التعاقد والنظام الجديد – الحلقة الثانية

التزامات عضو الحزب: حددها قسم الانتماء – قسم العضوية – فالتزم:

  • بالانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي بكل إخلاص وكل عزيمة صادقة.
    • أن يتخذ مبادئ الحزب إيمانًا له ولعائلته وشعارا لبيته.
    • أن يحتفظ بأسراره فلا يبوح بها تحت أي ظرف بأي وسيلة من وسائل التعبير لا كتابة، ولا رسمًا، ولا حفرًا ولا بأية وسيلة أو طريقة أخرى لا تطوعًا ولا تحت أي نوع من أنواع الضغط.
    • أن يحفظ قوانينه ونظاماته ويخضع لها. أن ينفذ جميع ما يعهد به عليه.
    • أن يؤيد زعيم الحزب وسلطته.
    • ألا يخون الحزب ولا أفراده ولا واحدا منهم وأن يفعل واجباته نحو الحزب

بهذا التزم وعلى هذا أقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده. إن المقبل على الدعوة لا يبغي شيئا لنفسه. لم تعده القومية بشيء. لا بل هو جاهز ليقدم كل ما تتطلب القضية دون تردد، كل أشكال العطاءات والتضحيات الفردية وصولا حتى الاستشهاد، لذلك هي مغايرة عن كل الخط الفردي الأناني المنفعي الذي سطا على المشهد العام.

وبالمقارنة بين قسم الزعامة وقسم العضو، يبدي الأمين جهاد العقل ملاحظة: لم يطلب سعاده، صراحة، في قسم العضوية من المنتمي إلى الحزب “أن يقف نفسه على أمته السورية ووطنه سورية”.
   ويميز الرفيق جهاد العقل بين العقد والتعاقد: التعاقد هو غير العقد وغير الاتفاق. التعاقد هو تفاعل، تفاعل مادي وروحي؛ مادي يتجلى في القسم، وروحي يتجلى في الإيمان المتبادل، في وحدة الروح. أمّا العقد أو الاتفاق فهو متحرك بالتراجع، او بالتعديل، أو بالإلغاء، أو بالاستبدال، أو بالانتقال، وهو شأن مادي بحت. التعاقد هو شرطيّ؛ بين الزعيم والأمة المجسّدة في التعاليم، وغير شرطي بين الزعيم ومع المقبلين على الدعوة التعاقد هو فقط بين الزعامة والمقبلين على الدعوة.

أيضا يذهب الدكتور عادل بشارة الى ضرورة التمييز بين قسم الزعامة وقسم العضوية.
   في العلاقة بين طرفي الدعوة، ايضا يمكن ان نسأل هل الطرفان:(الشارع والمقبلون )متساويان كطرفي عقد ؟ يقول د سليم مجاعص: “”
وقد تنبه الرفقاء الأولون في الحزب إلى أهمية الفرق بين القسمين وان على الرفيق الذي يريد ان لا ينتمي مستقبلا إلى الحزب أن يطلب “حله من قسمه” كما فعل الأمين فخري معلوف مثلا. فطلب الحل من القسم الذي قدمه الأمين معلوف يعني أن التعاقد ليس بين طرفين متساويين في الحقوق والواجبات وان حق فسخ التعاقد محصور في سلطة الزعامة.

يشير الامين أحمد اصفهاني الى طبيعة التعاقد الذي تشكل بالاعتناق التتابعي ويشير الى قول سعاده:”بالاعتناق التتابعي للعقيدة من قبل الأفراد وليس باجتماع في يوم معين”.

أهمية التعاقد؟
يشير د عادل بشارة، أن هذا الحزب هو الحزب السياسي الأول، وربما الوحيد، الذي تأسس على تعاقد بين صاحب الدعوة والمقبلين عليها. عادة تتقيد الأحزاب الأيديولوجية في العالم، على جانبي الطيف السياسي، بدستور داخلي وقواعد سلوك، ولكن ليس بموجب عقدٍّ من أي نوع.
اما مبدأ التعاقد، فيعتبره الأمين هنري حاماتي أنه (فلسفة نشوء الحزب).

في مؤتمر المدرسين: يقول ســـعـــاده:” وإذا نظرنا في مهمة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يحمل رسالة النهضة السورية القومية الاجتماعية، وجدنا أنها أشق مهمة ظهرت في تاريخ أية أمة من الأمم، فليس، ولميك قط، للفوضى التي تتخبط فيها الأمة السورية مثيل، ولم يبلع الفساد في أمة من الأمم، في أي وقت من الأوقات، مبلغه في أمتنا إلى هذا الوقت”. نعم ليس تعاقدا يشبه أي تعاقد في التاريخ. لا تعاقد في التاريخ قام على هذا التفاني.

