الاغتيالات الصهيونية

الاغتيالات الصهيونية

كانت الاغتيالات موضع اختلافات وتجاذبات بين القوى والجماعات المتصارعة على مدار التاريخ، من اغتيال يوليوس قيصر إلى ولي عهد النمسا، وشكّلت في كل مرة شرارة لحروب كبرى، ولا تزال الأدبيات الاشتراكية الأولى من أهم المرجعيات في تحليلها ونقدها، مشيرة إلى أن التناقضات الكيفية والتاريخية لا تحل بالاغتيالات، بل بالنفس الطويل وإمعان العقل في رسم الاستراتيجيات وإدارتها.

كما أشارت هذه الأدبيات إلى أن الاغتيالات غالبا ما تعكس مزاج البرجوازيين الصغار من أصحاب النفس القصير الذين يعتقدون أن الاغتيال يساهم في حرق المراحل بشكل أو بآخر، ويذكر هنا أن العديد من الاغتيالات التي شهدها القرن التاسع عشر وخاصة في روسيا كانت من قبل برجوازيين صغار يهود، كما نبّهت هذه الأدبيات إلى أن الحروب التي تندلع بعد كل اغتيال لم تندلع لهذا السبب بالذات، بل لمصالح وأسباب أكبر من ذلك بكثير.

كما تشير دراسة هامة للباحث العراقي الراحل، هادي العلوي، ومثله دراسات أحمد عباس صالح واميل توما وغيرهم، إلى أن الاغتيالات في التاريخ الإسلامي والتي تلت وفاة الرسول مباشرة وتعاظمت في الفترة العثمانية، لم تكن مؤثرة بحد ذاتها بقدر ما عكست خلفيات، وتحضيرات وتناقضات اجتماعية وايديولوجية.

إلى ذلك، إذا كان التاريخ العالمي حافلا بالاغتيالات، فإن لليهودية العالمية والمستعمرة الصهيونية خصوصا تاريخها الحافل بالاغتيالات كنهج أساسي:

أولا، نلاحظ عدم الاكتراث بالدم اليهودي نفسه بخلاف ما هو شائع من حرص اليهود على دمهم واستعادة رفات قتلاهم، وتاريخ اليهود حافل بذلك في الأزمنة القديمة والحديثة، ومن ذلك على سبيل المثال:

  • إبادة مئات اليهود عندما فجرت العصابات الصهيونية الباخرة باتريه في ميناء حيفا 1943 لرفضهم الهبوط من السفينة بعد أن أدركوا الكذبة التي انطلت عليهم في البداية وهي أن السفينة متوجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
  • إبادة عشرات الآلاف منهم في المعسكرات النازية لقاء الصفقة الصهيونية النازية المعروفة (مساعدة البرجوازية اليهودية لألمانيا مقابل إجبار عشرات الآلاف من الشباب اليهودي على الهجرة إلى فلسطين واحتجاز الشيوخ في المعسكرات المذكورة)، إضافة إلى موافقة الصهيونية على إبادة اليهود الشيوعيين في ألمانيا.

ثانيا، بقدر ما تدرك النازية الصهيونية التي تحتل فلسطين منذ عام 1948، إن الاغتيالات الفردية لا تحسم أي صراع، بقدر ما تصر عليها وتمارسها على نحو ممنهج وذلك في ضوء الحيثيات التالية:

  • التعميمات الاستشراقية حول شخصية العربي المحكومة بالخيمة والشيخ، والعلاقات الريعية في مستوياتها المختلفة، وبالتالي فإن الأثر الناجم عن اغتيال أي شخصية هو أثر بالغ، وقد فات العدو كما الاستشراق أن البنية الرملية ليست بنية سائدة في المشهد العربي، ولا سيما المشرقي الشمالي الذي تغلب عليه شخصية جمعية زراعية لا رملية، وأن رحيل الشخصيات المؤثرة يتحول إلى طقس استرجاعي اندماجي استنهاضي لا سلبي.
  • فيما يخص الشخصية اليهودية الغيتوية التي تدرك في أعماق نفسها أن دولتها عابرة قياسا بالتاريخ اليهودي للجماعة المتناثرة التي لا تعيش في محيطها بمعزل عن ثقافة الدسائس والمؤامرات والاغتيالات واستخدام كل الأدوات الخسيسة لذلك من توظيف النساء إلى المال إلى الاغتيالات الفردية بالسم وصولا إلى تقنيات الاغتيال الحديثة.
  • إن ما يحكم العقل الصهيوني مزيج مركب من الدور الوظيفي الإمبريالي ومن الكراهية والأحقاد، فالاغتيالات الفردية تنتمي إلى ثقافة الكراهية والانتقام للجماعات الغيتوية الانعزالية.
  • البعد الهوليودي أو الإعلامي الصاخب للتغطية على الأزمات والهروب منها.