يُكثر رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من الحديث عن شن عملية برية في قطاع غزة، هذه العملية التي تأجلت عدة مرات حتى الآن، ولأسباب تكاد تكون مدعاة للسخرية.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد كشفت عن خشيتها من عدم جاهزية الجيش “الإسرائيلي” لخوض عملية برية في قطاع غزة، وأرسلت وزارة الدفاع الأميركية إلى “إسرائيل” ضباطاً كمستشارين عسكريين للمساعدة في التخطيط للحرب، كما قامت بتسريع عملية إرسال أنظمة دفاع جوي متطورة متعددة، وكشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من افتقار “إسرائيل” إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة، ومن أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعداً بعد لشن غزو بري بخطة يمكن أن تنجح، كما أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال اتصال مع نظيره “الإسرائيلي” غالانت، على الحاجة إلى دراسة متأنية لتفاصيل عملية الغزو البري لغزة التي قد تقوم بها القوات “الإسرائيلية”، وحثه على عدم شن العملية البرية ومواصلة الغارات الجوية وتنفيذ عمليات بواسطة قوات الكوماندوز، حيث تحتفظ حماس بشبكات أنفاق معقدة تحت مناطق مكتظة بالسكان، وقد زاد هذا التشكيك من الدعوات داخل الكيان الزائل للامتناع عن شن هذه العملية، وبرزت دعوات للقيادة “الإسرائيلية” إلى تسريح مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم والامتناع عن شن عملية برية، والتوصل لصفقة تبادل أسرى شاملة مع حركة حماس، وأنه لا يوجد مبرر لشن عملية برية بدون خطة، فقط من أجل تكبد خسائر كبيرة، وتلقي هزيمة معنوية أخرى وضرر هائل للاقتصاد.
وتشعر الإدارة الأميركية بالقلق من أن الجيش “الإسرائيلي” ليس لديه مسار عسكري واضح لتحقيق هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتمثل في القضاء على حماس، وهذه الإدارة لم ترَ بعد أي خطة قابلة للتنفيذ، وقد ألمح بايدن إلى ذلك خلال خطابه في تل أبيب الأسبوع الماضي، عندما قال إن “إسرائيل” ستحتاج إلى الوضوح بشأن الأهداف وتقييم صادق بشأن ما إذا كان المسار الذي ستسلكه سيحقق تلك الأهداف، ويؤكد مسؤولون أميركيون أنه على “إسرائيل” أن تقرر ما إذا كانت ستحاول القضاء على حركة حماس باستخدام ضربات جوية مقترنة بغارات مستهدفة من قبل قوات العمليات الخاصة، كما فعلت الطائرات الحربية الأميركية والقوات العراقية والكردية في الموصل، أو التوغل في غزة مع قوات العمليات الخاصة والدبابات والمشاة، كما فعلت قوات المارينز والجنود الأميركيون إلى جانب القوات العراقية والبريطانية، في الفلوجة عام 2004، وأكدوا أن كلا الأسلوبين سيؤديان إلى خسائر فادحة، لكن العملية البرية ستكون أكثر دموية بالنسبة للعسكريين والمدنيين.
ولعل أحد عوامل التأخير في تنفيذ الهجوم البري على غزة هو الخوف من تدخل المقاومة اللبنانية في هذه الحرب، من ناحية شمال فلسطين المحتلة، ويعتبر المسؤولون “الإسرائيليون” أن إبقاء عمليات هذه المقاومة عند حد منخفض يمكن التعامل معه، هو جزء من خدعة حرب متقنة لإغراء “إسرائيل”، واعطاء الجيش شعوراً زائفاً بالأمن، ورغم أن هذا الأمر لن يمنع غزو قطاع غزة، لكنه تسبب في تأخير الغزو للتحقق بشكل أفضل من الإشارات المتعلقة بنوايا المقاومة، إضافةً إلى تعزيز القوات الشمالية تحسباً للأسوأ، وهناك عوامل أخرى للتأخير، أبرزها الضغط الأمريكي لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، والمخاوف الداخلية بشأن الرهائن الإسرائيليين في غزة.
ستثبت الأيام المقبلة أن قوة جيش العدو تتراجع مادياً ومعنوياً، وأن فكرة “الجيش الذي لا يُقهر” التي تربى اليهود عليها تتبدد، ، وستدرك قيادة العدو ما إذا كان الوقت الإضافي قد تم إنفاقه بحكمة في صياغة خطة الغزو وما بعد الغزو، كان أكثر ذكاءاً وفعالية، أم أنه كان مجرد إهدار للوقت.