حزب الأفعال لا الأقوال

حزب الأفعال لا الأقوال

إن سعاده ومنذ اللحظات الأولى لبعث النهضة القومية الاجتماعية كان يريد رفقاء فعّالين، كثيري الحركة، ومنتجين عاملين في جميع مجالات النهوض القومي الاجتماعي، لا قوّالين كثيري الثرثرة، وقال معبراً عن ذلك: “إن خطة عملي واضحة في فكري، وما أحتاج إليه هو العمل وإمكانيات توزيعه، ووجود المستعدين للتنفيذ وليس للآراء”.

وهنا لم يقصد سعاده التفرد أو نسف الآراء والتضييق عليها، وبالأخص الآراء الجيدة منها، بل يرى بأن مشروع النهضة القومية واضح المعالم منذ تأسيس الحزب، وكما أنه يحق لكل عضو إبداء رأيه، فهذا لا يعني الفوضى ومخالفة النظام والدستور والتدخل بصلاحيات المسؤول الأعلى، فيقول سعاده بهده الوجهة: “إن من يرتأي رأياً حسناً، يجوز له تقديمه، والمراجع المختصة لها حق أن تفعل به ماتريد”، وهنا أيضاً يجدر التوضيح إلى أنه إذا تم رفض رأي ما فهذا لايعني التجاهل أو التفرد بالرأي من قبل المعنيين، وبالأخص إن كان هذا الرأي حسناً، قد يكون ذلك الرفض جاء من الوجهة العملية وليس النظرية، لأنه في بعض الأحيان يتعذر تنفيذه في الوقت الحالي لأسباب عدة، قد تكون مالية أو سياسية أو أمنية وغيرها من العوائق.

ويجدر القول هنا بأن القومي الاجتماعي الذي ينتمي لهذا الحزب، بعد اقتناع وإيمان بالعقيدة القومية الاجتماعية، وعلى أنها عقيدة نهضوية تعمل لأجل الإرتقاء بالأمة، وتحقيق مصالحها، ليس بحاجة أن يطلب عند كل مسألة أسباب وشروحات، وإذا كان هذا الفرد يؤمن بأن كل ما فيه هو للأمة، حتى الدماء التي تجري في عروقه، فمن الأَولى ببعض الأوقات أن يضحي برأيه ما دام على إستعداد أن يضحي بأغلى مايملك وهو دمه، فإن تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية والعائلية والأهواء والرغبات، هو أحد أهم ركائز النجاح، وأسباب الرقي والتقدم لدى الأمم، كما وضحه سعاده في المبدأ الثامن في قوله: “مصلحة سورية فوق كل مصلحة “.

ولم يكن هذا عند سعاده مجرد أقاويل وشعارات، فعندما تلقى خبر وفاة والده لم يلغِ إجتماعاً عاماً مقرراً، فقام بتغليب المصلحة العامة على الخاصة، وأعطانا درساً مفاده

“أن ننسى جراحنا البليغة، لنضمد جراح أمتنا البالغة”، فيقول”وردني خبر وفاة أبي وأنا في الوطن في يوم كان معيناً في مسائه، اجتماع قومي اجتماعي، فلم ألغِ الاجتماع لأحزن على والدي، واجلس للعزاء”، وأظن أن بعض هذا الواقع يجب أن يكفي لإبطال كل فكرة تذمر وتململ، من أي رفيق قومي اجتماعي شاعر بخطورة العمل، ويعظم الأمر الذي يقوم به، فإن هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى تبريرات في الشاردة الواردة يصلحون أن يكونوا أعضاء في حزب سياسي عادي، أوطائفي، أوجمعيات خيرية، وغير هذا من التجمعات الفئوية، لكنه لا يصلح أن يكونوا في حزب قومي اجتماعي، ذو عقيدة واضحة، وتاريخ نضالي عريق يسابق الزمن للعودة إلى بعث أمة على شفا هاوية من الموت.

وقد ربط سعاده الثقة بجوهر هذه العقيدة، عندما عرّف القومية على أنها: “ثقة القوم بأنفسهم، واعتماد الأمة على نفسها”، كما عرّف النهضة بأنها الخروج من حالات الشك والبلبلة، إلى الثقة، فأراد من كل الأعضاء أن يغلّبوا المصالح العامة على الخاصة، ويثقوا بالعاملين في مؤسسات الحزب، ويثقوا بقدرتهم على التفكير السليم والصحيح، ويثقوا بقدراتهم على القيام بمهامهم بالشكل الصحيح، فوصف هذه الحال عندما قال: “هذه الثقة يجب أن تكون متبادلة بين الجميع بالنسبة إلى الصلاحية والاختصاص، فالمختصون بالإذاعة مثلاً يجب أن يثقوا في جميع المختصين بالسياسة، بأنهم يدركون مهمتهم ويعرفون الأصلح، ويغارون على المصلحة مثل الأولين.

ولابد أن نصل إلى خلاصة مفادها أن الذي ينتمي إلى الحركة القومية الاجتماعية مرة، قد انتمى إليها في كل المرات، والذي يطلب تفسيراً لكل قرار ومهمة توكل إليه في كل مرة، كمن يطلب الدخول إلى الحزب من جديد، ويحق للمسؤول أن يسأله كم مرة تريد أن ندخلك في الحزب؟ وكم قسماً تريد أن تأدي؟