بعد أن فرضت سيطرتها على آخر أربع نسخ من بطولة كأس العالم، تدخل المنتخبات الأوروبيّة بطولة كأس العالم قطر ٢٠٢٢ بمستوى متخبّط مقابل ثقة عالية يتمتع بها منتخبا أميركا الجنوبية الأبرز، البرازيل والأرجنتين.
فنسخة عام ٢٠٠٢ شهدت التتويج الأخير لبطل من القارة اللاتينية حين فازت البرازيل باللقب بعد إقصاء ألمانيا لتتناوب بعدها إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا وفرنسا على الفوز.
لكن البطولة المرتقبة، وبالنظر إلى مستويات الأندية، قد تشهد نهاية سيطرة أوروبا على البطولة الكرويّة الأغلى، فمنتخبا الأرجنتين والبرازيل، وبعد إلغاء المباراة بينهما في التصفيات بسبب تأهلهما قبلها رسميًا، يدخلان البطولة بدون أي خسارة في التصفيات وبنتائج جيدة في الوديات، في المقابل فإنّ المنتخبات الأوروبيّة تشقّ مشوارها في بطولة الأمم بشقّ الأنفس.
فإيطاليا عجزت عن التأهّل لبطولة كأس العالم على الرغم من فوزها ببطولة اليورو وتأهلها للمربع الذهبي في دوري أمم أوروبا.
أمّا فرنسا، بطلة العالم في النسخة السابقة، فأداؤها غير مقنع مؤخّرًا، على الرغم من ترشيحها للقب من قبل خوارزميات الإنترنت، فرجال ديدييه ديشامب منيوا في مباراتهم الدولية الاخيرة بخسارة قاسية من الدنمارك بثنائية نظيفة وحلوا في المركز الثالث خلف كرواتيا والدنمارك في مجموعة بطولة أمم أوروبا بفوز واحد وخسارتين وثلاثة تعادلات. ترسانة قوية يقودها مبابي، بنزيما، ديمبلي، غريزمان، وبن يدر، لكنها لا تبدو منسجمة أبدًا حتى اللحظة.
إسبانيا كالعادة تعاني هجوميًا، وعلى الرغم من نجاحها بالتأهل إلى نصف نهائي دوري الأمم إلّا أنّ الانجاز تحقّق في اللحظات الأخيرة بعد خسارة من سويسرا والفوز بهدف يتيم على البرتغال. صغر سن لاعبي إسبانيا وغياب الخبرة عنهم إلى جانب غياب المهاجم الصريح المميز وتخبط المدرب لويس أنريكيه بتشكيلاته سيعقّد من مهمّة مصارعي الثيران في البطولة.
منتخب ألمانيا الذي أقصي من الدور الأوّل في بطولة كأس العالم السابقة في روسيا لم يتمكّن من مداواة جراحه حتّى الآن، ويبدو أنّ الماكينات تعاني من خلل كبير، ولم تعد ترعب الخصوم، وقد مني المنتخب بخسارة قاسية من المجر قبل التعادل مع المنتخب الإنجليزي المتخبط بدوره، كما أنّ ألمانيا لم تفز إلّا بمباراة واحد من أصل ست مباريات في دوري الأمم، كان على حساب الخصم اللدود إيطاليا.
المفاجأة مؤخرًا كانت منتخب انجلترا الذي تذيّل مجموعته في بطولة الأمم خلف ايطاليا والمجر وألمانيا وأقصي إلى الدرجة الثانية وبدون أي فوز.
فمنذ نهاية بطولة اليورو وحلولهم في المركز الثاني، يعيش رجال المدرب ساوثغايت في كابوس حقيقي، مع معاناة في مختلف الخطوط خاصة في الدفاع الذي يمكن وصفه بالكارثي، في حين يحارب هاري كاين وحيدًا في الهجوم.
منتخب هولندا يبدو جيّدًا حتى اللحظة لكنّه لا يبدو قادرًا على اللحاق بمستوى منتخبات كالبرازيل والأرجنتين ولكنه يأمل بكسر عقدة البطولة المستعصية عليه على الرغم من وصوله للنهائي ثلاث مرات سابقًا.
منتخب بلجيكا الذي اعتبر الحصان الأسود لآخر كأس عالم ويورو لا يبدو أنّه يتمتع بالزخم الذي كان له بعد تقدّم أبرز لاعبيه بالعمر.
على الرغم من كل ذلك ما زال من المبكر الحكم على هوية بطل كأس العالم ولو على الورقة والقلم، فمن المؤكّد أنّ مدربي المنتخبات لم يكشفوا أوراقهم كاملة حتى اللحظة كما أنّ مشوار منتخبات أوروبا في التصفيات كما بطولة الأمم كان أصعب بكثير من مشوار منتخبات جنوب أميركا في التصفيات والوديات، على أمل أن تحمل بطولة قطر 2022 ومتعة بالإضافة إلى مستوى عالٍ من الأداء.
ريتا الصياح