رد على مقال أنطوان سلمون

أساليب المخادعة والمواربة في التحليل السياسي

في مقاله، يتبنى “أنطوان سلمون” أسلوبًا من المخادعة والمواربة، حيث يسعى لتقديم الحزب السوري القومي الاجتماعي ككيان متناقض مع مبادئه الأساسية، مدعيًا أنه أصبح جزءًا من “ولاية الفقيه”. لكن هذا التحليل يفتقر إلى العمق ويغفل العديد من الحقائق التاريخية والسياسية التي تستدعي التأمل.

1. التلاعب بالمفاهيم

سلمون يستخدم مفهوم “الطباق” ليشير إلى التناقض بين القومية السورية والإسلام، لكنه يتجاهل أن القومية، كما أسسها أنطون سعادة، ليست قائمة على الدين. بل إن سعادة كان يؤكد على وحدة الأمة رغم تنوعها الديني. في كتابه “نشوء الأمم”، يوضح سعادة أن الأمة تتشكل من مجموعة من البشر الذين يشتركون في المصالح والمصير، مما يعني أن الدين ليس العنصر الأساسي في تشكيل الهوية القومية. لذا، فإن الربط القسري بين القومية والدين في تحليله يبدو كخطوة غير موضوعية تهدف بوضوح إلى تشويه صورة الحزب.

2. غياب السياق التاريخي

يتجاهل سلمون السياق التاريخي الذي أدى إلى التحالفات الحالية، والتي تفرضها التحديات الوجودية التي تواجه الأمة. التحالف مع حزب الله، كما يدعي، ليس ناتجًا عن تبعية أو خضوع، بل هو استجابة لمتطلبات المرحلة. إن تصوير هذا التحالف كنوع من الخيانة لمبادئ الحزب هو تبسيط مخل للواقع. يجب أن ندرك أن الظروف الإقليمية والدولية، بما في ذلك الصراعات في المنطقة، قد فرضت على الأحزاب السياسية إعادة تقييم استراتيجياتها.

 3.استخدام الشهادات الانتقائية

عند استشهاده بالوثائق السياسية للحزب، يختار سلمون مقاطع معينة تتناسب مع رؤيته، بينما يغفل عن السياقات الأوسع التي تتحدث عن المقاومة والمواجهة. إن التركيز على بعض العبارات دون النظر إلى المعاني الكاملة للوثائق يعكس أسلوبًا انتقائيًا يسعى إلى تعزيز حججه دون تقديم صورة شاملة.

 4- غير المبررة. لإسقاطات

سلمون يميل إلى إسقاط تصورات معينة عن الإسلام السياسي على الحزب السوري القومي الاجتماعي دون تقديم أدلة قوية تدعم هذا الادعاء. إن فكرة أن الحزب قد تخلى عن مبادئه العلمانية في سبيل التحالف مع القوى الإسلامية هي فكرة مناوئة للحقيقة كليا ومحاولة لتشويه تاريخ الحزب ومساره النهضوي. فالحزب، رغم تحالفاته، هو ملتزم بمبادئه وعقيدته القومية الاجتماعية، ويعمل على تحقيق مصالح الأمة السورية بشكل شامل.

5-الفشل في تقديم البدائل

فشل سلمون في تقديم البدائل لمواجهة الحرب الوجودية التي تواجه الأمة، وذلك لأنه ابن المدرسة الانعزالية المتحالفة تاريخيا مع اعداء الأمة وللأسف. ولو لم يكن قصده الهجوم على النهج المقاوم للدفاع عن الوطن، لقام باقتراح رؤية بديلة لكيفية مواجهة التحديات الحالية.

في النهاية، يجب أن ندرك أن التحليل السياسي يتطلب فهمًا عميقًا للسياقات التاريخية والثقافية، وليس مجرد الاعتماد على المفاهيم المجردة أو الاقتباسات الانتقائية. إن الحزب السوري القومي الاجتماعي، رغم التحديات، يعمل بإصرار للحفاظ على هويته القومية الاجتماعية، لأنه فيما عدا ذلك هو خيانة عظمى للتعاقد مع سعاده وللعقيدة، في مواجهة الأخطار المحدقة، وليس كما يصوره سلمون ككيان “ضائع”. إن القومية السورية ليست مجرد شعارات، بل هي رؤية شاملة تتطلب الوعي بالتحديات والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.

