تواجه كرة القدم اللبنانية مشكلات بنيوية، منها أنها ما زالت لعبة تمارس كهواية، وأيضًا افتقارها لهوية بارزة تسمح للجمهور الكروي اللبناني أن يلتف حولها.
منتخب لبنان لكرة القدم قد تأهّل الى نهائيات أمم آسيا ثلاث مرات في تاريخه. الأولى كانت سنة 2000 عندما استضاف لبنان البطولة الآسيوية لأوّل مرّة في تاريخه، ولكن كانت النتائج مخيبة للآمال، خسارة قاسية أمام ايران 0-4 و تعادل مع العراق 2-2 و تعادل مع تايلاند 1-1 ليخرج المنتخب اللبناني من الدور الأول .
وبعد 19 عام من بطولة الأمم الآسيوية التي استضافها لبنان سنة 2000، استطاع المنتخب اللبناني لكرة القدم ان يتأهل إلى نهائيات أمم أسيا 2019 والتي استضافتها الإمارات، للمرة الثانية بتاريخه، والأولى عبر خوض التصفيات. ولكن مجدّدًا ودّع المنتخب البطولة من الدور الأول بنتائج صدمت الجمهور اللبناني، وذلك بعد خسارة من قطر 0-2 وخسارة من السعودية 0-2 وفوز على كوريا الشمالية 4-1 لا يكن ليقدم أو يؤخر لأن لبنان خرج من البطولة بعد خسارة مباراتين.
أمّا المشاركة الثالثة للبنان فستكون في نهائيات أمم أسيا عام 2023 والتي كان من المقرر أن تقام في الصين، لكن الصين اعتذرت عن استضافة هذا الحدث الكروي القاري، فكان أن منح الاتحاد الأسيوي دولة قطر شرف استضافة البطولة في خريف 2023، بعد سنة من استضافة قطر لكأس العالم 2022.
و هنا لا بد من التذكير بأن المرحلة الذهبية لكرة القدم اللبنانية تاريخيًا كانت في تصفيات كأس العالم عام 2014، عندما أخرج لبنان كل من الكويت والامارات من الدور الأول، وفي التصفيات النهائية عندما هزم منتخب كوريا الجنوبية 2-1 .
أما على الصعيد الأندية، لا تملك كرة القدم اللبنانية إلّا لقبًا آسيويًا واحدًا تحقّق من بوابة نادي العهد، الذي تُوِّج بلقب بطولة كأس الاتحاد الآسيوي عندما فاز على نادي 25 أبريل الكوري الشمالي بنتيجة 1-0 سنة 2019 .
إذًا، رغم مشاركة منتخب لبنان في نهائيات الأمم الأسيوية لكرة القدم مرتين والثالثة على الأبواب، و رغم حصول لبنان على لقب آسيوي على صعيد الأندية بفضل نادي العهد، فإنّ كل هذا لم يساهم في تطوير كرة القدم اللبنانية بل كان مجرّد إبر مخدرة، ليبقى الحلّ الوحيد لإنقاذ كرة القدم اللبنانية يمرّ فقط عبر بوابة الاحتراف، المبني على عدة نقاط واضحة و اساسية و استراتجية ويمكن اختصارها بالتالي:
أوّلًا: استحداث اختصاص رياضي ضمن منهاج التعليم المهني والتقني مثل اي اختصاص مهني آخر وفي كافة مراحل التعليم، وأن يكون ضمن الامتحانات الرسمية وعبر تعاون بين وزارتي التربية والرياضة والشباب .
ثانيًا: تحويل الأندية الأهلية الى مؤسسات انتاجية اقتصادية، وأيضًا دخول المؤسسات الصناعية الكبرى الى عالم كرة القدم عبر خلق فرق لها لتشارك في بطولات لعبة كرة القدم كما يحصل في أغلب دول العالم.
ثالثًا: الاهتمام بمنتخبات وفرق الفئات العمرية و ببطولات الفئات العمرية أيضًا.
رابعًا: ترميم الملاعب والمنشآت الرياضية المهترئة من ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية والملعب الأولمبي الدولي في طرابلس وملعب بيروت البلدي وملعب صيدا البلدي وتوسيع الملاعب مثل ملعب فؤاد شهاب في جونيه وملعب أمين عبد النور في بحمدون وملعب صورالبلدي، وملعب السلام زغرتا، وإقامة مدن رياضية جديدة على كافة المشاعات العامة في كافة المناطق اللبنانية.
سادسًا: إعطاء تراخيص لقنوات رياضية لبث ونقل الأحداث الرياضية، ومن ضمنها مباريات كرة القدم كما في الخليج وأوروبا والولايات المتحدة الامريكية .
اذا ما طبّق الاحتراف بشكل علمي و صريح للغاية في لعبة كرة القدم اللبنانية فسيتم انقاذ هذه اللعبة من قعر البئر، و ستصعد الى العالمية وليس فقط الى القارية مثلما حصل ويحصل في لعبة كرة السلة التي وصل منتخبها وأنديتها الى المشاركة وحتى تحقيق الألقاب القارية والعالمية. وإن لم يحصل الاحتراف في كرة القدم فستظل هذه اللعبة في البئر المظلم.
فراس مهنا