نعم يمكن فسخ المعاهدة

تصادف هذه الأيام الذكرى السوداء لافتتاح سفارة العدو الصهيوني في عمان، بموجب معاهدة وادي عربة، فماذا عن هذه المعاهدة ولماذا يجب فسخها خاصة مع العدوان الصهيوني الإجرامي على غزة وتزايد التهديدات الصهيونية بالترانسفير وتوسيعه سواء من غزة أو من الضفة الغربية نحو الأردن.

يشار هنا إلى أن شمعون بيريز اختار مكان توقيعها في وادي عربة، استذكارا لمقتل زعيم العصابات اليهودية، الياهو شافاط، على يد جيش ميشع المؤابي.

وبالإضافة للبعد الوطني والقومي المغيب في مقاربة الصراع العربي الصهيوني كصراع تناحري لا يقبل التعايش أو السمسرة، فقد وعدت المعاهدة الأردنيين والفلسطينيين بأيام لا توصف من اللبن والعسل والماء الرقراق السلسبيل، ووأد التوطين (السكاني) فلا توطين سياسي ولا وطن، في العقل الصهيوني، لا للأردنيين ولا للفلسطينيين (سكان لا مواطنين وجغرافيا لا وطن سياسي) فماذا عن تلك الوعود، وهل يتكرم علينا الوزراء والنواب الذين وقعوا المعاهدة بالإجابة على السؤال الكبير ثم بقية التساؤلات.

فأما السؤال الكبير، فهو ما يعرف بتقسيم العمل بين مركز مهيمن ومحيط تابع وفقا لتجربة بتسوانا مع جنوب افريقيا، والتي تقوم على تحويل المحيط إلى مجال حيوي للمركز كما إلى جسر مع الإقليم، ومناطق للتخلص من الصناعات الملوثة مثل الاسمنت أو ذات الفائض المادي القليل مثل الملابس وغيرها في المناطق الحرة المعروفة.

أما التساؤلات التالية:

  1. ماذا عن الجوع والفساد وانتشار الجريمة والمخدرات وتحطيم الطبقات الشعبية واليأس الاجتماعي غير المسبوق.
  2. ما هو رأيهم بسلوك العدو وتصفية الملفات المعلقة لقضايا الحل النهائي موضوعيا وتدريجيا، قبل أن يحين استحقاقها السياسي، فلا قدس ولا عودة ولا خطوط ما قبل حزيران ولا دولة ولا دولتين.
    إذ سيجد أطراف المعاهدة أنفسهم منخرطين في مشاريع البنية التحتية لها وبتمويل خليجي، مثل تطوير ميناء حيفا وربطه بسكة حديد تصل الخليج، كما سيكتشف كثيرون أن فكرة الدولة نفسها قد انتهت وتحولت إلى بلدية كبرى.
  3. ماذا تبقى من مؤسسات الدولة الوظيفية نفسها أمام تغول الليبرالية المتوحشة وأدواتها من البنك وصندوق النقد الدوليين وكذلك صندوق الاستثمار الأمريكي والوكالة الأمريكية للتنمية، اياها.
  4. ماذا عن الماء الرقراق إذا تذكرنا محطة زي وماء دجانيا المخصص للأردن (نفايات ماء طبريا والسمك الفاسد).
  5. ماذا عن وعد التوطين إذا تذكرنا المادة الثامنة من المعاهدة التي تدعو له جهارا نهارا.
  6. ماذا عن تصفية القضية الفلسطينية نفسها وتوسيع المستوطنات وتداعيات كل ذلك.
  7. أخيراً قد تضطر دولة (وظيفية) إلى توقيع اتفاقية بشروط سيئة ولكن دون أن تقوم بتسويقها والدفاع عنها متذكرين قول لينين بعد معاهدة بريست مع الألمان (انها معاهدة ذليلة مخزية وسنعمل على تمزيقها) وقد مزقها فعلا بعد سنوات قليلة

نعم يمكن فسخ المعاهدة

نعم يمكن فسخ المعاهدة وبطلانها، ومع اعتذاري الشديد لتطفلي على القانون الدولي، فان القسم الثاني من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 يؤكد هذا الحق.

فالمادة 48-1 تعتبر “الغلط” كافياً لإبطال المعاهدة، إذا تعلق هذا الغلط بواقعة او حالة توهمت هذه الدولة وجودها عند ابرام المعاهدة.. ومن الواضح ان “السلام الكاذب” يساوي هذه الحالة… وكذلك المادة 49 حول الغش والسلوك التدليسي…

والمواد 50 و51 و52 تعتبر المعاهدة باطلة إذا تم ابرامها نتيجة التهديد باستعمال القوة لفرض سياسيات معينة..

وتجمع الدول العربية التي وقعت معاهدات مع “اسرائيل” على انها فعلت ذلك لدرء الخطر “الاسرائيلي”…

وتعتبر المادة 53 ان المعاهدة باطلة إذا تعارضت مع قاعدة من قواعد القانون الدولي العام.. وهي قواعد معروفة وعلى رأسها السلام العالمي والعدالة واحترام حقوق الشعوب فيما تعد “اسرائيل” أكثر الدول انتهاكاً لهذه القواعد…

وتعتبر المادة (60-1) ان الاخلال الجوهري باحكام معاهدة ثنائية سبب لبطلانها ولا جدال في ان ما تقوم به “اسرائيل” هو اخلال جوهري ناهيك عن المياه الملوثة ومحاولة اغتيال خالد مشعل في عمان والمدخلات الفاسدة الى الزراعة الاردنية.. وغيرها..

وتنص المادة (61-1) على بطلان المعاهدة بسبب اختفاء او هلاك شيء كان ضرورياً لتنفيذها وليس هناك ما هو أكثر وضوحاً من “هلاك واختفاء” مناخات السلام نفسها، بصرف النظر عن الموقف منه أصلاً.

وكذلك الحال مع المادة (62-1- أ) التي تعتبر المعاهدة باطلة بسبب التغيير الجوهري المكون لظروف المعاهدة.

ولا تعتبر المادة 63 ان وجود علاقات دبلوماسية او قنصلية بين أطراف المعاهدة شرطاً لوجود المعاهدة من عدمها…

ومن المعروف ايضاً ان اتفاقية فيينا وخاصة المادة 44 تؤكد ان بطلان المعاهدة او فسخها، بطلان يشمل المعاهدة كلها ما لم ينص على غير ذلك وهو ما لم تتضمنه اية معاهدة عربية موقعة مع العدو.