صدرت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية وألف مبارك للناجحين، ولكن!

نجح الطلاب بكثافة، نالوا ثمرات تعبهم وجهودهم، تحدوا الخراب والحرب والاقتصاد والفقر والمشاكل وكل غدرات الزمان والإنسان والفواجع والمواجع، ولكن … ما قيمة شهادتنا الوطنية اليوم؟ ماذا ندرّس في مناهجنا؟

 ماذا عن الاختصاصات وعن مستقبل سوق العمل واحتياجات العلوم وتحديات المنافسة العلمية في بلدنا وسائر بلاد العالم؟

العالم كله يواجه أزمات كبرى في التعليم والتربية فهل يأتي الحل من الصين؟ تحت عنوان ملفت:

«البكالوريا لم تعد لها أي قيمة» بدأت الصين تبحث عن بدائل في نظامها التربوي، و ما يحدث في الصين يجب أن يدفعنا للتفكير أكثر في مسيرتنا التربوية و مصير المناهج التي لم تعد تنفع.

قرابة 10 ملايين شاب صيني خضعوا لامتحان «غا وكاو»، وهو الامتحان الوطني للدخول إلى الجامعة. ومع ذلك، تلوح في الأفق إصلاحات جريئة: استبدال هذا الامتحان، الذي يعادل البكالوريا الفرنسية، بما يعادل درجة الماستر. قد تؤدي هذه المبادرة إلى زلزال في المسار التعليمي لملايين الطلاب.

زلزال نعم، ولكن لماذا هذا التغيير؟

تعتبر السلطات الصينية أن النظام التربوي الحالي لم يعد يواكب متطلبات سوق العمل، وتسعى إلى تعزيز قدرة الخريجين على المنافسة. وقد أثار هذا المشروع العديد من النقاشات، سواء على الصعيد التعليمي أو الاجتماعي والاقتصادي.

موقع Terminales.fr يعيد النظر في عملية إصلاح تربوية قد يعيد تعريف التعليم في الصين وفي فرنسا، وقد يشمل ذلك كل ما له علاقة بالتربية في كل أنحاء العالم، ونقل لنا بعض الافكار عمّا تواجهه الصين في مسألة التربية والتعليم!

منذ الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كوفيد، لا يزال معدل البطالة يرتفع جدا وقد أصبح سوق العمل الصيني مشبعًا بأكثر من عشرة ملايين من الخريجين الجدد سنويًا. هذه الضغوط تدفع الطلاب إلى مواصلة دراستهم، وأصبح الحصول على درجة الماستر أمرًا شبه إلزامي للوصول إلى وظائف مؤهلة.

في جامعة بكين، الطلاب المتفوقون يفكرون في متابعة دراساتهم العليا. هذه الظاهرة تعكس تحوّلًا في النظام التعليمي، حيث لم تعد شهادة المرحلة الجامعية الأولى كافية لضمان وظيفة مستقرة ومُرضية.

وقد استجابت الجامعات الصينية بزيادة عروض برامج الماستر، وركّزت على مجالات رئيسية مثل الهندسة، والمالية، وتكنولوجيا المعلومات. لكن هذا التوسع يثير تساؤلات حول جودة الشهادات الممنوحة. ورغم المستوى التعليمي العالي، يجد العديد من الطلاب أنفسهم في وظائف غير مستقرة، مما يغذّي شعورًا بالإحباط. لقد أصبح الماستر، الذي كان يومًا ميزة إضافية، ضروريًا اليوم لضمان إدماج مستدام في سوق العمل الصيني.

لكن من ناحية ثانية يبدو أن الإفراط في التأهيل له عواقبه الوخيمة لا بل له آثار كارثية على سوق العمل الصيني. فقد أدى التضخم في عدد الشهادات إلى جعل شروط التوظيف أكثر صرامة، مما يؤخر دخول الشباب إلى سوق العمل ويزيد من تبعيتهم المالية لعائلاتهم. حتى الحاصلين على درجة الماستر قد يشغلون وظائف غير مؤهلة، مما يعمّق حالة عدم اليقين. وعملية متابعة الدراسات العليا تحصل استجابة لواقع اقتصادي معقد.

تحاول السلطات الصينية تحفيز الابتكار وخلق فرص عمل في القطاعات الناشئة، لكن لا يزال التوافق بين المهارات والاحتياجات الاقتصادية يمثل تحديًا. ويظل معدل البطالة بين الشباب مرتفعًا، مما يعكس هذا الوضع.

وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء، بلغ معدل البطالة بين الشباب 14.9٪ في مايو/أيار 2025، مقارنة بـ 14.2٪ في مايو/أيار 2024. هذا الارتفاع يبرز الحاجة الملحة لتكييف مستمر للبرامج التعليمية.