  • : تأسيس الدولة السورية الجديدة المنهارة قد تم بالتعاقد يرى الأمين بديع عطية أنه تعاقد على تأسيس دولة، بالأحرى لعلها الدولة الوحيدة في التاريخ التي تتأسس بالتعاقد. هذا أول عظمة للتعاقد في نظامنا. وهذا موضوع بحث من الوزن الثقيل.

. أهلية التعاقد؟
   ما هي الاهليّة التي يتطلبّها العقد: من الطرف الأول: العمر، الرضى، الوعي،  الأهلية الأخلاقية، الايمان.

ومن الاهمية أيضا ما اشار له د عادل بشارة:” سعاده ابتكر فكرة التعاقد، من بين أمور أخرى، لمنع المخربين المحتملين، من داخل الحزب وخارجه، من العبث بمبادئها الأساسية أو من إخضاع تعاليمها للمنفعة السياسية والشخصية. وعليه، فإن “التعاقد” هو بمثابة صمام أمان ضمن إمكان عدم العبث بأيديولوجية الحزب لأنه يحصر موضوع التعاقد – القضية السورية القومية الاجتماعية – بصاحب الدعوة وبالوقت نفسه يلزم صاحب الدعوة بموضوع التعاقد.

  أما الأمين زهير فياض فيتكلم عن التعاقد وعنصري الحرية والوعي: فالأساس التعاقدي هو المدخل لفهم قضية الحرية عند سعاده وربطها بنظرية الحقوق والواجبات، إذ أن الانتماء الإرادي الى الحزب على قاعدة الوعي هو الأساس الذي تقوم عليه مشروعية العضوية بكل ما تحمله من حقوق وواجبات تجاه الحزب. وبما أن الحزب هو حركة الشعب العامة حسب سعاده، فالحزب يمثل نموذج الدولة القومية الاجتماعية الموعودة، وهذه مقاربة ثلاثية الأبعاد لمفهوم الدولة والمرتكزات التي تقوم عليها بحسب سعاده. وهذا مدخل لفهم فكر سعاده المتصل بقضايا الدولة والحرية والمجتمع والديمقراطية وقضايا التعبير عن الإرادة الشعبية العامة، وآلياتها، وأشكالها المختلفة، والمتعددة.

أيضا يتكلم سعادة عن اجماع فاعل واجماع مطاوع. وهذا بحاجة الى بحث كيف يتحقق الإجماع الفاعل، وما الفرق بينه وبين الإجماع المطاوع.   من العناصر المهمة في التعاقد هو موضوع القسم: اليمين فيكتب سعاده ويقول:“لليمين، خطورة عظيمة جداً في علاقات المجتمع الإنساني وروابطه. وهي بطبيعتها تصبغ الأمور المقطوعة لها بصبغة الواجب الذي لا مفر منه، إذ اليمين توضع للأمور العظيمة دون الصغيرة وللقضايا الأساسية الجوهرية دون المسائل السطحية العرضية”
ويضيف: “الحقيقة أنّ خرق اليمين من أسوأ جرائم الاجتماع المناقبي. فإذا بليت به أمّة دكّ عمرانها إلى الحضيض، وإذا شاءت أمّة عاثرة النهوض كان الحنث باليمين وخفر الذمة ونكث العهد في صدر الأدواء التي يجب معالجتها لكي يمكن أن تعمّر نهضة، وأن يثمر مجهود عام، وأن تتحقق قضية“. ســـعـــاده

إنّ عدداً من الذين قتل قواهم النفسية داء الاستخفاف بالبيعة واستسهال الحنث باليمين، وسقطوا من صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي لهذا السبب الجوهري، يرفعون رؤوسهم في المجالس والمجتمعات باعتزاز ويطلقون ألسنتهم في القدح في نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي حاول شفاءهم من مرضهم الهدام للمجتمع، كأنهم حائزون على المؤهلات الأخلاقية والمناقبي والحقوقية للحكم على الحزب ونظامه!

