أموال طائلة يصرفها تشيلسي الإنجليزي، فيكاد مجموع ما صرفه النادي في آخر ثلاث أسواق متتالية يلامس المليار يورو، ولكن نتائج الفريق أبعد ما يكون عمّا تتمناه الجماهير بعد كلّ هذا الجنون، ففي الموسم الماضي أنهى النادي اللندني حملته في المركز الثاني عشر، وهذا الموسم بعد مرور ثلاث جولات، تعادل تشيلسي في مباراته الأولى مع ليفربول، خسر في الثانية من ويستهام، وفاز في الثالثة ضد لوتون سيتي الوافد الجديد للدّوري الممتاز.
مع بداية الموسم الجديد، وعلى الرغم من كل التغييرات والانتقالات، لا يبدو أنّ تشيلسي اقترب من حلّ مشكلاته، وأبرزها المعاناة مع ترجمة الفرص لأهداف وتلقي الأهداف من الهجمات المرتدة، فلماذا استمرار المعاناة؟
قد يظن الكثيرون أنّ كثرة الوافدين الجدد تعني تدعيم الفريق وخلق منظومة ناجحة، ولكن الأمر ليس دائمًا بهذه البساطة، فالتغييرات الكثيرة في التشكيلة تخلق حالة من عدم الاستقرار وعدم الانسجام، فأغلب لاعبي النادي جدد وهم بحاجة لوقت لخلق منظومة متكاملة ومنسجمة، المشكلة ليست إذًا بجودة اللاعبين، فأمثال روميو لافيا ومويسيس كايسيدو وفرنانديز وميخايلو مودريك وكريستوفر نكونكو وغيرهم جيّدون جدًا ولكن تمّ جلبهم فقط هذا العام، وبالتّالي سيستغرق الأمر وقتًا قبل أن يجد المدرّب التوليفة المناسبة، الأمر الذي قد يكلّف النادي نقاطًا، ولكن هؤلاء قد وقّعوا عقودًا طويلة الأمد، فإن صبر الفريق عليهم واستقرّ على قائمته الحاليّة من المتوقع رؤية تطوّر كبير في الأداء في المستقبل.
مقابل هؤلاء الوافدين، باع تشيلسي العديد من لاعبيه البارزين، وبالعودة إلى الفريق الفائز بدوري أبطال أوروبا منذ عامين لم يبقَ في النادي سوى أمثال ريس جيمس وتياجو سيلفا وبن تشيلويل، المشكلة هنا هي أنه من الصعب التعرف على الفريق الأول من العام الماضي والعام الذي سبقه، وقد تمّ بيع أبرز اللاعبين لأندية منافسة في الدوري الممتاز كمانشستر سيتي، مانشستر يونايتد وأرسنال، الأمر الغريب من نادي يريد منافسة هذه الأندية في الدوري.
تغيير المدربين بكثرة هي مشكلة أخرى يعاني منها النادي اللندني، الأمر الذي جعل المتابعين يتوقّعون إقالة المدرّب حتى قبل تعيينه، فإدارة تشيلسي معروف عنها قلّة الصبر على المدرّب، فهي لا تمنحه الوقت لتطبيق أفكاره وإيجاد الانسجام اللازم بين اللاعبين، وقد تمّت إقالة توماس توخيل في بداية الموسم الماضي ولم يحصل خليفته جراهام بوتر حتّى على الوقت الكافي لإرساء أفكاره وخططه حيث تولّى فرانك لامبارد المسؤولية على أساس مؤقت. قبل انطلاق هذا الموسم تم تعيين مدرب باريس سان جيرمان السابق ماوريسيو بوكيتينو، وهو من بين الأسماء الشهيرة في عالم التدريب، وكان عمله في الأندية السابقة مثل ساوثهامبتون وتوتنهام مثاليًا إلى حد ما، لكن في تلك الأندية مُنح الكثير من الوقت الأمر الذي يشكّ كثيرون أن يحدث في تشيلسي، ولكن إذا ما استمرت الإدارة على نهجها السابق في إقالة المدربين بسرعة فمن الصعب رؤية تحسّن في النادي، فكل مشروع ناجح يحتاج لوقت وصبر.
وبالتالي ما يحدث في تشيلسي دليل على أنّ صرف الأموال بكثرة ليس بالضرورة عاملًا مؤكّدًا للنجاح السريع، وعلى الإدارة التركيز على بناء منظومة كاملة وليس فقط تجميع اللاعبين، وعليها منح الوقت والاستقرار للاعبيها والمدرّب وإلّا فإنّ المعاناة لن تنتهي في أي وقت قريب.