لا يزال معدل البطالة بين الشباب في الصين مصدر قلق كبير. ففي مايو/أيار 2025، بلغ 14.9٪مقارنة بالعام السابق. ويشمل هذا الرقم الفئة العمرية من 16 إلى 24 عامًا في المناطق الحضرية، باستثناء الطلاب، وهو مقلق خاصة مع دخول 12.2 مليون خريج جديد إلى سوق العمل في صيف هذا العام. وفي عام 2023، عندما تجاوز هذا المعدل 21٪، حظرت السلطات نشر هذه البيانات لمدة ستة أشهر.

لمواجهة هذا الوضع، أعلنت عدة وزارات عن إجراءات، مثل منح إعانات مالية للشركات التي توظف شبابًا عاطلين عن العمل. كما تشجع الجامعات الطلاب على مواصلة دراستهم لتخفيف الضغط على سوق العمل. وقد تمثّل هذا في نوع من التوافق غير المعلن بين الحزب الشيوعي والسكان، حيث يتم ضمان التنمية مقابل غياب المعارضة السياسية، وهو توافق يتعرض حاليًا للاختبار بسبب هذه الأزمات الاقتصادية.

يثير الوضع الراهن في الصين تساؤلات حول مستقبل النظام التعليمي. وعلى السلطات أن تضع في اعتبارها إصلاحات هيكلية لمعالجة قضيتي الإفراط في التأهيل وبطالة الشباب. ويجب إعادة التفكير في التعليم ليكون أكثر توافقًا مع احتياجات سوق العمل، وهو ما قد يشمل مراجعة البرامج الجامعية، وإدراج المزيد من المهارات العملية، وتعزيز التعلم مدى الحياة.

لا يمكن التقليل من أهمية التوجيه المهني. فقد يساعد نظام توجيه قوي، الطلاب على اتخاذ قرارات مدروسة منذ المرحلة الثانوية، مع مراعاة فرص التوظيف والقطاعات الناشئة. وفي الصين، كما في أي مكان آخر في العالم، من الأساسي أن يكون الشباب على دراية بواقع سوق العمل والمهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل. يمكن أن يسهم ذلك في تقليص عدد الخريجين المفرطين في التأهيل، وتحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب في سوق العمل.

كما يمكن أن تلعب الابتكارات في مجال التعليم دورًا رئيسيًا. فالتقنيات الحديثة توفر فرصًا غير مسبوقة لتحسين جودة التعليم وتوسيع إمكانية الوصول إليه. ويمكن أن تُحدث الدورات الإلكترونية، ومنصات التعلم المخصصة، والأدوات الرقمية التفاعلية تحولًا في التعليم التقليدي. ومن خلال دمج هذه التقنيات، يمكن للنظام التعليمي الصيني تحسين جودة التدريس وتوسيع نطاق التعليم المستمر، وهو أمر ضروري في مجتمع تتغير فيه المهارات.

حتى اليوم، تظل البكالوريا خطوة حاسمة في الصين، للوصول إلى التعليم العالي. وعلى عكس بعض الشائعات، لا توجد أي معلومات رسمية تفيد بأن البلاد تنوي استبدال البكالوريا بالماستر. ولا يزال النظام التعليمي الصيني يتبع مسارًا تقليديًا يشمل شهادات المرحلة الجامعية الأولى، تليها درجات الماستر والدكتوراه. وهكذا تبقى البكالوريا الامتحان النهائي للمرحلة الثانوية، الذي يفتح الباب أمام الجامعة.

ويطمح الطلاب الصينيون إلى متابعة دراستهم في جامعات تقدم تعليمًا جامعيًا تقليديًا بعد البكالوريا، يشمل البكالوريوس (ما يعادل +4 سنوات دراسية)، والماستر، والدكتوراه. هذا المسار يتماشى مع المعايير الدولية، مما يضمن الاعتراف العالمي بالشهادات الصينية. كما يمكن للطلاب الأجانب الاستفادة من منح دراسية للدراسة في الصين اعتبارًا من العام الدراسي 2025 – 2026، مما يعزز جاذبية البلاد كوجهة تعليمية.

هذا كان في الصين أما لبنان، فما هي خطة النهوض بالتعليم وربط حاجة السوق بالتعليم المدرسي وما بعد ذلك في الجامعة؟

الصين أكبر بلد في العالم …

لبنان أصغر بلد…

 كل بلد له مشاكله وتحديات خطرة تواجهه، لبنان يواجه مشاكل خطرة ومتعلقة بوجوده، ولكن التربية لا تقل أهمية عن أي شيء آخر في المواجهة والصمود لا بل لها المحل الأول فلا يجب إهمالها ! …