لذا فإننا نؤكد على:

1. الطبيعة العلمانية للحزب:

حزب أنطون سعاده هو حزب علماني قومي اجتماعي، ينادي بفصل الدين عن الدولة وليس عن الفرد كخصوصية ايمانية، فهو يركز على القضايا الوطنية والاجتماعية بعيدًا عن الطائفية أو الأبعاد الدينية. هذا التوجه يجعله متمايزًا عن الأحزاب التي تتبنى أيديولوجيات دينية او علمانية لا إيمانية.

2. التحالفات الاستراتيجية ومتطلبات حياتنا المشتركة من وحدة المصالح والمصير:

التحالف مع حزب الله يأتي في سياق مواجهة التحديات الوجودية التي تواجه الأمة. هذا التحالف ليس بالضرورة تعبيرًا عن التبعية، بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز المقاومة والدفاع عن الوطن. نحن حلفاء الدم، لقد امتزجت دماء رفقائنا ودماء ابناءهم وروت تراب وطننا الغالي في سبيل صد الهجمات الاجرامية على شعبنا.

3. الهجوم على النهج المقاوم:

 الهجمات على حزب سعاده تأتي في إطار محاولة لتفكيك النهج المقاوم الذي يتبناه في صلب عقيدته. هذه الهجمات تهدف إلى إضعاف الجبهة الوطنية في مواجهة التهديدات الخارجية.

4. التأكيد على القومية الاجتماعية:

من المهم التأكيد على أن حزب سعاده يدعو إلى وحدة جميع أبناء الأمة، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الطائفية. هذا هو جوهر الفكر السوري القومي الاجتماعي الذي يسعى إلى بناء مجتمع متماسك وقوي-.

 –5الهجوم على راهنيه سعاده:

برهنت عقيدة سعاده راهنيتها من حيث انها قومية اجتماعية كونها قومية عقلانية بمواجهة القوميات اللاعقلانية، العنصرية او الدينية، في زمن سقوط العولمة الرأسمالية المجرمة وبروز التيارات القومية. انها هدية سعاده للإنسانية نحو عالم أفضل وحياة أجود.

وكذلك الامر بالنسبة الى ماهية الصراع في العالم كونه صراع أمم وليس صراع طبقات، صراع على موارد الأمم، وبالتالي على أهمية نشوء الأمة السورية، وإطلاق جبهة عربية للضرورة الاستراتيجية في وجه هذا الصراع.

في الختام، يجب أن نكون واعين ومتربصين لمحاولات تشويه الصورة التي يقوم بها البعض، ونسعى لتعزيز الحوار والنقاش البناء حول القضايا الوطنية المصيرية.

ونردّد دائما مع سعاده مواطنينا الأعزاء نحن نريد ان ننتصر بكم وليس عليكم.

قال سعاده فيما مضى:

“إنهم يفضلون دولة منقسمة على ذاتها إلى ملل على أمة موحدة ودولة قومية صحيحة. إنهم يفضّلون الفتنة على الوحدة. وها سياستهم آخذة في إعطاء ثمارها من جديد كما أعطت ثمارها من قديـم. وقد قال الـمسيح «من ثمارهم تعرفونهم».

ها هي ثمار التلبنن الـملّي تنذر بويل التقتيل. إنها ليست ثمار الـحركة القومية الاجتماعية، بل ثمار الـحزبية الدينية التي تفرّق بين «اللبنانيين الصرف» واللبنانيين «غير الصرف». هي ثمار الفلنجيين والـمطرانيين!”

وبالفعل وبعد عدة سنوات أُدخِل الكيان اللبناني في الازمات الطائفية وصولا الى الحرب الأهلية ومن ثم الى أزمة نظام بنيوية، لا يستطيع النهوض، او حتى الوجود ككيان، لا ديمقراطيا ولا اقتصاديا ولا سياديا، كما هو حال باقي كيانات الأمة.