التحرّر من الأخلاق

التحرّر من الأخلاق

هل نحن في زمن انتصار المثالب وسقوط الأخلاق؟
هي حرب ناعمة جديدة متجدّدة، ناعمة بأشواكها التي تغرز أنيابها في جسد الشباب، تنفث مخدراً يُسكت ألم وخزها فتحيله بحراً من الملذّات. تهيمن على مجتمعنا ظواهر انحطاطية باطلة لا تمت لأخلاقنا القومية الاجتماعية او لمناقبنا وقيمنا ومثلنا العليا بأية صلة، تتموّه بلباسٍ حضاريٍّ مزيّفٍ يفتك في نفوس الشباب اليافعين أشدّ فتكاً.
تتعدد أوجه هذه الحرب وتتنوّع أدواتها فتارةً تأتي على شاكلة ماديّة مظهريّة بين موضةٍ وصرعات غريبة الأطوار وتارة على شكل غزو ثقافيٍّ لأفكارٍ شاذة قلبت كل المقاييس وعبّدت الطريق لممارسات لا أخلاقيّة بدواعي الحريّة، ما أدّى الى انحدار مجتمعنا الى درك التهتك والانحلال، فأصبح شبابنا يجرون خلف الملذّات لتحوّلهم إلى أفراد لا يعرفون من الحياة سوى قشورها وأوهامها. وباتوا يتخبّطون في فوضى حواسهم وغرقوا في مستنقع الميوعة والتفاهة فبدأت منظومة القيم الأخلاقيّة والمناقبية بالتهاوي لتتحوّل معها الأخلاق إلى سفاهة والحق إلى باطل والنظام إلى فوضى والحرية إلى فلتان. إنّها فوضى المفاهيم والقيم التّي تعبث بعقول شبابنا وتجعل منهم مسخاّ بلا هويّة.
إنّ انتشار المثالب والرذائل وشيوع المفاهيم المنحلّة لا يؤدّي بمجتمعنا إلّا للمزيد من الضعف والتضعضع والذلّ والانحطاط وإلى إفلاس المجتمع من العقول النّيرة التّي لها القدرة على رفعه الى أعلى درجات السموّ، وتحويلها الى أدوات رخيصة متعفّنة تمارس كل ما هو غريب عن مفاهيمنا وتقاليدنا الراقية لتحقيق مآرب خفيّة عنهم غايتها تدمير المجتمع واضمحلاله من خلال تجريده من كل القيم الإنسانية والاجتماعية والأخلاقيّة.
إن العقليّة الأخلاقيّة السامية التي نصبو إليها بعيدة كل البعد عن المفاهيم الدخيلة السائدة التي تصطبغ بلون الحرية الباطلة في حين أنّها فعليّاً خالية من الأخلاق والمناقب ومستهترة بالقيم. إنّ أيّ منظومة أخلاق لا تشمل كلّ نواحي الحياة وتؤثّر فيها تأثيراً إيجابيّاً يساهم بالنهوض بالمجتمع الى أعلى درجات السموّ والتقدّم هي باطلة لا تؤدّي إلّا إلى التشويش والإخفاق وخيبة الأمل والفوضى والتقهقر.
إنّ حرب المفاهيم التحرّريّة الزائفة هذه ليس من غاية لها سوى الإبقاء على حياة القبح والفوضى والذلّ والخنوع ولا يمكن أن تنهض بأمّةٍ أو أن تعبّر عن آمالها النبيلة وغاياتها السّامية. فعندما تكون الوسيلة منحطّة يستحيل أن تكون الغاية نبيلة. يقول سعاده: “نحن في حربٍ دائمة وعراك شديد في كلّ مكان”، فقد تعدّدت أشكال هذه الحرب وتهافتت على أمتنا منظومة من المثالب والممارسات اللاأخلاقية الغريبة عن نفسيتنا بغية القضاء على إرثنا الأخلاقي والحضاري وتحويل شبابناّ إلى إمّعاتٍ تنقاد نحو الهاوية آخذة معها مجتمعاً بأسره إلى الحضيض.
نحن حزب أخلاق، هكذا أرادنا سعاده ونحن حركة تجديديّة في المناقب والأخلاق وإنّ نهضتنا هي نهضة أخلاق ومناقب في الحياة قبل كلّ شيء آخر ولا يمكننا أن نواجه الصّعوبات بدون عمل أساسه الأخلاق. فنحن في حقيقتنا جماعة أخلاق. إنّ حركتنا القوميّة نشأت لإحياء المناقب الجميلة السّامية لتحيا أمّة عظيمة بتعاليم جديدة محيّية. إن الواجب القومي يُحتِّم علينا أن نخوض هذه الحرب بسلاح الأخلاق القومية الاجتماعية الجديدة من خلال التمرّس بها والترويج لها بين جيل الشباب الغارق في فوضى المثالب والقيم المنحطّة والتصدي لهذه المظاهر المشوّهة عن طريق التوعية والتربية والتثقيف وبذلك نسحق الباطل وتنتصر نفسيتنا الجميلة.

One thought on “التحرّر من الأخلاق

  1. ما يحدث ليس اعتباطيا ولكنه جزء من سياسة ممنهجة طويلة الأمد لعكس القيم المجتمعية وبالتالي تفكيك المجتمع تمهيدا لاخضاعه.
    المقاومة ليست فقط بالبندق…

Comments are closed.