المعوقات التي واجهت وتواجه النهضة القومية الاجتماعية

ثانيا: في المعوقات التي واجهت وتواجه حركة النهضة القومية الإجتماعية:
وإنه تفصيلا للغايات الست التي أوردتها المادة الأولى من الدستور، تندرج أهداف متعددة تصب كلها في غاية خلق النهضة السورية القومية الاجتماعية، المتمثلة بمفاعيلها الشاملة كافة نواحي (الحياة القومية, سواء في الإجتماع ام الإقتصاد أم السياسة أم الفنون والثقافة…)
ولسوف نوجزها كما يلي:
“1- معالجة شكل من أشكال السياسة، تتناول القومية من أساسها وإتجاه الحياة القومية”
“2- توجيه حياة الأمة نحو التقدم والفلاح.
“3- تحريك عناصر القوة القومية فيها (سورية) لتحطيم قوة التقاليد الرّثة وتحرير الأمة من
قيود الخمول والسكون، إلى العقائد المهترئة.
“4- الوقوف سدا منيعا ضد المطامع الأجنبية التي تهدد مصالح ملايين السوريين وكيانهم”
“5- إنشاء تقاليد جديدة، ترسّخ فيها نظرتنا الجديدة إلى الحياة ومذهبنا القومي الإجتماعي.
(الأعمال الكاملة – الجزء الثاني – ص 25)
“6- تأسيس عقلية أخلاقية جديدة، ووضع أساس مناقبي جديد.”
“7- إيجاد جبهة من أمم العالم العربي، تكون سدا منيعا ضد المطامع الأجنبية الإستعمارية
وقوة يكون لها وزن كبير في إقرار المسائل السياسية الكبرى. (الأعمال الكاملة – الجزء 2 ص 28)
“8- وضع حد لفوضى العقائد القومية في المجتمع السوري، وتوحيده في عقيدة كيانه ومصلحته”
“9- صرفه عن التحليلات العقيمة والأوهام الإتكالية إلى التفكير العملي والعمل والنهوض بالذات”
“10- تعويد النشء خصوصا على ممارسة الحقوق والواجبات القومية والفضائل التي توحد المجتمع وترقّيه في نظرياته وأنظمته”
“11- قيادة النشء إلى النظام والتمرن على إستخدام مواهبه في سبيل ترقية أمته، وفي سبيلها
معرفة الواجبات العامة والإضطلاع بالمسؤوليات (الأعمال الكاملة-جزء 2 – ص123″
“12- إن الحزب هو تعميريّ بحت، وغرضنا جعل بنائنا الإجتماعي متينا وجميلا… والحزب يعمل بجميع الوسائل المبتكرة لتمكين أبناء الأمة السورية من ممارسة الحقوق المدنية والقومية في ظروف حرجة. (الأعمال الكاملة – جزء 2 – ص 123)
“13- إن الحركة السورية القومية الاجتماعية، تعمل وتحارب لتأمين الأرض السورية ووحدة مواردها…” (الأعمال الكاملة – جزء 2 – ص 129)
من خلال عرض هذه الأهداف , يتأكد أن الحركة القومية الإجتماعية, هي حركة نهضوية بإمتياز, لأنها تطال كافة نواحي الحياة وأنشطتها, اضافة الى حرصها على سلامة الكيان القومي ارضا وشعبا, والحقيقة, فان الواقف على حقيقة هذه الأهداف, ليتبين له قبل كل شيء , أنها أهداف كيان واحد موحد, منتظم بكل أجزائه وتفاصيله, هو الحاضن للجماعة وهو هدفها الأخير, ويمتاز بميزتين:
الأولى : الشمولية
الثانية : النهضوية
بل أكثر من ذلك، فإن الصفتين أو الميزتين المشار إليها, لا يمكن لواحدة منهما أن تتحقق على نحو سليم وفعال دون تلازمها مع الثانية, ذلك أنه لا يمكن للفعل الشمولي ان يؤتي نتائجه المرجوة, إلا اذا كان في مضمونه نهضويا, وكذلك فإن الفعل النهضوي لا يمكن أن يتحقق, إلا إذا كان شاملا كل اجزاء الجسم القومي, والمثال على ذلك هو في شأن النهوض الإقتصادي والإجتماعي, ونقله من واقعه السيء المتداعي, الى واقع نهضوي قوي فاعل, يجعل الأمة السورية تثبت في معترك الحياة والتفوق فيقول سعاده:
“إن الحزب السوري القومي الإجتماعي, يريد وحدة قومية متينة قوية, تثبت بها الأمة السورية في معترك الحياة والتفوق, وهذه الوحدة القومية لا يمكن أن تحصل ضمن نظام إجتماعي سيء, فإقامة العدل الإجتماعي – الحقوقي والعدل الإقتصادي _ الحقوقي أمر ضروري لعلاج النهضة السورية القومية الإجتماعية.” ( المحاضرات العشر – المحاضرة الثامنة – ص 207).
