مع جوزيه مورينيو لا مجال للاعتدال، إذ أنّ التّطرّف يحيط بكلّ ما يتعلّق بالمدرّب البرتغالي الأسطوري، فأنت إمّا تعشقه، أو تبغضه، لكن لا يمكنك أن تقف على الحياد عند الحديث عنه.
بعد صولات وجولات على مقاعد بدلاء أكبر الأندية الأوروبيّة، كبورتو وتشيلسي وريال مدريد ومانشستر يونايتد وغيرها، حطّ مورينيو الرحال في نادي روما الإيطالي عام ٢٠٢١، ومنذ موسمه الأوّل تمكّن من صنع معجزة، إذ أعاد نادي العاصمة إلى منصات التتويج الأوروبية بعد غياب ٦١ عامًا وفاز ببطولة دوري المؤتمرات على حساب فينورد.
في الموسم التالي وصل مورينيو مع روما إلى نهائي الدوري الأوروبي، وخسر اللقب بعد أن هزمه إشبيلية الإسباني بركلات الترجيح، كما وخسر بذلك فرصة المنافسة في دوري الأبطال الموسم المقبل، إذ لم ينجح باحتلال أحد المراكز المؤهلة للبطولة في الدوري الإيطالي الممتاز.
كعادته، يميل مورينيو إلى إثارة الجدل، وجذب الأضواء حوله، فبعد الخسارة من إشبيلية، اعتبر المدرب البرتغالي أنّ فريقه تعرّض لظلم تحكيمي حرمه من ركلة جزاء كان من الممكن أن تقلب الموازين وتغيّر هويّة البطل، فانتظر الحكم بعد المباراة في موقف السيارات وتجادل معه وانتقده بعبارات قاسية.
قد تختلف وجهات النظر في تقييم مسيرة مورينيو مع نادي روما حتى اللحظة، كما سبق وأن اختلفت في تقييم مشواره مع أندية أخرى وخاصة مانشستر يونايتد، فالبعض سيرى في عودة روما إلى البطولات، من بوابة دوري المؤتمرات، انجازًا يحتسب للمدرب، في حين يرى البعض أنّ الفشل في التّأهّل لدوري الأبطال أمر يُعاب على مورينيو.
ولكن بعيدًا عن الألقاب، لا بد من نظرة تقييمية موضوعية لموسمي “السبيشال وان” مع نادي العاصمة، فمورينيو بعد وصوله طالب إدارة روما بوضع شاشة عملاقة في مركز التدريبات، ليعرض عليها الحصص التدريبية التي طالب بتصويرها، ليقوم بتقييم أداء لاعبيه بشكل فوري وتحسين مهاراتهم ونقاط ضعفهم.
كما قام بخلق هوية جديدة للفريق إذ ساعد في توحيد المنظومة من خلال غرس روح العمل الجماعي بين اللاعبين، فعزّز الديناميكيات ودعم المواهب الصاعدة، ومنح الفريق وجماهيره أملًا كبيرًا وثقة بالقدرة على تحقيق المزيد من البطولات.
لكن يبقى أنّ الانتقاد الذي يوجّه لمورينيو أنّه مدرّب لا يطوّر أفكاره بسرعة تطوّر كرة القدم وتكتيكاتها، فهو ما زال يميل للمبالغة بالدفاع، ويُنتقد أيضًا لناحية إهماله التركيز محليًا ومحاولة الوصول إلى دوري الأبطال من بوابة الدوري الأوروبي وهو أمر لم يتحقّق، كما أنّ تصرّفه بعد الخسارة ضد إشبيلية لا يليق بمدرّب كبير، فالأخطاء التحكيميّة جزء من اللعبة، وفرق ومنتخبات عديدة خسرت بطولات كبرى بسبب هذا النوع من الأخطاء، ولم نرَ مدربيها يتصرفون كمورينيو، هذا إذا ما اعتبرنا أنّ سبب الخسارة هو الحكم حقًا، فعلى مورينيو أن يركّز أكثر على الشق الهجومي، خاصة في المباريات الحاسمة، والابتعاد عن إثارة الجدل وتقبّل الخسارة وخلق روح رياضية مرافقة للروح التنافسيّة عند لاعبيه.
أحببته أم لا، أيّدت تصرّفاته أم عارضتها، تأثّرت بشخصيّته أم نفرت منها، لا يمكن لأحد أن ينكر أن جوزيه مورينيو أو “السبيشال وان”، هو واحد من أبرز المدربين الذين مروا على تاريخ كرة القدم، رجل البطولات الذي لم يخسر في مسيرته سوى نهائيًا واحدًا، والمدرب الوحيد الذي فاز بالبطولات الأوروبية الثلاث الكبرى، دوري الأبطال والدوري الأوروبي ودوري المؤتمرات، هو الذي جعل من بورتو بطلًا لأوروبا وصنع الأمجاد مع تشيلسي وأعاد روما إلى المنصات بعد عقود، وجعل لكل من هذه الفرق هوية تتسم بوحدة الفريق والعمل الجماعي.