الأرض

الأرض

بدأ يوم الأرض في نهاية آذار من عام 1976 في مناطق الجليل الأعلى في فلسطين العربية المحتلة عام 1948 وذلك رداً على الحاكم الصهيوني، كينغ الذي اقترح على إسحق رابين رزمة من السياسات تجبر الفلسطينيين على الرحيل من الجليل.
في هذه المناسبة، حيث يتواصل التوحش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، قتلا وتجويعا وإبادة جماعية، يتواصل الصمود الأسطوري لهذا الشعب في إصرار وعزيمة لا تلين دفاعا عن أرضه، متشبثا بها وملتفا حول المقاومة التي تكرس تمثيلها الحق بالدم والنار لا بالسمسرة وثقافة الهزيمة والمشاريع المشبوهة.
وكما الشعب الفلسطيني في مواجهة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الإحلالي، كان الإمبرياليون الداعمون للكيان سبق وأقاموا دولة إحلال مماثلة على حساب السكان الأصليين للقارة الأمريكية الشمالية، وكان من الأسماء المقترحة لتلك الدولة، إسرائيل الجديدة.
هكذا، وبالإضافة للاحتلال اليهودي للأرض العربية في فلسطين، فإن الأرض العربية تنتهك في كل مكان سواءً من قبل الغزاة الأجانب أو من قبل سماسرة الأراضي والشركات وتتحول من قيمة وطنية إلى قيمة عقارية برسم البيع والشراء ناهيك عن النهب المنظم لأراضي الدولة من المحيط إلى الخليج.
في هذه المناسبة ننقل نصين حول الأرض لإثنين من زعماء الهنود الحمر في أمريكا.
النص الأول من كتاب كامبل (قوة الأسطورة) على لسان تشيف سيتل أحد زعماء الهنود الحمر وذلك في رسالة بعثها إلى الرئيس الأمريكي أواسط القرن التاسع عشر:
«نحن نعرف النسغ الذي يجري في عروق الأشجار، تماماً كما نعرف الدم الذي يسري في شراييننا، نحن جزء من الأرض وهي جزء منا، الأزهار التي يتضوع منها العطر هي أخواتنا، الدب، الغزال، النسر العظيم أولئك هم أخوتنا، عصارة المروج، حرارة جسم الفرس ونبض الإنسان كلها تعود إلى العائلة ذاتها.
“المياه المتلألئة” التي تسيل في الجداول والأنهار ليست في الحقيقة مياهاً، إنها دماء أسلافنا، إذا ما بعنا لك يوماً أرضنا عليك أن تتذكر الأحداث والذكريات التي اغتنت بها حياة شعبنا، وشوشات المياه إنما هي أصوات آباء آبائنا.
«والأنهار ليست سوى إخوة لنا، إنها تروي عطشنا، تدفع بزوارقنا قدماً وتطعم أطفالنا. وعلى هذا فعليك أن تكون لطيفاً إزاء الأنهار كما لو كنت أمام إخوة لك.
كل ما نعرفه أن الإنسان لا يملك الأرض، العكس هو الصحيح الأرض تملك الإنسان، كل الأشياء مرتبطة بعضها بالبعض الآخر مثلها مثل الدم الذي يوحدنا ونحن نعرف شيئاً واحداً هو أن إلهنا هو إلهكم، والأرض غالية عليه، وأن تؤذي الأرض معناه أن نكدس احتقاراً لخالقها.
قدركم غامض بالنسبة إلينا، ماذا يجري لو أن الجاموس قد زال عن وجه البسيطة؟ لقد دجن الحصان البري. أي وبال سيأتي عندما تصبح الزوايا السرية للغاية مثقلة بآثار العديد من الناس، بل قل كيف سوف يصبح منظر التلال والقحط يكتسحها يوماً بعد يوم بواسطة الأسلاك التي تنطق بأحاديثكم؟ ماذا سيحل بالأدغال؟ الزوال. ماذا سيكون مصير الصقر؟ الزوال. أي هول سوف يحل عندما تقول للفرس الحلوة وللصيد، وداعاً؟ إنها نهاية الحياة وبداية الزوال.
النص الثاني من كتاب منير العكش (أمريكا والإبادتان الثقافية):
“لن تقر عين الإنسان الأبيض حتى يدمر آخر إنسان منا”
من رسائل لونابه: أحد زعماء الهند الحمر للبيض

“إننا نحن الذين استقبلناهم بلطف وكرم، وعطفنا عليهم أول ما وصلوا إلى بلادنا. أخذنا بأيديهم، ورحبنا بهم وبأن يستقروا إلى جوارنا ويعيشوا معنا، ويكونوا إخوة لنا. ولكن كيف قابلوا لطفنا ورحمتنا؟
في البداية طلبوا قطعة أرض صغيرة يعدون فيها خبزهم وخبز أطفالهم ويجعلونها مرعى لمواشيهم فأعطيناهم ما أرادوا لا جزاء ولا شكوراً. وسرعان ما طلبوا المزيد من الأرض فأعطيناهم. ثم أنهم استحسنوا غاباتنا وما في غاباتنا مما وهبنا الروح الأعظم رزقا ًمنها فأرادوها لهم أيضاً. وعندما اكتشفوا أن في هذه الغابات مناطق بهيجة عامرة أرادوها لهم. ولأننا نكره التنازل عنها، لا سيما انهم أخذوا أكثر مما يحتاجونه منها، فقد اغتصبوها بالقوة، وطردونا بعيداً عن بلادنا الأولى.
“ثم إننا استشطنا غضباً عندما رأينا البيض يسوقون أصدقاءنا وأقاربنا إلى سفنهم ويبحرون بهم إما ليرموهم في عرض البحر أو ليبيعوهم عبيداً في البلد الذي جاءوا منه. لا نعرف. لكننا نعرف تماماً أن أحداً منهم لم يعد، بل لم يعد يُسمع عنهم شيء. لقد استولوا على كل بلادنا التي أعطانا إياها الروح الأعظم، وشرّدوا من لم يمت منا بنارهم…
كم سيُسمح لنا بأن نعيش في هذا المنفى، لا يعلم إلا الروح الأعظم. ما نعلمه علم اليقين أن عين الرجل الأبيض لن تقر حتى يدمر آخر إنسان منا ويجعلنا نختفي من على وجه الأرض”.