لقد أوضح سعاده, كيفية الترابط العضوي, بين سلامة الكيان القومي ونهوضه, وبين عدالة الوضع الإجتماعي – الحقوقي والوضع الإقتصادي الحقوقي.
وبذلك تكون رابطة الشمولية والنهضوية المتلازمتين شرطا اساسيا في مهمة النهوض القومي الإجتماعي.
لقد ظهرت هذه المهمة النهضوية العملاقة والعميقة في آن, المهمة التي تنكب سعاده مسألة وضع أسسها, وقواعد بنائها , وأدوات تنفيذها, سواء كان على المستوى البنائي النفسي, أم على المستوى المعرفي, أم على المستوى الدستوري والمؤسساتي, لقد ظهرت بكامل إستعداداتها وامكاناتها الهادفة الى خلق نهضة سورية قومية إجتماعية, تعيد بناء الأمة نفسيا ومعرفيا وتنظيميا, وتوحيد نظرتها إلى الوجود, ولعب دورها في ميادين الحضارة. لقد توضحت الأهداف, وتوضح المشروع, وتأكد دور الحزب كقائد لهذه العملية التي مضى على وجودها اثنتان وتسعون سنة, الأمر الذي يطرح نفسه, هل تأخر انتصار النهضة القومية الإجتماعية, أم ان انتصار النهضات القومية والأفكار التحريرية والتأسيسية المتناقضة مع الموروث, تستلزم مثل هذه السنوات الطويلة لتنتصر؟؟.
إنها أسئلة مشروعة، يطرحها من هم في كنف النهضة القومية الاجتماعية، ومن هم خارجها، وهي أسئلة إضافة إلى كونها مشروعة، هي في الوقت عينه واجبة الطرح، وخاصة من قبل العاملين في صفوف الحركة السورية القومية الاجتماعية.
إنها واجبة الطرح للوقوف على ما هية الصراع المعقد والمرير الذي خاضته الحركة السورية القومية الاجتماعية، وذلك للوقوف على طبيعة المعوقات والعناصر المعادية للحركة، واستنتاج الخلاصات التي تفسر اسباب الإخفاقات، واسباب الانجازات، مقدمة لوضع خطة وطريق نضالية، تكون قادرة على تحقيق الإنتصار المطلوب.
في الحلقة القادمة، سوف نتطرق الى المعوقات التي إعترضت طريق النهضة القومية الاجتماعية، وانزلت بها أعباء وخسائر، أعاقت تقدمها، مما سمح بتقدم المشروع الصهيوني ومفاعيله السياسية والإقتصادية والثقافية.. اضافة إلى اختلاط عوامل كثيرة وقيام تحالفات متعددة، ما كانت لتوجد لولا أن النهضة القومية الإجتماعية كانت قد انتصرت في الأربعينات أو الخمسينات والستينات.