   ويصف الرفيق شحاذي الغاوي التعاقد باعتباره تعاقدا وجدانيا، يقول: “في العقود التجارية بين طرفين تكون هناك شروط مادية وتبعات جزائية ينحلّ العقد بين المتعاقدين بمجرّد أن يخلّ أحد الطرفين بشرط واحد منها، أمّا التعاقد مع سعاده فهو تعاقد وجداني رابطه الإيمان والولاء والثقة وضمانته “شرفي وحقيقتي ومعتقدي”، وهذه هي أغلى ما يملكه الفرد منّا والأكثر مسّا بصفته كإنسان. لم تكن هناك شروط في التعاقد بين الواحد منّا والزعيم، بل موجبات ومسؤوليات دون مقابل، كانت هناك عطاءات وتضحيات وبذل النفس والحياة من أجل قضية تساوي الوجود من أجلها نقف مع ا أو نسقط معا”. وهنا أشير الى بحث الرفيق جهاد نصري العقل بعنوان: قراءة أولية في مفهوم القسم السوري القومي الاجتماعي سعاده ولغة المفاهيم الجديد.
ثانيا المدخل السياسي:
   ماهي الإضافة الفكرية التي قدمها التعاقد؟ ان مفاهيم الديمقراطية بين التمثيل والتعبير، وخاصة مفاهيم حرية الفرد وحقوقه، خاصة التعبير وكيف تحقق في النظام الحزبي؟
    لماذا اخترت موضوع التعاقد والنظام الجديد، لان التعاقد هو النظام الجديد للفكر الجديد والذي من غير الممكن ان نفهمه دون الفكر الجديد الانسان الجديد والنظام الجديد. أهمية الجديد والتجدد. نظام جديد وانسان جديد ونظرة جديدة وهذا في خط الفكري السوري. وما ورد في الانجيل أن الخمر الجديد لا يوضع في دن عتيق.
اكتفي بهذه العناوين العامة و لتي تحتمل كثيرا من التوسع والتفريع والتفصيل.
بالخلاصة، هذه المقالة طبعا هي العناوين العامة، هي مدخل وتفتح المجال امام دراسات وابحاث استكماليه: منها تحليل قانوني للتعاقد، وتحليل أخلاقي، وتحليل في علم الاجتماع السياسي، تحليل ودراسات مقارنة مع الأنظمة القائمة.

   وأشير الى بعض الابحاث المعقودة على سبيل المثال لا الحصر:” الأمناء، أحمد أصفهاني، زهير فياض، وهنري حماتي، وادمون ملحم، جهاد العقل، وسليم مجاعص، وايلي عون، وأسامة سمعان، والمحامي زهير قتلان و الرفيق شحاذي الغاوي وغيرهم طبعا .
اما الأسئلة الإشكالية التي تولدت بعد غياب سعادة، الزعامة وطبيعتها بعد استشهاد سعاده:.
يقول د سليم مجاعص: “”ما نريد تناوله هنا هو مصير تعاقد التأسيس عند اغتيال سعاده، فمع اغتيال سعاده انتهت بالفعل مؤسسة الزعامة وصار من الواجب أن تعمد الحركة السورية القومية إلى مراجعة دستورها. وكان سعاده قد أشار في مواد مختصرة في الدستور إلى ما يتوجب فعله في حال غيابه النهائي على أن يتوسع بذلك لاحقا لكنه لم تتسن له الفرصة لفعل ذلك. السؤال المتوجب طرحه اليوم، والذي كان يجب أن يطرح في التاسع من تموز، هو كيف ننتقل من تعاقد التأسيس إلى “تعاقد المستقبل“، وهذا السؤال هو من ضمن الأسئلة الكثيرة المتفرعة من السؤال الأساسي كيف نبني حزب المستقبل؟ ولا يمكن تحديد تعاقد المستقبل قبل تحديد شكل الحركة السورية القومية الصالحة لتحقيق الغاية القصوى التي وضعها سعاده أمانة في عقولنا وقلوبنا.
 أختم بما كتبته سابقا على نشرة الندوة، انه تعاقد الشرفاء على القيام بنهضة هذه الامة وانتشالها من الحضيض الذي تعيش فيه.
   اما الرفيق شحادي الغاوي فيقول: “
إنه زعيمنا ونحن نفخر بالتعاقد معه وحده، ويستمر التعاقد معه في كل قسَم يؤدّيه كل رفيق جديد. وتعاقدنا معه يستمر بعد استشهاده، تما ماّ كما كان يحدث قبل استشهاده في حضوره وفي غيابه. أيضا يميز الأمين هنري حماتي بين “التعاقد والدعوة فيعتبر أن فترة حياة سعاده شكلت عهدا للزعامة لا عهدا للتعاقد. فالتعاقد مع سعاده يستمر حتى بعد موته ليبقى الضمانة الدائمة المستمرة لسلامة القضية السورية عقيدة. إذا عهد الزعامة شيء وعهد الدعوة وصاحبها شيء آخر. والخلط بين الصفتين تبطن شيئا خبيثا هو الإيحاء بأن صاحب الدعوة قد ولّى مع سلطة الزعامة التي انتهت بموته”. أيضا العلاقة التعاقدية بيمن أطراف التعاقد هي من الموضوعات المطروحة. هذه جميعا ابحاث بحاجة الى تعمق وتوسع وهي مطروحة على الذهن القومي. وللبحث صلة.