اللاعب الأجنبي هو من خارج القارة الأوروبية .
من ايجابيات هذا القانون أنه حرّر اللاعبين من ظلم الأندية و أصبح اللاعبون عند انتهاء عقدهم مع النادي ، الذين يلعبون معه بشكل حرّ و دون أي تكاليف مادية مع منح اللاعبين حرية الانتقال و أصبح بامكانهم الاستفادة من عقود طويلة الأمد و رواتب سنوية مرتفعة بعد توفير الانتقال على خزينة ناديهم الجديد .
و من ايجابياته أيضا”, السماح للأندية استقطاب لاعبين من خارج القارة الأوروبية من أمريكا الجنوبية و افريقيا و أسيا , و يحق لكل نادي أربعة لاعبين لا يحملون الجنسية .
و سمح للاعبين و هذه بادرة ايجابية أن يعينوا وكلاء لهم لتنظيم العقود بينهم و بين الأندية .
لكن لهذا القانون سلبياته , فاستحواذ الأندية ذات النفوذ المادي على النسبة الأكبر من الصفقات الأفضل بعد فتح التعاقد مع عدد لا محدود من اللاعبين من كل الدول كل موسم مما ترتب عليه تراجع مستوى دوريات عديدة في أوروبا و ضعف الأندية العريقة ذات النفوذ المالي الضعيف. فمثلا” تراجعت دوريات مثل الدوري الهولندي , الفرنسي و ايضا الايطالي لصالح الدوري الاسباني و الانكليزي .
أيضا من سلبيات هذا القانون هو ارتفاع أسعار النجوم بشكل جنوني بسبب صراع الأندية الكبيرة على التعاقد .
و لا بد من التذكير أنه من خلال قانون بوسمان تطورت المنتخبات الضعيفة ،لأن لاعبيها يلعبون في الأندية الكبرى مثلا. في التسعينات لعب الاعب البلغاري اميل كوستادينوف في نادي بايرن الميونيخ , و زميله في منتخب بلاده خريستوف ستويشكوف لعب مع نادي برشلونة مما ساعد المنتخب البلغاري ان يتأهل الى نهائيات كأس العالم 1994 التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية بدلا” من فرنسا و اخراجها ألمانيا من الدور الربع النهائي من كأس العالم بنتيجة 2-1, و أيضا” اللاعب الكرواتي دافور سوكر لاعب ريال مدريد ساهم باسقاط المانيا بنتيجة 3-0 و أخرجها من الربع النهائي من كأس العالم في فرنسا ،و ايضا” اللاعب الكرواتي الحالي لوكا مورديتش الذي يلعب في نادي ريال مدريد الاسباني ساهم بشكل اساسي بايصال منتخب بلاده كرواتيا الى نهائي كأس العالم في روسيا 2018 ، و ان سبعة لاعبين من المنتخب الياباني و الذين فازوا على المنتخب الالماني 2-1 في نهائيات كأس العالم 2022 قطر التي تجري حاليا” يلعبون في الدوري الألماني .
ان قانون بوسمان فعلا” ليس انتفاضة، بل ثورة غيرت مفاهيم و قوانين لعبة كرة قدم،سواء في عالم الانتقالات للاعبين من ناد الى ناد , أو من خلال العقود التي يقيمها بها اللاعبون
مع الاندية التي يختاروها , أو عبر ثقل التطور و الخبرة عند اللاعبين حيث يساهموم في تطوير منتخبات بلادهم، مما ادّى الى عدم وجود كبار و صغار في لعبة كرة القدم بل كل المنتخبات كبار. .
فراس مهنا